أخلاقيات الوظيفة العامة

 

أخلاقيات الوظيفة العامة- د.نجلاء فتحي عبده

 

 يعتبر موضوع أخلاقيات الوظيفة العامة من الموضوعات المعاصرة والتى تكتسب أهميتها بإعتبارها تمثل من ناحية الأداة المناسبة للحيلولة دون حدوث الظواهر المختلفة للفساد الإدارى، من قبيل الرشوة والمحسوبية والتربح الشخصى، كما أن الأخلاقيات الإيجابية من ناحية أخرى تسهم فى تحقيق أهداف المنظمات المختلفة بكفاءة وفاعلية.

   وتعنى الأخلاق الالتزام بالأشياء الصحيحة ورفض الأشياء الخاطئة من وجهة نظر المحيطين بالفرد، سواء المستفيدين الداخليين أو الخارجيين من المنظمة، ويتأثر الإدراك والحكم على صحة الأشياء من عدمها على عوامل عديدة مدركة وغير مدركة، ويؤدى التباين فى إدراك الأشياء والحكم على صحتها من عدمه إلى دفع إدارة المنظمات إلى إيجاد وصياغة دليل أخلاقى إرشادى يحتكم إليها الرئيس والمرؤوس فى المنظمة والمستفيدين الداخليين والخارجيين، وتدرب المنظمات أعضائها بشكل مباشر أو غير مباشر على الالتزام بها أثناء أداء واجباتهم الوظيفية.

   وتعرف الأخلاقيات بأنها ” مجموعة المعايير أو قواعد السلوك التى تم تنميتها من خلال الممارسة أو الخبرة الإنسانية التى يمكن فى ضوئها الحكم على السلوك بإعتباره صواباً أو خطاً، خيراً أو شراً من الوجهة الإنسانية”.

   أما الوظيفة العامة فتعرف بأنها ” الإصطلاح المستخدم المعبر عن المركز القانونى الذى يضم الأشخاص القائمين بالعمل العام والذين يطلق عليهم الموظفون العموميون”.

   وذهب غالبية الفقهاء المصريين إلى تعريف الموظف العام بأنه ” كل شخص يعهد إليه بعمل دائم في خدمة أحد المرافق العامة يتولي إدارتها الدولة أو أحد أشخاص القانون العام الإقليمية أو المرفقية ، وذلك بتولي منصباً دائماً يدخل في نطاق التنظيم الإداري للمرفق”.  

   وبالتالى يمكن تحديد مفهوم أخلاقيات الوظيفة العامة بأنها ” القواعد والمبادئ والقيم والمعايير التي تعتبر أساساً لسلوك العاملين المحمود والمستحب والتي يجب عليهم الالتزام بها وعدم الخروج عنها”.

   ومن أهم الأسباب التى تؤدى إلى الممارسات غير الأخلاقية فى الوظيفة العامة :

–      ضعف رواتب ودخول الموظفين العموميين.

–    تمتع الموظفين بحرية واسعة فى التصرف وعدم خضوعهم لمساءلة فعالة.

–   تعقد وتشابك وطول الإجراءات وصعوبة الحصول على الخدمات المطلوبة.

–     سوء إختيار وتعيين الموظفين منذ البداية .

–   غياب التدريب فى مجال السلوك والممارسات الأخلاقية.

–   عدم وجود ميثاق أخلاقى أو لائحه أخلاقية تحكم عمل الموظفين.

–  ضعف الدور الرقابى الذى يقوم به الجمهور أو الأطراف التى تتلقى الخدمة.

–   وجود ثقافة وقيم مؤسسية تدعم الممارسات غير الأخلاقية.

–   إحاطة الممارسات والقرارات الحكومية بالسرية والغموض بما يحول دون معرفة المعايير والضوابط والأسس التى قامت عليها هذه القرارات.

–   عدم موضوعية نظم الترقيات .

–   غياب دور الرؤساء المباشرين من تفتيش ومتابعة …الخ .

– غياب الدور الذى تقوم به وسائل الإعلام فى بث القيم الأخلاقية كالإنتماء وفلسفة المصلحة العامة.

    وفى إطار الحديث عن ضرور خلق مناخ للأخلاقيات يمكن الإشارة إلى أهمية مدونة السلوك الوظيفى وأخلاقيات الوظيفة العامة لترسيخ القيم الأخلاقية وهى وثيقة تصدرها الدولة وتتضمن مجموعة من القيم التى تتبناها المنظمات على اختلاف انواعها فى توجيه وممارسة العاملين فى أدائهم لأعمالهم والتى تساعدهم فى مواجهة القضايا والمشكلات التى تعترضهم أثناء أدائهم الأعمال الموكلة إليهم.

  وتضمن المدونة الأخلاقية من خلال الوظائف الايجابية التى تضطلع بها فى خدمة المنظمة مايلى:

–        إن المدونة الأخلاقية فى مجال الوظيفة العامة تنمى الاهتمام بالجوانب والمشكلات الأخلاقية لتحقيق الموازنة فى الاهتمام بين الجوانب المادية والأخلاقية.

–        إن المدونة الأخلاقية تساهم فى تطوير مهنة العاملين فى الوظائف العامة، حيث أن القواعد والمبادىء الأخلاقية هى بمثابة القسم الأخلاقى.

–        إن المدونة الأخلاقية التى يسترشد بها جميع العاملين تؤدى إلى التجانس والوحدة والتوافق الأخلاقى لجميع العاملين.

–        إن المدونة الأخلاقية تحمى العاملين من ضغوط الجهات الأعلى لارتكاب ما يخالف قيم ومبادىء المرونة.