You are currently viewing وكالات التصنيف الائتماني … ماذا تقدم من خدمات؟ وكيف تجني أموالها؟

وكالات التصنيف الائتماني … ماذا تقدم من خدمات؟ وكيف تجني أموالها؟

وكالات التصنيف الائتماني … ماذا تقدم من خدمات؟ وكيف تجني أموالها؟
بقلم طالب الدكتوراه: لؤي علي محمود

في هذه المقالة سنركز على النقاط التالية:

  • ماهي وكالات التصنيف الائتماني الثلاثة الكبرى.
  • كيف تعمل وكيف تجني الأموال؟
  • ماهي المعايير المتبعة في تصنيفاتها؟
  • ما هو السر وراء قوتها ونفوذها؟

وكالات التصنيف الائتماني هي شركات خدمات مالية تصدر تصنيفات ائتمانية، وهي آراء حول الجدارة الائتمانية لمصدري الأوراق المالية (السندات)، إذ تقوم بتعيين التصنيفات الائتمانية، والتي تُقيِّم قدرة المدين على سداد الديون عن طريق سداد مدفوعات الفائدة في الوقت المناسب واحتمال التخلف عن السداد.

فهي مؤسسات تعطي للدول تصنيف مقارنة بالدول المثيلة لها، على سبيل المثال تصنف الدول الى دول قادرة على سداد مديونيتها ودول لديها مخاطرة في سداد مديونيتها ودول تخلفت بالفعل بسداد مديونيتها. تقوم مؤسسات التصنيف هذه بإعطاء علامات للدول والشركات الذين يصدرون سندات، وهذا بدوره يؤدي الى تأثّر المستثمرين والمتداولين بهذا العلامات بقوة ويؤثروا على صعود ونزول عوائد هذه السندات.

  توجد ثلاث وكالات كبرى للتصنيف الائتماني حاليا تهيمن على أكثر من 92% من سوق التصنيف في العالم، وهي موديز Moody’s وتأسست سنة 1909، وستاندارد آند بورز S&P وتأسست سنة 1941، وفيتش Fitch وتأسست سنة 1913، هذه الثلاثة مؤسسات تقوم بتقييم الديون فقط (قدرة الدولة أو الشركة الطارحة للديون على السداد) وليس أي استثمار آخر.

هذه التصنيفات تتم كالتالي: الدول ذات الملاءة المالية المرتفعة جدا مثل الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وقطر يضعون أمامهم علامة AAA وبعض المؤسسات تعطي Aaa ليس هناك فرق كبير، جميعها تعني   Top Rating، ويبدأ يتدرج التقييم للأسفل لبقية الدول بناءً على تدهور العوامل الاقتصادية، وعندما نصل للمستوى BBB الذي يعني ان الدولة أو الشركة لاتزال قادرة على سداد مديونيتها ولكنها معرضة لمخاطر التخلف عن السداد أكثر من أصحاب المستوى AAA.

التصنيف بين AAA و  BBBيسمى تصنيف استثماري Investment Rating ، بمعنى انه بإمكاننا ان نقرض هذه الدول ونحن مطمئنين بدرجة كبيرة من ناحية دفع الفوائد إضافة لأصل القرض بموعده.

  عندما ننزل قليلاً نصل لمستوى BB ثم B بعدها CCC ثم CC ثم C كل هذه التصنيفات تسمى تصنيفات مضاربية Speculative Ratings ، حيث ان المخاطرة هنا ترتفع جداً بمعنى ان هذه الدول لا تستطيع سداد الفائدة أو الأصل أو الاثنين معاً، أي انها ستتعثر عن السداد.

ولو حصل وتعثرت دولة ما عن السداد سوف تأخذ تصنيف معروف جداً وهو D أي Default.

   كيف تعمل هذه المؤسسات: الشركات والدول تتعاقد مع مؤسسة التصنيف لكي تقوم الأخيرة بتقييمها وإعطاءها درجة تصنيف، وعلى أساس هذا الدرجة تقوم الدولة أو الشركة بالحصول على القروض، فعندما تقول مؤسسة التصنيف ان الدولة المعينة أو الشركة المعينة جيدة وقادرة على الدفع هذا سوف يفتح لها أبواب القروض وبتكلفة منخفضة بناءً على جدارتها الائتمانية العالية.

كلما نزل مستوى التصنيف كلما زادت أسعار الفائدة على القروض فمؤسسات التصنيف الثلاثة الشهيرة وظيفتها انها تأخذ أموال من الدول والشركات لغرض تقييم أوضاعهم الائتمانية هل هم قادرين على السداد في حالة الحصول على قروض أم لا؟

بالمقابل أصحاب الفائض (مستثمرين وبنوك استثمار) عندما يشاهدوا تقارير مؤسسات التصنيف يبنون قراراتهم بناءً على هذه التقارير.

   تتم هذه التقييمات بواسطة محللين لديهم خبرة كبيرة في أسواق المال يقومون بإجراء دراسات عن أوضاع هذه الدول أو الشركات وهذه المؤسسات تتفاوض مباشرة مع الدولة التي تريد ان يتم تصنيفها، أي اتفاق سري للبيانات حيث ان الدول التي تطلب تقييم قد تعطي مؤسسة التصنيف بيانات غير متاحة لباقي الناس بالتالي هذه المؤسسات ستكون لديها معلومات دقيقة جداً عن وضع الدولة الحالي والمتوقع في المستقبل.

