السؤال عن مقدار سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الدينار العراقي الذي سيعتمد في موازنة 2022 هو ما اعتدنا سماعه باستمرار من قبل الكثير من المتفائلين ، ونقول متفائلين لأننا سنجتاز الشهر الرابع من السنة المالية ( العراقية ) الحالية ولا تزال الأمور تدار من قبل حكومة تصريف الأعمال ، ورئيس الجمهورية الحالي مجهول المصير من حيث مشروعية بقائه ومصادقته على القوانين التي يشرعها البرلمان او وجوب تغييره بالطريقة التي نص عليها الدستور ، إذ لم يتم انتخاب وتحديد رئيس الجمهورية لحد اليوم بسبب الثلث المعطل الذي يعني شرعية اختياره بجلسة يحضرها أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب وغيرها من الأمور ، والموازنة كما هو معروف هي أداة لتنفيذ البرنامج الذي تضعه الحكومة ويصادق عليه مجلس النواب ، والحكومة التي يجب أن تنبثق من انتخابات 10\ 10 \ 2021 لم تشكل بعد لذا لم يحدد رئيسها كما لم تعلن حقائبها وبرامجها وأي من تفاصيلها بعد ، وباختصار شديد فان الآمال بإقرار موازنة اتحادية لهذا العام تضعف احتمالاتها يوما بعد يوم ، ففي حسابات الزمن سوف لم يبقى من عمرها الكثير بعد انتخاب الرئيس ومباشرة مجلس الوزراء الجديد بعمله الفعلي ، ومن أدلة ضعف هذا الاحتمال هو اللجوء لإصدار قوانين تحوي التزامات مالية للحصول على صلاحيات للصرف تتجاوز سقوف موازنة 2021 نظرا لغياب موازنة 2022 .
وكما هو معروف للجميع فان سعر الصرف المعتمد حاليا البالغ ١٤٥٠ دينار لكل دولار وهو ما اعتمدته موازنة 2021 ، ومن الناحية الرسمية فان هذا السعر قد تم بقرار من قبل البنك المركزي كونه جهة مستقلة وذات الاختصاص بأسعار الصرف بموجب إحكام الدستور ، وتغيير سعر الصرف الحالي ليس له علاقة بأعداد الموازنة الاتحادية لان وزارة المالية التي تتولى أعداد الموازنة تضع تخمينات للإيرادات والنفقات استنادا لسياقات تعمل بموجبها وعليها إن تعتمد سعر الصرف الحالي ، وهي تؤيد بقاء سعر الصرف الحالي لعدة مسوغات منها تذبذب أسعار النفط وعدم استقرار الوضع دوليا ، ويعني ذلك أن أية موازنة ستتم صياغتها لعام ٢٠٢٢ ( وهذا أمر مشكوك فيه ) ستعتمد السعر دون أي تغيير ، وهذا ما أكدته وكيلة وزارة المالية في تصريح رسمي قبل أيام ، وهناك من يعتقد بان باستطاعة السياسيين الضغط باتجاه تغيير سعر الصرف الحالي بما يقوي قيمة الدينار او إرجاع أسعار الصرف السابقة ، وهو ما يعول عليه البعض لان اغلب الكتل السياسية التي دخلت الانتخابات رفعت مثل هذا الشعار ، يساندها بذلك وجود الكثير من البراهين التي تؤكد بان تغيير سعر الصرف اضر بالكثير وان أهدافه المعلنة في التخوف من إفلاس الدولة لانخفاض أسعار النفط و إيقاف التهريب ودعم المنتج المحلي او سواها لم تتحقق عمليا لعدة أسباب .
ومن وجهة نظرنا ، فإن سعر الصرف الحالي سيبقى على وضعه دون أي تغيير ، لان الجهات التي علاقة بالأمر تمتلك كثيرا من التبريرات لإبقائه على ما هو عليه ، فالبنك المركزي يتحجج باتفاقه مع البنك الدولي وصندوق النقد في سريان التغيير الذي لم ينتهي أمده بعد ، والحكومة الحالية أخذت تصرح أنها عوضت الفقراء والضعفاء بفقرات تدعم البطاقة التموينية والحماية الاجتماعية ومحدودي ومعدومي الدخل ، ومن يعولون عليهم من السياسيين سيقولون أنهم بذلوا المحاولات ولم تفلح هذه السنة لما فيها من تعقيد ومتغيرات وربما سيتم التعديل في القادم من السنوات ، كما ستظهر أراء لخبراء ومستشارين يدعمون سياسة ثبات سعر الصرف لما يسببه تغييره من أضرار على ( متانة ) الاقتصاد الوطني و( سمعة ) الدينار ، والخلاصة بأنه من المستبعد أن يتم تغيير سعر الصرف الحالي في القادم من الأيام ، حتى وان اثبت الكثير بعدة أدلة وبراهين بان تغيير سعر الصرف كان الشرارة التي حرقت الأسعار في الأسواق المحلية للسلع والخدمات ، لأنها حركت ( سلبا ) الأوضاع التي تعودوا عليها بما يضاعف أعداد المتضررين في الداخل والخارج وان التعويض بإجراءات بدون تغيير أسعار الصرف لا يداوي كل الجروح ، ومن المتوقع إن تكون العودة بأسعار الصرف تشكل مطلبا وأمنيات لأغلب العراقيين ، وان كان من غير المرجح أن يكون من منجزات 2022 .

المصدر