You are currently viewing قوافل النجاة

قوافل النجاة

قوافل النجاة:
بــ قلم أ.د حمزة شمخي الزبيدي


في مشهد روحاني عقائدي أبدي لا مثيل له، يتكرر كل عام هو ذلك الزحف البشري المليوني باتجاة قبلة الاحرار كربلاء الحسين، الامام الكبير والشهيد وذو العظمة والكبرياء وخامس اصحاب الكساء وثالث أئمة المسلمين،بعد الامام سيد الوصيبن والامام الحسن المجتبى.
ولان الحسين بحجم العالم فان السير باربعينية استشهاده بحجم العراق،هذا الطقس الديني الضخم يقوم على المشي لمسافات طويلة من كافة مدن العراق ، ملايين من الزائرين مستبشرة ومقتنعة ومضحية من مختلف الاجناس والاعمار ومن مختلف الجنسيات تحث الخطى سيرا على الاقدام صوب المكان المقدس.

هذا الاستذكار الروحي وبهذا الحشد الهادر.. وهذه النفوس..وهذه التجليات هي (مظاهر عجيبة في المعاني..ومعان عجيبة في المظاهر..لا يمكن لاحد الا ان يكون واقفا اجلالا لهذه الحشود) واجلالا لذكرى من سارو باتجاهه.
مسير بشري هادر بعض سائريه( يضربون على الصدور والرؤوس.. دلالات على الرفض والاستنكار لكل جريمة عبر التاريخ وقعت وواقعة الان … حزنا على الانسانية المعذبة).

هذا السير البشري على الارض اعتراف من العراق انه(معطر بدماء ابنائه،بقادته..بمرجعياته.. الذين وقفوا وتحدوا.. وخاضوا غمار هذا التغيير رغم كل محاولات التزييف ورغم كل الاعلام المضلل) هو تذكير بتضحيات مثلهم الاكبر الحسين.
وانت تراقب(المشاية) في طريق جنتهم تلاحظ كهل يمشي واخر يزحف وذو اعاقة جسدية يتحدى الشارع، باعاقته في المشي وامرأة سبعينية حافية يسابقها رجل مسن يمشي حافيا،وطفل وامراة مسنة حافية وشباب كل بطريقته،وكهل ثمانيني احدبت السنين ظهره ،يتوكأ على عكاز ،عندما سال الى اين ذاهب ،كان جوابه الروحي الى (الحبيب)هذا العشق الحسيني الابدي هو تاريخ للحاضر وحاضر للتاريخ.الكل يسير على طريق مكسو بالاسفلت بحرارة تصل الى 45درجة يتسابقون مع الزمن ليصلو الى نهاية هدفهم المقدس رغم جائحة كورونا وبلائها وقسوتها.
ماهذه الروحانية العظيمة وما هذا العشق المكبوت في الذات وما هذا الثواب الذي يسعى اليه هولاء (المشاية) وما هذا وهذا..
وفي طرق(المشاية)واختلاف مسافاتها ،انتشرت الاف مواكب الثواب على جانبي الطريق منها مواكب خاصة بالصم والبكم لتقديم خدمات الثواب في كل ساعة من منام واكل وشرب وراحة حتى ان من يجالس اهل الموكب وياكل طعامهم تمنحهم فخرا وعزة لانك أكرمت ثوابهم للحسين .وهناك من الشباب يفترشون الطريق،هناك من يحلق ومن يخبز ومن يقدم خدمات الاتصال التلفوني ومن يدلك القدم للمشاة لازالة التعب وليعيد لصاحبه قوة المشي باتجاه قبلة الاحرار كربلاء. ومبخوت من يصل الى الضريح المقدس للامام الحسين واخيه ابو الفضل العباس وتقبل زيارته .

وعندما تشاركهم زحفهم تحس براحة روحانية عظيمة راحة محاطة بالكبرياء والعظمة، لا تجد غير دافع روحاني واحد هو اعلانهم التاييد لامام معصوم واهل بيته بعد ان خسر معركة الوجود عسكريا وقدم نفسه واهل بيته شهداء،الا انه انتصر في معركة الخلود ضد الظلم نصرا عظيما لا وجود لنصر مثله ،ولم يسجل التاربخ خلودا مثل خلود الحسين ومعركة الطف .ذلك الخلود نتاج عظمة لامام ترك عظمة المدينه وراحتها وسار باتجاه العراق ،بعد ان خيروه بين الموت و نطق كلمة ،نعم فقط كلمة قلها يا ابن رسول الله واذهب الى الفقراء سالما..ولكن عنده الكلمة نور(مفتاح الجنة في كلمة ..ودخول النارعلى كلمة ..وقضاء الله هو الكلمة ..شرف الرجل هي الكلمة..الكلمة نور ..وبعض الكلمات قبور..الكلمة زلزلت الظالم ..الكلمة حصن الحرية ..إن الكلمة مسؤولية.. إن الرجل هو كلمة..شرف الله هو الكلمة).

ولولا معركة الطف وقدسية المكان الذى غطى جسد الشهيد الخالد واخيه ابي الفضل العباس،لم يكن لارض العراق هذه القدسية الكبيرة التي يعتز ويتشرف بها اهله اولا قبل غيرهم،رغم كون العراق ارض الانبياء ومركز خلافة رابع الخلفاء الراشدين الامام علي بن ابي طالب(ع).
قوافل النجاة هذه هي زحف بشري هادر،والخطوات محسوبة الثواب،زحف اساسه استذكار قدوم زينب بنت علي وعلي بن الحسين السجاد وبرفقة الأيتام وأطفال الحسين واهل بيته بالعودة إلى أرض كربلاء لزيارة شهيدهم الحسين في 20 صفر61 هـ،وهم بطريق عودتهم الى المدينة،تاريخ يتجسد الان. زينب(جبل الصبر) قديسة الزمن والتاريخ لم تلد إمرأة مثلها لا بعدها ولا قبلها.هي تاريخ
لوحدها ،كيف وقفت أمام الطغاة لتقول لهم سوف يكون التاريخ لنا.
قتل الحسين مع أتباعه وأفراد عائلته في واقعة الطف في كربلاء عام 680م(61 للهجرة)، ودفن فيها، في المكان الذي أقيمت فيه العتبة الحسينية والعباسبة المطهرة.ويقال إن المختار بن أبي عبيد الثقفي كان أول من شيد مقاما حول ضريح الحسين، في عام 65 للهجرة،واستمر تشييده على مراحل في عهد الخلفاء العباسيين ليكون قبلة للاحرار.
قوافل النجاة هذه هي تجسيد واستذكار وتحديد لطهارة وعظمة وكبرياء ونبل الامام الحسين (عليه السلام)واهل بيته وقذارة وخسة ودناءة من قتلهم.

آجرنا الله واياكم باربعينية الحسين.