You are currently viewing القيادة الادارية الاخلاقية(7) التملق الاداري :

القيادة الادارية الاخلاقية(7) التملق الاداري :

القيادة الادارية الاخلاقية(7)
التملق الاداري

بقلــــــم ا.د.حمزة محمود شمخي


لازلت اقدم الرؤى حول القيادة الاخلاقية ،كمنهج متطور واخلاقي في ممارسة القائد الاداري تضمن النمو والرقي لمنظمات الاعمال،وذلك بعرض بعض الممارسات المعيقة للعمل الاداري الاخلاقي.في هذا المقال استعرض احد اهم الامراض الاجتماعية التي تهدد القيم الأخلاقية،وهو التملق الاداري.
والتملق ظاهره سلوكية عامة تحصل في كل المجتمعات وهي مرتبطة بشخصية الفرد،تنميها وتقويها أسباب وعوامل كثيرة بعضها نتيجة العوز الاجتماعي او المالي او السياسي او كل ذلك، والبعض الاخر بسبب مركب نقص في شخصية الفرد والناتج عن إضطراب الذات او العجز العضوي مما يخلق دافعا للفرد (نحو التجاوز التعويضي بالنبوغ وتحقيق الذات او التعنت والأنكفاء والجريمة).
والتملق هو(التودد والتضرع فوق ما ينبغي) وهذا التودد والتضرع ( إلى صاحب نفوذ معين إما إتقاءا لشره)وفق سلوكيته وتاريخه الوظيفي،أو قناعة بامكانية إكتساب سذاجته ورضاه في ضمان منصب أو إستمرار في منصب لايستحقه الفرد ،ولكونه جزء من سلوكية الفرد فانه يعاكس مسار الضبط القيمي والسلوكي والاخلاقي والشرعي والتربوي و (يخالف الفطرة الإنسانية، ولا يليق بأخلاقيات)الفرد والقواعد الاجتماعية ،وتوجيهات الدين الحنيف وما حدد من قواعد الشريعة السمحاء ،فقد ذكر التملق في القران الكريم حيث قال سبحانه وتعالى (وإذا لقوا الذين آمنو قالو آمنا واذا خلو الى شياطينهم قالو إنا معكم إنما نحن مستهزئون ) البقرة 14،وعن الرسول الكريم (ص)حديثا ( ليس من خلق المؤمن الملق) وفي نهج البلاغة يذكر الامام علي(ع)( الثناء بأكبر من الاستحقاق ملق)وقوله (ما أقبح َبالإنسانِ ظاهرًا موافقًا، وباطنًا منافقًا).
هذا النص الآلهي وحديث من هو الخلق العظيم وتأشير سيد الوصين للتملق إنما تعني إنه سلوك متاصل في شخصية البعض منذ القدم لأسباب اجتماعية و تربوية تتسم بالمهانة والانهزامية،ولعل ذلك ناتج عن أمرين الاول (فقدان البعض لعزة النفس التي هي أم القيم النبيلة)والثاني(ان الفرد اليوم أصبح اكثر حبا للمداهنة وسماع المدح الزائد) تعويضا لمركب نقص في شخصيته.
والتملق لايحصر في جنس بشري ،اذ يجيده بعض الرجال مثل ما تجيده بعض النساء رغم اختلاف درجة تاثيره وطرق التعبير عنه والغرض منه.
وأكثر أنواع التملق هو التملق الاداري (Administrative Adulation) الذي يحصل في منظمات الاعمال ويجيده ويمتهنه البعض بكفاءه والذي ينظر الى المسؤول الأعلى إنه فذ لانظير له ،فذ في قيادة المنظمة،وفذ في السلوك الاداري،وفذ في اتخاذ القرارات وصنعها،وفذ في تعامله الانساني ولا بديل عنه،ولربما فذ في ظلم واستهداف المرؤوسين الذين هم اجل منه تاريخا وخلقا،وفذ في الكارزما التي تحدد سلوكه، وفذ في قبوله ذلك المديح المصطنع و(الثناء الكاذب والمدح المبالغ به والمداهنة من قبل بعض المرؤوسين لقرارات رئيسهم)،وهذا التملق يجعل صاحبه دائما مرتخي القامة ومطأطأ الرأس الى الحد المهين (يتجرد بكل غباء وقبح وإفلاس فكري من منظومة القيم الاخلاقية ومكوناتها التربوية) والقيمية والسلوكية.
والمتملق له يدرك ( أن ما نطق به المتملق من الوصف والثناء لا ينطبق عليه، حيث أصبحت لديه خبرة من كثرة تملق الأفراد له،فأنت لست الأول ، فليس المرء جاهل بنفسه حتى يخدعه الملق ، إلا أن يريد هو أن يُخدع) كما وان بعض القادة الاداريين مصابون بأمراض النرجسية (وحب الذات، فالتطبيل والاهتمام والانكسار الذى يجدونه من المتملق يجد هوى فى أنفسهم، فيدعمون المتملق وهم يعلمون تمام اليقين أنه لا يصلح للعمل) وهولاء يصدق فيهم القول (إن من يفتح عينيك على أخطاء الآخرين دائما دون محاسنهم يتجاهل فيك نصف عقل) .
يقول الامام علي (ع)،( إنما يُحبكَ من لا يتملقكَ ويُثني عليك من لا يُسمِعُك).
وخلاصة القول( أني لا أبغض أحدًا في الله كبغضي لمن يتملق ليتسلق) هؤلاء المتملقين ذو وجوه متعددة وسلوك متلون وأفضل وسيلة للتعامل الاداري معهم هو تجاهلهم والحد من تسلقهم فبهم يتأخر الاداء وبهم يفشل الجهد الجماعي نحو الأنجار وبهم يزداد الرياء والمهادنة لتطغي على أجزاء السلوك الاداري،وبهم تفقد القيادة الاخلاقية جوهر اهدافها،وبعزلهم  وعدم التعامل معهم ، هو قرار في الصحة الأدارية لاي قائد اداري ،وليكن شعار القائد الاداري هي الفضيلة الادارية ، فالصدق مع الله فضيله والصدق مع المرؤوسين فضيله،والصدق مع المتملق فضيلة،والعمل وفق قواعد المسؤولية الادارية منهج يجب ان يتسم بالفضيلة الادارية.
دمتم ايها القادة الاداريين والمدراء بفضيلة العمل الأداري لتكسبو رضا الله اولا ورضا المرؤوسين في الهيكل التنظيمي لمنظمتكم، وهو أزكى هدف لكم من حزمة الاهداف القيادية الاخلاقية التي تحققوها بفضيلة.
 #(إن الحياة بلا عزم وصبر ومثابرة تورث صاحبها الذل).