ماهي المعايير المتبعه في التصنيف: من أجل الحكم على ان هذه الدولة جيدة أم لا؟ أي انها من فئة AAA أو BBB أو CCC هناك ثلاثة معايير كبرى وهي:

أولا: المعيار السياسي: ما هو نظام الحكم؟ واستقرار الدولة السياسي لأن السياسة هي أساس الاقتصاد.

ثانياً: صداقة الدولة مع دول أخرى: أو وجود دول داعمة، فلو تدهورت الدولة اقتصادياً وظروفها السياسية ليست جيدة ولكن لديها أصدقاء قادرين على مساندتها أوقات الازمات هذا من شأنه أن يرفع من تصنيفها ائتمانيا.

ثالثا: المعيار الاقتصادي:

  1. عوامل الاقتصاد الكلية: العجز في الموازنة الخارجية والداخلية، التضخم، النمو وغيرها.
  2. دخل الفرد: أي حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كلما ارتفع دخل الفرد كلما زاد تمويله للدولة عن طريق الضرائب وغيرها.
  3. الناتج المحلي الإجمالي كنمو وليس كرقم: لأن قدرة الدولة سداد مديونيتها تأتي من زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
  4. معدل التضخم: وعلاقته عكسية مع مستوى التصنيف الائتماني، لأنه يؤثر على قدرة الفرد الشرائية.
  5. العجز في موازنة الدولة: العجز الداخلي يؤدي الى طباعة النقود وظهور التضخم، والخارجي هو الفجوة بين الصادرات والواردات اذ باتساعها تتسع الاستدانة الخارجية وبالتالي زيادة إحتمالية التعثر.
  6. نسبة الدين الخارجي: زيادته تفسر انه تراكم سنة بعد سنة أي ان الدولة تعاني من مشاكل اقتصادية.

هذه المؤشرات تعتبر القلب النابض لمؤسسات التصنيف.

ما هو السر وراء قوة هذه المؤسسات؟؟

تكمن قوة وكالات التصنيف الائتماني في قدرتها على التأثير على الأسواق المالية وتشكيل تصورات المستثمرين عن مخاطر الائتمان. ومن ابرز العوامل المساعدة هي:

  1. الاستقلالية والخبرة: يُنظر إلى وكالات التصنيف الائتماني على أنها كيانات خارجية مستقلة لديها خبرة في تقييم مخاطر الائتمان. غالبًا ما يعتمد المستثمرون والمقرضون وغيرهم من المشاركين في السوق على تصنيفاتهم كمصدر موثوق للمعلومات.
  2. قبول السوق: أصبحت وكالات التصنيف الائتماني راسخة بعمق في النظام المالي ويتم قبول تصنيفاتها على نطاق واسع كمعايير للجدارة الائتمانية. تعمل تقييماتهم كلغة مشتركة للمستثمرين والمشاركين في السوق لتقييم ومقارنة مختلف المُصدرين أو الأدوات المالية. ونتيجة لذلك ، فإن تقييماتهم لها تأثير كبير على تصورات السوق وسلوكياته.
  3. 3-   التأثير التنظيمي: العديد من اللوائح والقوانين تدمج التصنيفات الائتمانية في أطرها. على سبيل المثال ، قد تطلب الهيئات التنظيمية من أنواع معينة من المؤسسات المالية الاحتفاظ بمستوى أدنى من الأوراق المالية ذات التصنيف العالي .
  4. البنية التحتية للسوق: تعمل وكالات التصنيف الائتماني كجزء من البنية التحتية للأسواق المالية. أنها توفر المراقبة المستمرة للكيانات المصنفة، وإصدار تحديثات دورية ومراجعات للتصنيفات. يساعد هذا التدفق المستمر للمعلومات المستثمرين على البقاء على اطلاع بالتغيرات في مخاطر الائتمان وتعديل قراراتهم الاستثمارية وفقًا لذلك. يساهم وجود الوكالات في السوق وتقييمها المستمر للجدارة الائتمانية في تعزيز قوتها وتأثيرها.

أخيرا يمكننا القول ان ثقة الدول والشركات تأتي من رغبة مؤسسات التصنيف بالاستمرار، أي ان الثقة هي مصدر دخلها، فهي مؤسسات خاصة تأخذ دخلها من الدول التي ستقترض. فبالتالي لو حصل ان تقارير مؤسسات التصنيف فقدت مصداقيتها في تقاريرها فان دخلها سيتوقف، فهي مصلحة خاصة بحتة.

  من الجدير بالذكر هنا أن وكالات التصنيف الائتماني واجهت انتقادات في الماضي، لا سيما خلال الأزمة المالية لعام 2008، لدورها في تقديم تقييمات مفرطة في التفاؤل بشأن بعض المنتجات المالية المعقدة، وقد أدى ذلك إلى إصلاحات تنظيمية تهدف إلى تحسين الشفافية والمساءلة والجودة الشاملة للتصنيف الائتماني.

المصادر:

  1. Kruck, A., (2011), Private Ratings, Public Regulations: Credit Rating Agencies and Global Financial Governance. New York: Palgrave Macmillan.
  2. Moody’s Investors Service, Moody’s Rating Symbols & Definitions, Moody’s Investors Service, NY, 2022.
  3. Sylla, R., (2002), An Historical Primer on the Business of Credit Ratings”, in R.M. Levich, C. Reinhart, and G. Majnoni (eds), Ratings, Rating Agencies, and the Global Financial System. Boston: Kluwer.