سعر النفط وتوقعات السوق

 

سعر النفط وتوقعات السوق

أحمد إبريهي علي 
  

ما نبينه في هذه المقالة يعتمد على احدث المعلومات المنشورة وتنحصر المعالجة في سوق النفط ، عرضه والطلب عليه واسعاره ، وذلك لمواكبة حركة السوق واين يتجه. ومن المعلوم ان التقلبات الحادة في الأسعار من خصائص اسواق السلع الأولية ومنها النفط والذي تعتمد حياتنا الأقتصادية، في العراق، على سعره في سوقه الدولية التي لا نتحكم بها.
كان سعر النفط خلال عام 2015 قد تحرك صعودا، لأقرب دولار، من 44 في كانون الثاني ليرتفع إلى 62 في مايس ثم انتكس مجددا ولم تظهر بوادر تحسن لحد الآن. إذ تفيد احدث البيانات، المنشورة في 26 من تشرين الثاني ، ان سعر نفط سلة اوبك للبرميل بالمتوسط لهذه السنة 51 ، وفي تشرين الأول 45 ، وإنخفض في تشرين الثاني إلى 41 ، ولآخر اسبوع 39 دولار.
ويقدر نمو الناتج المحلي الأجمالي في العالم عام 2015 ،حسب تقرير مشهد الأقتصاد العالمي لصندوق التقد الدولي، تشرين الأول، 3.1 بالمائة وللعام القادم 3.6 بالمائة تقريبا، وهناك تقديرات اخرى بين 2.8 بالمائة و3 بالمائة بالأستناد إلى فرضيات مغايرة لما إعتمده الصندوق في تقريره والذي كان عنوانه الثانوي ” التكيف مع سعر منخفض للسلع الأولية”. ولا يتوقع التقرير تحسنا في سعر النفط للعام القادم، وينسجم استمرار تدني الأسعار في تشرين الثاني، المبين آنفا، مع هذا المنحى في التوقعات . بيد ان مسار العرض النفطي في الأشهرالأخيرة يشير إلى إمكانية إنتعاش السعر كما سيتبين.
ومن المعروف ان نمو الطلب على النفط يعتمد على نمو الناتج العالمي اضافة على اثر اسعار الطاقة البديلة وعوامل اخرى مبحوثة في محلها. وايضا، تنخفض كثافة الطاقة لوحدة الناتج المحلي في العالم سنويا بمعدل 1.8 بالمائة تقريبا. ولذا يبقى معدل نمو الطلب على النفط يدور حول 1.2 بالمائة سنويا مع تلك المديات من نمو الناتج العالمي. ويأتي الطلب الأضافي على النفط من الدول النامية والناهضة، لأن مجموعة دول منظمة التعاون الأقتصادي والتنمية يتناقص طلبها على النفط بالمجمل، ويفسر ذلك التناقص بالتغيرات العميقة في بنية الناتج، ومنها الأنحسار النسبي للأنتاج السلعي لصالح الخدمات بالمعنى الواسع، من جهة وللتوسع في استخدام التكنولوجيا المقتصدة بالطاقة من جهة اخرى.
وتسهم الدول النامية والناهضة في دفع النمو العالمي بأكثر من وزنها الأقتصادي النسبي، وللصين والهند دور كبير في هذا المضمار. ولذا يرتبط مستقبل سوق النفط بالبلدان النامية والناهضة اكثر فأكثر. ومن سنة 2015 أظهرت الهند استعدادا عاليا لتعجيل تطورها الأقتصادي بل وتتفوق على الصين في سرعة النمو، وتفيد التقديرات المستقبلية للمدة بين عامي 2016 و 2025، التي نشرها كونفرنس بورد، أنها سوف تحافظ على زخمها التنموي.
اما الطلب العالمي على النفط فيقدر عام 2015 بالمتوسط 92.86 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن يزداد بمقدار 1.25 مليون برميل يوميا ليصل الطلب عام 2016 بالمتوسط 94.14 مليون برميل في اليوم إستنادا إلى تقرير تشرين الثاني لسوق النفط الذي تصدره اوبك.
ويقدرعرض النفط عام 2015 من خارج اوبك 57.24 مليون برميل يوميا، بما فيها النفوط غير التقليدية من الولايات المتحدة وكندا، متضمنا زيادة مقدارها 0.72 مليون برميل يوميا عن مستواه في العام السابق، وهي من بين العوامل التي اسهمت في زيادة فائض العرض وتدهور السعر. وتفيد التوقعات عدم زيادة العرض مجددا من خارج اوبك بل سينخفض قليلا ليكون 57.11 مليون برميل يوميا عام 2016. وايضا، يقدر الغاز الطبيعي المسيل، وهو بحكم النفط الخام، من اوبك في العام القادم 6.18 مليون برميل يوميا، وبذلك يقدر الطلب على نفط اوبك الخام 30.85 مليون برميل يوميا عام 2016، وهو ادنى من حجم الأنتاج الحالي لدولها والذي يقدره التقرير الشهري آنف الذكر، من مصادر ثانوية، 31.38 مليون برميل يوميا في تشرين الثاني من هذا العام. ولكن على الرغم من الزيادة المتوقعة في انتاج اوبك للعام القادم يتجه الفائض في سوق النفط العالمي نحو الأنخفاض والذي يعود اساسا إلى توقف زيادة العرض من خارج اوبك كما سلف. ومن جهة اخرى اصبحت اوبك اكثر تأثيرا في السوق، وإذا تعاونت روسيا معها تزداد قدرة المنتجين على التحكم بالسعر او زيادته لحين تجاوزه الكلفة الكلية الحدية ( كلفة الأستثمار والتشغيل لأنتاج برميل اضافي) للنفوط غير التقليدية.
وأظهرت شبكة سعر النفط في 26 تشرين الثاني سعر البرميل لنفط غرب تكساس الأمريكي 43 دولار ، ونفط برنت 46 دولار، لأقرب دولار. ما يفيد ان سعر النفط العراقي هذه الأيام لا يبتعد عن 40 دولار للبرميل وهو المعتمد في الموازنة للسنة القادمة. ونشرت شبكة سعر النفط توقعا لسعر غرب تكساس 49 دولار للبرميل بعد مرور سنة من الآن. ونشر موقع بار جارت السعر المستقبلي لنفط برنت 52 دولار للبرميل في تشرين الثاني من العام القادم. وهذه المؤشرات تعزز ما توصلنا إليه من مراجعة السوق في وجود دلائل على إمكانية تحسن السعر. د. احمد إبريهي علي