You are currently viewing مبادرة ريادة أداة لتمويل الابتكار الاجتماعي

مبادرة ريادة أداة لتمويل الابتكار الاجتماعي

مبادرة ريادة أداة لتمويل الابتكار الاجتماعي
طالبة دكتوراه في العلوم المالية والمصرفية
سهير كاظم عبد الكريم العبادي

في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية المتزايدة التعقيد التي يواجهها الطلبة والخريجين اليوم، تظهر الحاجة الى البحث عن أدوات فعالة لتمويل وتعزيز الابتكار الاجتماعي. يهدف هذا المقال الى استكشاف مدى فاعلية مبادرة “ريادة” كأداة من أدوات تمويل الابتكار الاجتماعي. من خلال تقديم تحليل شامل لمفهوم الابتكار الاجتماعي ولمبادرة “ريادة” من خلال البحث عن كيفية عمل المبادرة وكيف تسهم في تمويل وتحفيز الابتكار الاجتماعي.

لقد استطاع الابتكار الاجتماعي أن يضع نفسه في العقود المنصرمة ضمن جداول وبرامج الجهات الفاعلة من مختلف قطاعات المجتمع (العامة والخاصة والاجتماعية والتعليمية وغيرها). وتمكن الابتكار الاجتماعي من الحصول على هذه الوضع من خلال اجراء تحالفات فعالة بين المنظمات الصغيرة والمنظمات الكبيرة، بين ما يمكن تسميته “النحل” و “الأشجار”. النحل هو المنظمات الصغيرة والأفراد والمجموعات الذين لديهم أفكار جديدة، وهم متنقلون وسريعون وقادرون على التلقيح المتبادل. الأشجار هي المنظمات الكبيرة – الحكومات أو الشركات أو المنظمات غير الحكومية الكبيرة – التي تفتقر إلى الإبداع ولكنها جيدة بشكل عام في التنفيذ، والتي تتمتع بالمرونة والجذور والحجم لتحقيق الأشياء. كلاهما يحتاج إلى بعضهما البعض، ومعظم الابتكار الاجتماعي يأتي من التحالفات بين الاثنين.

يمكن لنا ان نستشهد بالتعريف المنتشر على نطاق واسع حول ماهية الابتكار الاجتماعي في انه: ” حل جديد لمشكلة اجتماعية أكثر فعالية وكفاءة واستدامة أو عدلا من الحلول الحالية والتي تعود القيمة التي تم إنشاؤها في المقام الأول إلى المجتمع ككل بدلا من الأفراد”، كذلك يشير الابتكار الاجتماعي إلى حلول جديدة (منتجات، خدمات، نماذج، أسواق، عمليات، إلخ) تلبي في الوقت نفسه حاجة اجتماعية (أكثر فعالية من الحلول الحالية)، وتخلق قدرات وعلاقات جديدة أو أفضل. بناءً على ما تم ذكره من مفاهيم نستخلص أربعة عناصر رئيسية للابتكار الاجتماعي وهي: تلبية الحاجة، وابتكار الحل، وتغيير الهياكل والعلاقات الاجتماعية، وزيادة قدرة المجتمع على العمل.

وعليه يعتبر الابتكار الاجتماعي أداة حل في معالجة العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية ومن بين تلك التحديات، ما يواجه الطلبة والخريجين اليوم من تحديات اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية متزايدة التعقيد، نتيجة الفجوة بين برامج التعليم ومتطلبات سوق العمل حيث في كثير من الأوقات لا تتماشى البرامج التعليمية مع متطلبات واحتياجات سوق العمل، مما يولد نقص الخبرة العملية المطلوبة من أصحاب العمل، مما يجعلهم غير مؤهلين للتوظيف.  وفي ظل تلك التحديات تأتي مبادرة ” ريادة ” كاستجابة مبتكرة تهدف الى تمكين الطلبة والخريجين من خلال تزويدهم بالمهارات والمعارف والدعم المالي اللازم لتمويل وإطلاق مشاريعهم الاستثمارية الخاصة. أطلقت المبادرة من قبل رئيس الوزراء العراقي السيد (م. محمد شياع السوداني)، حيث تسعى المبادرة إلى خلق بيئة فعالة لإستثمار المهارات والميزات والمواهب الخاصة بالشباب والباحثين عن العمل، وتدريبهم وإعدادهم للسوق الاقتصادي، لإحداث أثر مثالي كبير على المجتمع المحلي. وأطلق عليها تسمية “ريادة ” ومن اولوياتها وضع الشباب في مقدمة أهداف إستثمار الطاقات البشرية، ووسيلة لرفع قدرات الإقتصاد الوطني عبر تمكين هذه الفئة ودعمها.

تعتمد المبادرة على نهج يجمع بين التدريب المتخصص، وتقديم الدعم المالي، ويتم تنفيذ ذلك من خلال برامج تعليمية مكثفة وشاملة تتضمن دورات تدريبية، ورش عمل، محاضرات تفاعلية عالية المستوى. قدمت هذه البرامج بواسطة التشكيلات الرسمية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي اعتبرت كحاضنة لهذه المبادرة، وعلى يد أكفء الاستاذة الأكاديميين والمهنين المختصين بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ووجهت هذه البرامج بشكل اساسي الى تأهيل وتدريب الطلبة والخريجين والباحثين عن فرص عمل، وبعد اجتيازهم التدريب المتخصص بنجاح متفوق يأتي الدعم المالي كخطوة تنفيذية لضمان الاستثمار الكفوء للمهارات والميزات والمواهب الخاصة بالفئة المستهدفة, حيث يتم ذلك من خلال تمويل مشاريعهم الاستثمارية الخاصة، التي تم قبولها بعد اعداد دراسات الجدوى الاقتصادية. وبالنتيجة النهائية تمكين الفئة المستهدفة من تحويل افكارهم الاستثمارية الى مشاريع استثمارية واقعية مما يعزز نجاحهم واستدامتهم في سوق العمل بشكل فعال.

ولكون إن دعم وتمويل الابتكار الاجتماعي ليس مسعى سهلا، بل إنه أكثر تعقيدا إلى حد كبير من تمويل الابتكار التجاري. وتقع التحديات الخاصة التي يحتاج توفير التمويل الفعال إلى النظر فيها على مستويين مختلفين، وهما مستوى المبتكرين الاجتماعيين، ومستوى المشهد التمويلي. على هذه الخلفية، تعتبر مبادرة “ريادة” أداة لتحقيق تمويل الابتكار الاجتماعي. من خلال تقديم قروض ميسرة للشباب ودعم مالي لتنفيذ مشاريعهم الاستثمارية. لذا يمكن لنا القول بأن مبادرة “ريادة” تعد نموذجاً مبتكراً لتمويل الابتكار الاجتماعي وبما يعزز الاستقلال المالي للشباب وتساعد في خلق فرص استثمارية جديدة، مما يجعلهم ادوات مهمة لتعزيز النشاط الاقتصادي.

  1. Baglioni, Simone, Sinclair, Stephen,” Social Innovation and Social Policy: Theory, Policy and Practice”,2008,p14.
  2. Phills, J. A., Deiglmeier, K., & Miller, D. T.. Rediscovering social innovation. Stanford Social Innovation Review, 6(4), (2008), p39.
  3. Portales, Luis,” Social Innovation and Social Entrepreneurship”, University of Monterrey Monterrey, Nuevo León, Mexico,2019,p,2.
  4. Social Entrepreneurship Netzwerk Deitschl And E.V/ Centre For Social Investment (CSI), University OF Heidlberg “Financing Social Innovation”,2022.
  5. https://riyada.iq