You are currently viewing الحكومة الجديدة والاقتصاد:

الحكومة الجديدة والاقتصاد:

الحكومة الجديدة والاقتصاد:
 بقلــــم ا.د.حمزة محمود شمخي


 ان عماد الدولة الحضارية هو إقتصادها الذي يضمن الرفاهية،وبدون ذلك تفقد هيبتها امام شعبها.
ومن المؤكد ان سبب كل مشاكلنا الاجتماعية هو تردي اقتصادنا بشقيه الكلي والجزئي الذي رافق مسيرة الدولة من بداية التغيير ولحد الان،والسبب ليس في الاقتصاد ذاته ومنظومته،بل في الادارة التي تحملت مسؤولية القرار الاقتصادي،حيث كانت ضعيفة وغيرجادة ولربما تجاهلت عمدا التخطيط نحو تطويره وتنميته،وهم يعرفون ان أرض العراق(فضة وذهب)مما عمق ولازال ظاهرة الفقر والجوع وزيادة الطبقات الهشة وتدني المستوى الصحي وتردي منظومة التربية والتعليم بشكل غير مسبوق في بلد ينظر له من البلدان الغنية.
والاقتصاد كمفهوم هو(الطريقة المناسبة للاستفادة من الموارد واستغلالها،وفقا للنمط الذي يناسب المجتمعات وحاجاتها،فيحرص الاقتصاد على إيجاد أفضل البدائل المُناسبة لمعالجة الموارد القليلة، ويسعى إلى تفسير الظواهر الاقتصادية وتوقع الأحداث المؤثرة في مستقبله).
وتعد قاعدة الاستهلاك والادخار اساس للحركة الاقتصادية ونشاطها،وتاثيرهما المباشر في رفاهية الدول،واساس تكوين هاتين القاعدتين هو الدخل.
وتشكل هذه القواعد(ثلاثية)مهمة للاستقرار والرفاهية الاقتصادية.
فالدخل على مستوى الدولة هو الناتج القومي لها وكمعنى عام هو(الخدمة أو المنفعة الناتجة عن رأس المال أو العمل).وتنظم الدولة توزيع ذلك الدخل وتخصيصه من خلال الموازنة العامة التي تعد أهم وثيقة لحركتها التشغيلية والاستثمارية.
اما الاستهلاك هو مقدار ما يصرف من الدخل لاشباع الحاجات.ومقداره سلوك وثقافة تنظمه وتنضجه حزمة من المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية،وفي اهميته هو متغيرفي (تركيب البنيان الاقتصادي وفي تحريك العجلة الاقتصادية،إذ إن الاستثمارات وفرص العمل هما أمران متعلقان بحجم الطلب الكلي على السلع 
والخدمات).
ويقصد بالادخار(حفظ السيولة لأغراض الاستخدام على المدى القصير).فالقطاع الإنتاجي في اي دولة( يستطيع زيادة استثماراته عن طريق ادخارات الأفراد)ولذا فالادخار جوهر عملية الاستثمار لضمان التنمية.وهو الضامن لتحسين مستوى معيشة المجتمعات وزيادة الثروات سعيا لتنمية الناتج المحلي.
وعند قرائتي لسورة الاسراء المباركة
{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا}(29)
فقد أثارني الفضول لتحليل هذه الآية الكريمة وربطها مع الثلاثية اعلاه لما تحويه من منهج اقتصادي،يضمن المستقبل لاي دولة بشكل لا يمكن تصوره،فالآية توجيه إلهي لتوزيع الدخل بطريقة منضبطة.
وفي هذه الآية دعوة صريحة(لترشيد الإنفاق،وهذا في صالح كمية الادخار المتبقي من الدخل بعد الاستهلاك)الذي يضمن مستقبل الاقتصاد فهي تبررالإنفاق المعتدل الذي(يُثرى حركة الحياة ويسهم فى إنمائها ورقيها خلاف القبض والإمساك فإنه يعرقل حركة الحياة،فلابد من الإنفاق لكى تساهم فى سير عجلة الحياة ولابد أن يكون الإنفاق معتدلا لتبقى على شىء من دخلك لتستطيع أن ترتقى به فى الدنيا فالمبذر تجده في مكانه لايتقدم خطوة واحدة)وهذه قاعدة اقتصادية.
والاية الكريمة توصي ان يكون الادخار رشيدا، فزيادته يؤدى الى الركود الاقتصادي مسببا تعطيل النمو،ومع دور الاستثمارفي زيادة الانتاج فان وجود(استثمار قوي سوف يؤدي الى ظهور انتاج له وبالتالي الحاجة لتصريفه حتى يستمر بنفس القوة،وعليه يكون الرجوع الى الاستهلاك كوسيلة ثابتة لديمومة النمو) مما يعني ان الاستهلاك والادخار هما جوهر التنمية الاقتصادية ورفاهيتها.
اما اليد المغلولة الى العنق(كناية عمن لايعطي ولا يهب شيئ لبخله وشح نفسه)والعكس في ذلك فان بسط اليد(كناية عن الأسراف في الأنفاق والأفراط فيه).
وبهذا التنظيم الألهى نضمن(سلامة حركة الحياة ونضمن الارتقاء الاجتماعى)ونضمن العدالة الاجتماعية في المجتمع.
وتؤثر التربية والتعليم(على السلوك الاستهلاكي واستيعاب برامج الترشيد الاستهلاكي والسلع البديلة وتفاعله بايجابية مع الاحتياجات الفعلية للسلعة كما وكيفا).والافراط بالاستهلاك يؤدي الى(تقليص حجم الفائض اللازم لتمويل الاستثمارات الجديدة التي تعمل على زيادة الطاقة الانتاجية للاقتصاد،وهذا مهم للارتباط الشديد بين الاستهلاك والهدف النهائي للنشاط الانساني ككل الذي يتمثل في تحقيق اكبر قدر من الرقي.
وعند مناقشة سلوك الدولة فان المطلوب هو تحقيق التوازن في الدخل عند توزيعه،وعدم تحقيق ذلك يؤدى الى(انتقاص حركة الحياة لأن حركة الحياة تنشأ من القيام عليها،والقعود يدل على عدم القدرة على القيام ومواجهة الحياة وهو وضع يناسب من أسرف حتى لم يعد لديه شىء).
وبناء على ماسبق فان الحكومة الجديدة ملزمة بعدم التفريط بالدخل وترشيد الاستهلاك وإدخار الفائض عن حاجاتها والالتزام بالقضاء على الفقر والجوع وضمان الصحة المجتمعية.وهذا يتطلب تعزيز ثقافة الترشيد بالدخل لضمان الخبز للجميع وضمان مستقبل الاجيال.