You are currently viewing انعكاسات اتحاد دول البركس BRICS على العالم والمنطقة العربية

انعكاسات اتحاد دول البركس BRICS على العالم والمنطقة العربية

انعكاسات اتحاد دول البركس BRICS على العالم والمنطقة العربية
بقلم أ.م.د حيدر عباس الجنابي

ان اتحاد دول بركس هو تحالف سياسي واقتصادي بين خمس دول، وهي روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا. يتميز هذا الاتحاد بكونه يضم دولاً ذات قوة اقتصادية وسياسية كبيرة، ويهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين هذه الدول وتنمية العلاقات الدبلوماسية بينها.

اذ تأسس اتحاد بركس عام 2006 على أساس اتفاقية تم توقيعا في مدينة (يكاترينبورغ) في روسيا، ليشمل مجالات مثل التجارة والاستثمار والطاقة والنقل والاتصالات والزراعة والصحة والتعليم والثقافة والأمن والدفاع.

اذ هدف اتحاد بركس إلى تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الدول الأعضاء، وتعزيز التنمية المستدامة والتعاون في مجالات مثل العلوم والتكنولوجيا والصحة والبيئة. كما يسعى الاتحاد إلى تعزيز تعاونه مع دول أخرى في جميع أنحاء العالم، وخاصة مع الدول النامية.

ويعتبر اتحاد بركس أحد أكبر الاتحادات الاقتصادية في العالم، حيث يضم أكثر من 40٪ من سكان العالم ويتمتع بنفوذ اقتصادي وسياسي كبير في المنطقة وفي العالم بأسره. وتشمل المبادئ الأساسية لاتحاد بركس التعاون والتنمية المشتركة والمساواة والتعددية والاحترام المتبادل، وتعتبر هذه المبادئ أساسًا لتعزيز الثقة والتفاهم بين الدول الأعضاء وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي في المنطقة وخارجها.

كما ان اتحاد دول بركس سعى إلى تحقيق عدد من الأهداف الأساسية، ومن بين هذه الأهداف:

1- تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء وتعزيز الاستثمارات في المنطقة.

2- تنسيق السياسات الخارجية والتعاون في المجالات الأمنية والدفاعية.

3- تنمية العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف مع دول أخرى في جميع أنحاء العالم، وخاصة مع الدول النامية.

4- تعزيز التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتعليم والثقافة والرياضة والفنون.

5- تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة الطبيعية، من خلال تشجيع الاستخدام الفعال والمستدام للموارد الطبيعية وتطوير التكنولوجيا الخضراء وتعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.

6- تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون في مجالات مثل الصحة والرعاية الاجتماعية والتعليم والعمل والرفاهية العامة.

7- تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الأساسية في جميع الدول الأعضاء.

8- تعزيز التبادل الثقافي والتعاون الإنساني بين الدول الأعضاء وتعزيز الفهم المتبادل والتسامح والتعايش السلمي بين الشعوب.

هذه الأهداف تهدف إلى تعزيز التكامل بين الدول الأعضاء وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، وتعزيز الدور الريادي للاتحاد في المشهد الدولي.

وقد اختلفت وجهات النظر في العالم  ومنها الولايات المتحدة حول اتحاد دول بركس، حيث يرى البعض ضرورة التعاون مع هذا الاتحاد الناشئ، في حين يرى البعض الآخر أن هذا الاتحاد يشكل تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة.

ففي السنوات الأخيرة، قدمت إدارات متعاقبة في الولايات المتحدة تصريحات مختلفة بشأن اتحاد بركس. فقد أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن قلقه بشأن تصاعد نفوذ اتحاد بركس، واعتبر أن بعض أعضائه يشكلون تهديدًا للأمن القومي الأمريكي.

على الجانب الآخر، أعرب الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، عن استعداده للتعاون مع اتحاد بركس في مجالات مثل التجارة والاستثمار والتغير المناخي، وأشار إلى أن التعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويعود بالفائدة على العمالة والشركات الأمريكية.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تزال تحتفظ بموقفها التقليدي في التعاون مع حلفائها التقليديين في أوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتتعامل بحذر في التعاون مع اتحاد بركس. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تدرك أهمية اتحاد بركس باعتباره منظمة اقتصادية وسياسية ناشئة تضم دولًا تحظى بأهمية استراتيجية واقتصادية متزايدة، وقد أعربت الولايات المتحدة عن استعدادها للتعاون مع اتحاد بركس في مجالات مختلفة مثل الطاقة والتجارة والاستثمار والتنمية المستدامة وتغير المناخ.

