القيادة الادارية الفوضوية او السائبة:
ا.د.حمزة محمود شمخي
لازلنا نجتهد في عرض مضامين الانماط القيادية التي حددها علماء الادارة والتي تؤدي بالمنظمة الى الارتباك ولربما الى الزوال وفق سلوك القائد الاداري وطريقة تعامله مع المرؤوسين في هيكل التنظيم.
ففي مقالتين متتاليتين الاولى( القيادة الادارية الجافة)بتاريخ 2021/1/3والثانية( القيادة الادارية السلبية) بتاريخ 2021/1/6 كان التركيز على تلك المديات المتشائمة التي تتركها كل من القيادتين على المرؤوسين في المنظمة.
ولم يقف الفكر الاداري التنظيري حول التركير على الجوانب السلبية لمثل هذه الانماط القيادية، ليعزز مكانتها في هيكل تنظيم منظمات الاعمال،ويتناول بايجابية كبيرة تلك التي تضمن الرقي والاستمرار للمنظمة،علما ان القائد الاداري يلجا الى النمط الذي يتناسب وسلوكه وثقافته الادارية.
ولاهمية القيادة الادارية اصبحت من المتغيرات التي اتسع الاهتمام والعناية بها في الدراسات الإدارية والتنظيمية وركيزة أساسية في(نجاح وتفوق المنظمات من خلال إلهام وتحريك مواردها البشرية العاملة فيها نحو دلالات التسامي)وذلك من خلال توافر الطاقة الادارية عند القائد والتي تمثل( أحد جوانب السلوك التحفيزي للمرؤوسين،وكذلك جانبا أساسيا لفاعلية قيادته لهؤلاء المرؤوسين)،حيث يشير عالم النفس Redl ان القائد الاداري(يتميز عن بقية افراد المنظمة بما يتمتع به من المرونة النفسية الجماعية Group Psychological Flexibiliy ) هذه المرونة تمكن القائد من ان يصدر مثيرات متعددة للمرؤوسين داخل المنظمة في عدة مواقف تساعدهم على ضبط العمل والتوجيه.
لقد ساعدنا هذا الاسترسال الى عرض نمط قيادي اخر لم يتم تناوله بشيء من الاهتمام،هي القيادة (الفوضوية او السائبة)،وهو نمط قيادي متعارف عليه في الفكر الاداري،اذ يرجع هذا النمط الى ما أبدعه العالمان الاداريان Lippitt &White في دراستهم الشهيرة في عام1943(القيادات الثلاث،القيادة الديمقراطية والقيادة الاستبدادية او الاوتوقراطية والقيادة الفوضوية اوالسائبة )،وما تلاها من دراسات تطويرية لاحقة لهذه الانماط الثلاثة.
والقيادة الفوضوية او السائبة (Laissez – Faire Leadeship)،وفق مضمونها لها اكثر من مسمى ،حيث يسميها بعض المختصين بالفكر التنظيمي بالقيادة الحرة (Hands-off Leadership)وترجع هذه التسمية إلى الفترة التي ساد فيها المنهج الحر (Free-rein approach)في الاقتصاد كاسلوب لتوجيه جهود الأفراد ونشاطاتهم، إلا أن استخدام هذا الأسلوب، لم يصل إلى الحد، الذي يجعل منه منهجا ثابتا ،وتسمى أيضا بقيادة (عدم التدخل او القيادة الترسلية او القيادة التساهلية).
والقيادة الفوضوية او السائبة تركز نشاطها(حول الفرد المرؤوس).فالقائد الفوضوي يقوم فقط بإخبار المرؤوسين (بالهدف المطلوب تحقيقه، ثم يتركهم يفعلون ما يشاؤون دون تدخل فيهم، سواء تعاونوا أم لم يتعاونوا،يعملون أو لا يعملون،فهذا شأن خاص بهم). ولا يشترك القائد بموجب هذا الأسلوب في(تنظيم شؤون المرؤوسين، أو التنسيق بينهم، ولا يتدخل في أي أمر أو يوجه، أو يفصل في أي شيء). مما تعطي(للمرؤوسين الحق في أداء الأعمال، وفقا للأسلوب الذي يرونه أفضل) من وجهة نظرهم. ولهذا ينظر للقائد الفوضوي من ناحية وجوده في المنظمة مثل عدم وجوده فيها.
ان القيادة الفوضوية تترك للآخرين(الحبل على الغارب دون تدخل في شؤونهم،ويتخلى القائد عن مسؤولياته، ويعطي الحرية لكل فرد يتصرف حسب ما تمليه عليه أهواؤه وهكذا تختفي المسؤولية وتضطرب الأمور)،وبسبب ذلك فالمنظمة تكون في حالة(فوضى وانعدام المسؤولية عندما يترك القائد للمرؤوسين حرية تصريف الأمور).
ان القائد الاداري الذي يستخدم هذا الأسلوب لا يؤدي في حقيقة الأمر أي عمل يذكر،ويغلب على هذا النوع من القيادة (عمومية التعليمات وعدم الاستقرار، وإهمال معظم جوانب النشاط،اضافة إلى إضاعة الكثير من الوقت وازدواج الجهد وأيضا تضارب في الأعمال).
هذه القيادة هي أسوء أنواع الانماط القيادية،لأنها تؤدي في الكثير من الأحوال الى عدم(تحقيق الأهداف المراد تحقيقها،وتدفع العاملين للتسيب الوظيفي مما يؤدي للأتكالية في العمل والتخبط وعدم القدرة على ايجاد التنسيق بين الاقسام المختلفة)والنتيجة النهائية فشل أي منظمة يعتمد مديرها على هذا النمط القيادي.
حتى ان القائد الاداري(تجده مختلطا لا يعرف له وضوح ولا هدف أو غاية، لا يعرف طبيعة المهمة المنوطة به، أو الواجب الملقى على عاتقه،عنده غبش واختلاط في الرؤيا، عنده تستوي الأمور،ليس عنده مهم وأهم ولا يعرف شيئا اسمه ضروري وغير ضروري).
هذا النمط يبرز عندما يتولى القيادة من ليس أهلا،او من سمحت لهم الصدف ان يكونو قادة اداريين، أو من تكون لديه مشاغل أخرى تصرفه عن النهوض بمهامها.
نحن لا نجد قيادة ديمقراطية او استبدادية اوفوضوية 100%،ولكن نجد(جوا قياديا خليطا تكون فيه السيادة لاحد هذه القيادات الثلاث)ولكن بليت بعض منظمات الاعمال بالقيادة الفوضوية فتم تدميرها.