تحليل العلاقة بين مؤشرات الحرية الاقتصادية والإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج

(بلدان مختارة)

اطروحة تقدّم بها

جعفر عبد الأمير عزيز الحسيني

إلى مجلس كلية الادارة والاقتصاد – جامعة كربلاء

 وهي جزء من متطلبات نيل شهادة دكتوراه فلسفة في العلوم الاقتصادية

      بإشــراف

الأستاذ المساعد الدكتور عامر عمران المعموري الأستاذ الدكتور حميد عبيد عبد

من خلال تجارب العديد من البلدان تبيّن أن التطرف والغلوّ, سواءً في تبنّي الحرية الاقتصادية أو في رفضها, كان له انعكاسات سلبية على كفاءة أداءها الاقتصادي, الأمر الذي دعا إلى إعادة النظر بدور الدولة, وأوجد جدلاً واسعاً ومستمراً حول ماهية الحدود المثلى للحرية الاقتصادية التي يمكن أن تتحقق ضمنها الكفاءة في الأداء الاقتصادي. وبالتوازي مع هذا الجدل المستمر, كان التعاظم المتواصل في آلة الانتاج والتنامي المتسارع في ظاهرة عولمة الاقتصاد, قد برّز مفهوم الاستدامة في النمو كهدف استراتيجي, وحوّل التركيز, في الجهود المبذولة لرفع القدرة التنافسية وزيادة معدلات النمو, نحو تحسين كفاءة الأداء بدل الاعتماد وفرة الموارد, الأمر الذي أظهر إلى السطح مفهوم الانتاجية الكلية لعوامل الانتاج Total Factor Productivity (TFP) كمعيار لتقييم مستوى الكفاءة في الأداء الاقتصادي, وأساس لتحقيق الاستدامة في النمو الاقتصادي.

لقد ولّد هذا الواقع الجديد انطباعاً بوجود علاقة وترابط عضوي بين الحرية الاقتصادية والانتاجية الكلية لعوامل الانتاج, وكان النجاح النسبي لبعض التجارب الليبرالية في تحقيق مستويات عالية من الانتاجية الكلية قد روّج للحرية الاقتصادية والاعتقاد بتأثيرها الايجابي في هذا المجال, وأعطى المنظمات الدولية المعنية المبرر لتبنّيها مبدأ الانفتاح الاقتصادي كأساس لرفع الكفاءة في الأداء.

وقد تم تخصيص هذا البحث لقياس وتحليل هذه العلاقة نظراً لأهميتها في تحديد النهج الذي يمكن أن تعتمده الدولة في إدارتها للاقتصاد. وينطلق البحث من افتراض وجود علاقة موجبة بين كل من الحرية الاقتصادية (كمتغير مستقل), والانتاجية الكلية لعوامل الانتاج (كمتغير تابع), ولغرض التحقق من صحة هذا الافتراض من عدمه تم تقسيم البحث إلى ثلاثة فصول, فضلاً عن المقدمة والاستنتاجات والتوصيات, وقد تناول الفصل الأول الاطار النظري للحرية الاقتصادية, بينما تناول الفصل الثاني الجوانب النظرية للإنتاجية الكلية لعوامل الانتاج, في حين تم تكريس الفصل الثالث لبحث الجوانب التطبيقية لثلاث حالات دراسية (كندا, مصر, ماليزيا), ومن ثم بحث إمكانية توظيف النتائج في حالة العراق.

ولعل أبرز الاستنتاجات التي تم التوصل إليها من خلال البحث هي وجود علاقة ضعيفة (غير معنوية إحصائياً) بين الحرية الاقتصادية والانتاجية الكلية لعوامل الانتاج, وبالتالي فإن المناط في رفع مستوى الانتاجية الكلية لا يتعلق بحجم الدور الذي تقوم به الدولة في الاقتصاد, وإنما في طبيعة هذا الدور ومدى ملائمته للحالة المعنية. وقد خرج البحث بعدّة توصيات, كان أبرزها ضرورة استهداف مستويات معينة للانتاجية الكلية, تشمل القطاعين العام والخاص, ويتم العمل على تحقيقها بشكل تدريجي, ضمن استراتيجية واضحة المعالم.