القيادة الادارية الاخلاقية
بقلم ا.د.حمزة محمزد شمخي
ضمن المسعى الذي اوليناه اهتماما في تقديم الرؤى حول الانماط القيادية المعاصرة هي القيادة الاخلاقية.وهي من ضمن(القيادة التحويلية)التي أرفدنا القارئ بمقالتين مهمتين(القيادة الادارية التحويلية1و2بتاريخ 1/28و 2/2).
وتشير الدراسات ان القيادة التحويلية تقسم الى نوعين( القيادة التحويلية الحقيقة،الأخلاقية) و(القيادة التحويلية الزائفة،غير الاخلاقية) مما يعني ان القيادة الاخلاقية هي نمط يمارس بتشبع القائد بقوى الاخلاق وان يمارسها بدافع قيمي اخلاقي.
وتعرض دراسة اخرى الى ان بعض الاعلام في الفكر الاداري طرح تساؤلا مهما وهو(ما القيادة الجيدة؟ وتوصل إلى استنتاج مهم،وهو أن الأخلاق هي قلب القيادة الإدارية،وأن أساس القيادة الأخلاقية وجوهرها هو أن يكون القائد شخصا أخلاقيا ذاتيا)جواب غاية في الاهمية جسد مضمون القيادة.
فالاخلاق والقيم الاخلاقية هو توجيه الاهي للبشر(فَبِمَا رَحْمَةٍۢ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لَٱنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ)ال عمران 159.وهذه الاية الكريمة فيها من التعبير القيمي والاخلاقي الكثير.
تعني القيادة الاخلاقية Ethical leadership التصرف(وفقا للمبادئ الأخلاقية في الحياة وفي عملية اتخاذ القرار، وبكل بساطة،انها تعني فعل الصواب).وبهذا المعنى تسعى القيادة الأخلاقية إلى بناء العلاقات الإنسانية داخل المنظمة وبشكل ينسجم مع أهدافها.
ولهذا ينظر الى القیادة الأخلاقیة من انها(مجموعة من السلوكيات والممارسات والتي لها ضوابط ومبادئ محددة).حيث تحقق مستوى عالي من الثقة المتبادلة بين جميع الأطراف ذات العلاقة بالمنظمة.
ان الفكر الاداري المعاصر يؤكد على ان جميع الانماط القيادية التي طرحت والتي تم ممارستها خلال فترة تطوره تشترك( في القدرة على “التأثير”،إلا أن جوهر القيادة الأخلاقية يرتكز
على مبدأ التأثير”بشرف”)بمعنى أن القدرة على التأثير تحكمها قوة المبادئ والأخلاق.فمن يطبق(مبدأ التأثير بشرف يعمل بدافع أخلاقي وقيمي لمنفعة ومصلحة الآخرين،وليس لمنفعته الشخصية).
أن ممارسة القيادة الاخلاقية (تعزز إعجاب الأفراد بقائدهم من خلال التخلق بالأخلاق المثالية التي تجعل منه قائدا جذابا يفرض احترام وتقدير المرؤوسين ويعزز ثقة الأفراد بأنفسهم،ويشيع في منظمته ثقافة الاحترام والتقدير).
وبقراءة شاملة لمفهوم القيادة الأخلاقية في العديد من المراجع نجد أنها ترتكز على الأفكار الرئيسة التالية(أن يمتلك مهارات شخصية، تمكنه من تعزيز السلوكيات الإيجابية داخل المنظمة.أن القائد كلما التزم بالسلوك الأخلاقي وطبقه داخل المنظمة كان تأثيره في المرؤوسين بشكل أكبر).
ومن المؤسف كما يشير البعض ان (الأخلاق والقيادة لا يتناغمان معا في جميع الأحيان)فوفقا لدراسة أجراها(معهد القيادة والإدارة ILm فان:
63% من المديرين طلب منهم القيام بشيء يتعارض مع أخلاقهم الخاصة.
43% قيل لهم أن ينتهكوا صراحة بيان القيم الخاص بمنظماتهم.
9% طلب منهم خرق القانون).
ان التغيرات التي عصفت بالعالم وما تعرض اليه من ازمات اقتصادية وسلوكية ادت الى(ابتلاء الإنسانية بها في الوقت الحاضر)مما سببت افتقار إلى القيادة الأخلاقية في جميع قطاعات المجتمع الإنساني.إن فقدان القيادة الأخلاقية هذا يظهر بوضوح من خلال(الكشف المستمر عن التصرفات غير الأخلاقية على جميع مستويات المجتمع في العالم. فلم يبق أي مجال من مجالات السعي الإنساني)بدءا بالعائلة وانتهاء بأعلى الدرجات القيادية، لم يتأثر من ذلك.ولذلك ثمة طريق طويل لكيفية(مواجهة التحديات المتعلقة بالأخلاق والقيادة في العمل).
ان القيادة الأخلاقية وفق مضمونها الاخلاقي والقيمي يتفاعل فيها ثلاثة أطراف رئيسة(القائد والمرؤوسين والظروف)وهذا التفاعل يتحقق وفق اعتبارات أخلاقية قيمية سامية.
ولنجاح القيادة الأخلاقية يحتاج القائد لمصالحة مع الذات والمعرفة بها.كما اكد ذلك المبدع Stephen Covey في كتابه الرائع عام 1989
(The 7 Habits of Highly Effective People.العادات السبع للناس الاكثر فاعلية)
والعادات هي:
-كن مبادرا
-ابدأ والغاية في ذهنك
-ابدا بالاهم قبل المهم
-التفكير في المكسب
-اسمع من اجل الفهم،ثم اسمع من اجل ان يفهمك الاخرين
-التكاتف
-اشحذ المنشار.
والنتيجة ان تحكم الإنسان(في عواطفه ومشاعره وتعامل مع المواقف الضاغطة بهدوء أكثر،تحدد قدرته على القيادة أفضل).
للقيادة الأخلاقية جانبين مرئي وغير مرئي.والجزء المرئي هو الطريقة التي(يعمل بها القائد ويعامل بها الآخرين وفي سلوكه المعلن).اما الجانب غير المرئي يتحدد في(شخصية القائد وفي اتخاذ القرار وفي القيم و المبادئ التي يحملها وفي شجاعته باتخاذ قرارات أخلاقية في مواقف صعبة).
للقيادة الاخلاقية عدة ابعاد تتمثل في(ﺍﻷمانة ﻭﺍﻟﺼﺩﻕ ﻭﺍﻹخلاص ﻓﻲ العمل ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﻱ،ﺍﻻﻫﺘﻤﺎﻡ باﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹنسانية ﻓﻲ ﺍﻟمنظمة،يحترم ﺍﻟﻘﻭﺍنين ﻭﺍﻷنظمة ﺍﻟﻘﺎئمة ﻓﻲ ﺍلمنظمة).
اين نحن من القيادة الاخلاقية؟