اقتصادي وديمغرافي إنجليزي، بدأ حياته المهنية قسيسا في كنيسة ثم تحول إلى تدريس التاريخ والاقتصاد السياسي والبحث في مجال علم السكان (الديمغرافيا).
اشتهر مالتوس بنظريته المعروفة بـ”المالتوسية” نسبة إليه والتي حاولت تفسير ظاهرة تنامي الفقر ومشكلاته في العالم بتزايد أعداد السكان ونموها بمعدلات تفوق معدلات نمو المحاصيل الزراعية، مما سيؤدي الى اختلال التوازن.
المولد والنشأة:
ولد توماس روبرت مالتوس يوم 14 فبراير/شباط 1766 في مدينة صغيرة تدعى روكري بإنجلترا، ونشأ في أسرة ميسورة الحال تعهدته بالتربية والتعليم.
الدراسة والتكوين:
تلقى مالتوس تعليمه الأساسي على يد مدرس خصوصي تعهده إلى أن دخل كلية المسيح التابعة لجامعة كامبردج عام 1784، حيث تمكن من دراسة العديد من المواد وبرع في اللاتينية والإغريقية فنال فيهما عدة جوائز.
حصل مالتوس أولا على الإجازة عام 1788، لكن شغفه المعرفي ما كان ليسمح له بالوقوف عند ذلك المستوى، فتابع دراسته الجامعية إلى أن نال شهادة الماجستير في 1791.
التوجه الفكري:
تأثر مالتوس بالفلسفة الليبرالية وكان واسع الاطلاع على أفكار فلاسفة الأنوار من قبيل هيوم وروسو. وكان مطلعا على أفكار المدرسة الكلاسيكية في الاقتصاد، حيث قرأ كتابات آدم سميث وكان على صحبة مع ديفد ريكاردو.
الوظائف والمسؤوليات:
انتخِب مالتوس بعد تخرجه زميلا في كلية المسيح بكامبردج، ثم عين قسيسا بالكنيسة الأنجليكانية عام 1797، لكن قضايا اللاهوت لم تستهوه بما يكفي فالتحق بكلية شركة الهند الشرقية (البريطانية) عام 1805 أستاذا للتاريخ والاقتصاد السياسي.
اختير زميلا في الجمعية الملكية عام 1819، وانضم إلى نادي الاقتصاد السياسي عام 1821، إلى جانب اقتصاديين آخرين مرموقين مثل ديفد ريكاردو وجيمس ميل.
كما صار عضوا في الجمعية الملكية للأدب سنة 1824، ثم في الأكاديمية الفرنسية للعلوم الأخلاقية والسياسية عام 1833، وأكاديمية برلين الملكية في نفس السنة. وكان أيضا من بين الأعضاء المؤسسين لجمعية لندن للإحصاء في 1834.
التجربة الفكرية:
صاغ مالتوس نظريته الشهيرة في كتاب نشره لأول مرة عام 1798 بصفة مجهولة دون ذكر اسم الكاتب، ويحمل عنوان “مقالة حول مبدأ السكان”.
وتقول هذه النظرية إن وتيرة التكاثر الديمغرافي (السكاني) هي أسرع من وتيرة ازدياد المحاصيل الزراعية وكميات الغذاء المتوفرة للاستهلاك.وهذا من شأنه أن يؤدي في المحصلة إلى اختلال التوازن بين عدد السكان من جهة وإنتاج الغذاء اللازم لإطعامهم من جهة أخرى، مما ينذر بمشاكل اقتصادية واجتماعية خطيرة من فقر وجوع، وبروز لظواهر مجتمعية سيئة كالتشرد والتسول واحتراف النصب والسرقة.
ويرجع السبب في حصول هذه الفجوة بحسب مالتوس إلى أن البشر يتكاثرون كل 25 سنة وفقا لمتتالية هندسية (1، 2، 4، 8، 16، 32… إلخ)، أي أن أعداد السكان ستتضاعف بعد كل ربع قرن وستستمر في الزيادة إلى ما لا نهاية ما لم يقف عائق أمام هذا النمو (مجاعات، حروب، أوبئة، كوارث طبيعية، تنظيم النسل…).
وفي المقابل ينمو إنتاج الموارد الغذائية وفقا لمتتالية حسابية (1، 2، 3، 4، 5، 6… إلخ)، فقط بسبب محدودية الأراضي الصالحة للزراعة وتناقص الإيرادات جراء كثافة الاستغلال.
ويشير مالتوس أمام هذا الوضع إلى أن المجتمع إذا لم يتدارك نفسه ويضع لأفراده (الفقراء منهم تحديداً) قيوداً أخلاقية للتحكم في وتيرة تكاثر أعداد السكان بما يتوافق قدرته على إنتاج الغذاء، فإن “قوانين الطبيعة” ستفعل فعلها فيه لإعادة التوازن إليه وإرجاع الأمور إلى نصابها، عبر تفشي الأمراض والمجاعات وكثرة الحروب اقتتالا على الموارد تحت سطوة غريزة البقاء عند الإنسان.
وتعد النظرية المالتوسية من أكثر النظريات التي أسالت المداد وأثارت النقاشات خلال القرنين الماضيين ولا تزال، فبين مؤيد لها ومعارض وبين ناعت لها بالواقعية ومتهم إياها بالتشاؤمية، تبقى فكرة مالتوس حول التزايد السكاني مستأثرة باهتمام الدارسين، رغبة في تأكيدها أو تفنيدها.
المؤلفات:
ألف مالتوس أول كتاب له عام 1796 بعنوان “الأزمة” لكنه لم يجد طريقه إلى النشر. وألف كتابه “مقالة حول مبدأ السكان” عام 1798 فطبع عدة مرات، وله مؤلف آخر بعنوان “مبادئ الاقتصاد السياسي” نشر سنة 1820.
الوفاة
توفي توماس مالتوس يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 1834 عن عمر ناهز 68 عاما.