كما يمكن القول إن موقف الولايات المتحدة من اتحاد بركس لا يزال متغيرًا ويعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك المصالح الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية للولايات المتحدة، وكيفية تفاعل اتحاد بركس مع القضايا الدولية المختلفة، وما إذا كان التعاون مع اتحاد بركس يمثل فرصة لتحقيق المصالح المشتركة أم لا. وبالتالي، فإنه يتطلب مزيدًا من الوقت والجهد لتحديد موقف واضح من الولايات المتحدة تجاه اتحاد بركس ومستقبل التعاون بينهما في المجالات المختلفة.

ام فيما يخص المنطقة العربية يمكن أن يكون لاتحاد دول بركس انعكاسات مختلفة على المنطقة العربية، بما في ذلك الآثار الاقتصادية والسياسية والأمنية.

من الناحية الاقتصادية، يمكن أن يكون اتحاد بركس شريكًا تجاريًا واستثماريًا مهمًا للدول العربية، حيث يتمتع الاتحاد بركس بحجم اقتصادي كبير ويضم دولًا ذات قدرات اقتصادية واسعة النطاق، ويمكن للدول العربية الاستفادة من التعاون الاقتصادي مع هذا الاتحاد في مجالات مثل التجارة والاستثمار والطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا.

ومن الناحية السياسية، يمكن أن يؤثر اتحاد بركس على العلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدول العربية والدول الأعضاء في الاتحاد، وقد تكون هناك تداعيات سياسية إيجابية أو سلبية على المنطقة العربية. ومن الممكن أيضًا أن يؤثر التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد بركس في حل بعض النزاعات الإقليمية وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة.

ومن الناحية الأمنية، يمكن أن يؤثر اتحاد بركس على المنطقة العربية عبر العديد من القضايا الأمنية المتعلقة بالإرهاب والتطرف والصراعات الإقليمية. فعلى سبيل المثال، يمكن للتعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد بركس في مكافحة الإرهاب والتطرف أن يساعد على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة العربية والحد من تداعيات هذه الظاهرة على المنطقة. ومن الجانب الآخر، يمكن أن تعزز بعض الدول الأعضاء في اتحاد بركس الصراعات الإقليمية في المنطقة العربية عن طريق دعم جماعات مسلحة أو نظامية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة.

اذ يعتمد تأثير اتحاد بركس على المنطقة العربية على التفاعلات والعلاقات المختلفة بين الدول الأعضاء في الاتحاد والدول العربية، وعلى كيفية تفاعل هذا الاتحاد مع القضايا الإقليمية والدولية المختلفة. ومن المهم أن تتم الموازنة بين الآثار الإيجابية والسلبية لاتحاد بركس على المنطقة العربية، والعمل على تعزيز التعاون والتفاهم بين الدول الأعضاء في الاتحاد والدول العربية لتحقيق المصالح المشتركة والاستقرار في المنطقة.

اما مستقبل اتحاد دول بركس فهو واحدًا من أكثر المواضيع تحديًا وتعقيدًا في الوقت الحالي، حيث تواجه الدول الأعضاء تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية عديدة، بما في ذلك تداعيات جائحة كوفيد-19 وتصاعد التوترات الجيوسياسية في العالم.

وبالرغم من هذه التحديات يمكن أن يحقق اتحاد بركس العديد من الإنجازات في المستقبل إذا تمكنت الدول الأعضاء من التعاون والتكامل بشكل أفضل وتحقيق الأهداف التي حددتها.

من بين التحديات التي يجب التغلب عليها، هي تعزيز التعاون في مجالات مثل الاقتصاد والتجارة والاستثمار وتطوير التكنولوجيا والابتكار وتعزيز الربط بين البنية التحتية والنقل والاتصالات في الدول الأعضاء.

ويمكن أن يساعد تحقيق هذه الأهداف على تعزيز التكامل بين الدول الأعضاء وتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة، وتعزيز دور الاتحاد في المشهد الدولي.

وعليه  فإن مستقبل اتحاد بركس يتوقف على قدرة الدول الأعضاء على العمل بشكل متكامل وتعزيز التعاون والتكامل بينها وتحقيق الأهداف التي حددتها، وتحسين الإدارة والحوكمة والمساءلة والشفافية في الاتحاد. كما يتطلب ذلك مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية بشكل فعال واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.