You are currently viewing القيادة الادارية الاخلاقية(9): القيادة التكيفية

القيادة الادارية الاخلاقية(9): القيادة التكيفية

القيادة الادارية الاخلاقية(9): القيادة التكيفية
ا.د.حمزة محمود شمخي


في الادارة التقليدية التي هضمنا منهجها مضمونا واسلوبا وفق افكار رائد الادارة الاول (Frederick Taylor )كانت الممارسة الادارية للقائد الاداري تتم وفق تراتبية متسلسلة وفق المنهج السلطوي التقليدي للقرار من قمة الهرم الى قاعدته ضمن وظيفة الاتصال النازل الفعال،وذلك في بيئة تتسم بالاستقرار والثبات وعدم الحركية وبنظرة آلية للتنفيذ.
وبسبب متغيرات بيئة الاعمال وحركيتها لم يعد العمل الاداري مرتبط بتلك التراتيبية المعيقة للتطور فقد تمكن الفكر الاداري المتطور الى ابراز منهج اداري جديد يتفاعل مع تلك المتغيرات ويضمن استمرارية العمل وديمومة منظمة الاعمال هي الادارة التكيفية.
وفلسفة هذا المدخل هو التاكيد على ان العمل الاداري يؤكد على الطبيعة الديناميكية المتغيرة لعوامل وقوى البيئة لمنظمات الاعمال، اذ يتشكل في ضوئها نجاحها واستمرارها وبقائها،فضلا” عن تحديد اهدافها ورسم خططها انما يعتمد على مدى التكيف معها بشكل سريع وذكي.
ان الادارة التكيفية هي عملية منظمة ومستمرة (تهدف لاتخاذ قرارات قوية في مواجهة حالة الشك أو عدم اليقين في النظام الإداري عبر مراقبة هذا النظام).ولأن الإدارة التكيفية تستند إلى عملية التعلم(فهي تعمل على تحسين نتائج النظام الإداري على المدى الطويل).
ولضمان ممارستها بفاعلية فان ذلك يتطلب ان يكون القائد الاداري قائدا تكيفيا مؤهلا لهذا المدخل وفق متغيرات العمل في ظل التحديات التكيفية التي تعيش في ظلها منظمات الاعمال.
والقيادة التكيفية adaptive leadership نمط قيادي فعال يمكن القائد الاداري على التكيف مع البيئة الديناميكية المتغيرة والاستجابة بفاعلية مميزة لتلك المتغيرات البيئية.لذلك فان هذا النمط القيادي يوفر(نهجا عمليا أكثر لتحديد الممارسات الشخصية والتنظيمية المتعلقة بتعبئة المنظمات حول التحديات التكيفية).ان الطبيعة الديناميكية المتغيرة لعوامل وقوى بيئة منظمات الاعمال،تحتم ان يكون العمل القيادي ضامنا لنجاح ورقي منظمة الاعمال.
ورغم ان مضمون القيادة التكيفية يعد احد المناهج القيادية الادارية المعروفة في الممارسة،الى ان الفضل في تعميق دورها حديثا يعود  الى:
 R. Heifetz ،M. Linsky and A.Grashow
في كتابهم المميز الصادر عام2009
(The Practice of Adaptive Leadership: Tools and Tactics for Changing Your Organization and the World)
ويعد R.Heifetz احد اهم المنظرين للفكر القيادي الحديث ولعلميته وتميزه كان يعمل المحاضر الاول للمرحوم الملك حسين في القيادة العامة.
ويعرض المولفون في الكتاب اعلاه وسيلة الوصول إلى(نهج إداري سليم يزود القادة بطرق تحفيز الموظفين وتطوير قدراتهم على مواجهة التحديات الصعبة).وقد وجدوا أن القادة الذين يستخدمون أسلوب القيادة التكيفية(يميلون إلى رؤية المنظمات ليس كهياكل ميكانيكية جامدة وإنما كنظم حيث يتفاعل الجميع بشكل مستمر ويؤثر بعضهم على بعض، فعندما يتغير مناخ الأعمال يجب أن يطال هذا التغيير كل من الموظفين والعمليات وأسلوب المدراء في القيادة)وهو محور اهتمام القيادة الاخلاقية.
وضمانا لتاثير القيادة التكيفية على نشاط الاعمال، توجد أربعة بدائل لها تشكل إطارا قياديا يمكن للقائد اتباعها بنجاح(وهي:
1-التنقل ضمن بيئات العمل.
2-القيادة مع التعاطف.
3-التعلم من خلال التصحيح الذاتي والتفكير.
4-إيجاد حلول ترضي الجميع).
وباستخدام هذه المبادئ،يمكِن للقادة إيجاد طرائق للاستجابة إلى بيئتهم بطريقة من شأنها تعزيز الإبداع والتوصل إلى حلول مقبوله لكل المشاكل التي تواجه الاعمال .
ورغم ان صورة الممارسة واضحة الا ان القائد التكيفي يواجه صعوبة في إحداث التغيير والعمل التكيفي في المنظمة،وذلك يرجع(لسببين:
الأول:أنه يجب عليه من أجل إحداث التغيير أن يبدأ بنفسه ويتخلى عن أنماط السلوك القديمة .
الثاني:أن التغيير التكيفي مقلقا للمرؤوسين الذين يتعرضون له،لأنه يتطلب منهم القيام بأدوار وبناء علاقات وممارسة قيم وسلوكات وطرق عمل جديدة وهذا ما يجعل كثيرا منهم يترددون في بذل الجهود والتضحيات المطلوبة).
وتشير الدراسات إن أصرار القائد على احداث رؤية ادارية جامدة فإنه يفترض أن كل شيء سيكون كما يتوقعه.ومن المؤكد ان هذا لا يحدث دائما لذا(يجب أن تأخذ رؤية القائد الصحيحة في الاعتبار تطورات غير متوقعة وتتضمن القدر المناسب من رغبة أي من العاملين في أن يكون قائدا ناجحا).
إن القدرة على التكيف ليست مجرد إحدى الكفاءات التي من الرائع أن يتمتع بها القائد ولكنها ميزة تنافسية للقائد ولمنظمته.
ان تزمت القائد بأفكاره الخاطئة وسعيه تحقيق الاهداف بأسلوب التهديد والوعيد والظلم والقسوة هي المشكلة الرئيسية التي تفتك في منظمات الاعمال،فالقيادة مهارة علم وفن وتكيف مع المتغيرات وتاثير اخلاقي في المرؤوسين بالشكل الذي يضمن رقي المنظمة وديمومتها في بيئة متغيرة وغير مستقرة.
وهذا هو جوهر القيادة الادارية الاخلاقية.