بقـــلم ا.د.حمزة محمود شمخي
واحدة من أهم مسببات فشل بعض منظمات الاعمال هو تجاهلها وإبتعادها عن مواكبة التطورات التي حدثت في الفكر الاداري ،فالفكر الاداري فكر تطويري متجدد منذ ان وضعت لمساته الاولى بدراسات العالم المبدع(F. Taylor )في عام 1911 عندما أصدر كتابه المميز The Principles of Scientific Managemen وما اضيف بعده من نظريات ادارية مميزة،لذلك نجد سلسلة من الابداعات والنظريات الادارية التي يراد منها خلق قادة مبدعين يعملون في منظمات مبدعة خالقة للقيمة ضمنت ولا زالت الرقي والتميز الابداعي في مجتمعاتها.لذلك اصبح الفكر الاداري حقل تجارب اذ بعد كل نمط يظهر نمط جديد وما على قادة المنظمات الا ان يتسلحو بالنمط الذي يتجانس ومنزلتهم في المنظمة وإستراتيجية عملهم.
ومن ضمن ما أردفنا به علماء الادارة المجددين ضمن منظور المعرفة المعاصرة والمتجددة، هو مايعرف بالقائد الذكي Smart Leader والمنظمة الذكية Smart Organization هذه الثنائية المبهرة التي قادت منظمات الاعمال نحو التميز والرقي.
ان هذين النمطين هما إمتداد لما عرف بالادارة الذكية SMART Management التي صاغها عالم الادارة المبدع George Doran عام 1981 وتتكون معايير هذا النمط الاداري من خمس كلمات تم اختيارها بعناية فلسفية من قبل Doran واطلق عليها ذكيSMART وهي ايضا إمتداد لفلسفة الادارة بالاهداف Management By Objectives التي قدمها عالم الادارة المشهور Peter Drucker عام 1954 لتقييم الاداء وفق الأهداف وبطريقة عملية،فمعيار الهدف الذكي مرتبط بمبدأ الإدارة بالأهداف،الذي أتسع تداوله وحجز نجاحا باهرا على مستوى الدول والمنظمات وحتى الأفراد.
ولغرض الاحاطة بالموضوع يمكن القول ان القائد الذكي نمط اداري (يمزج بين العاطفة والعقل، فالعقل يتحكم في العواطف، والعاطفة تساعد العقل في الوصول إلى القرارات الفعالة وإلى حل المشكلات)فالقائد الذكي يعلم بأن(العاطفة هي التي ترشد التفكير وتهذب السلوك)وبالتالي يمكن إعتبار القيادة الذكية عاطفيا هي التي تؤثر في (مشاعر الذات ومشاعر الآخرين.فالقيادة تعبر عن تفاعل بين القائد والمرؤوسين،وفهم القائد لمرؤوسيه، والوصول لدرجة الفعالية في التواصل معهم، وهو جوهر القيادة الذكية)،هذه القيادة هي قيادة إبداعية تتسم(بعلاقات ارتباطية تشاركية مع كافة الجهات)داخل المنظمة.
ولكي يكون القائد محاطا بصفة الذكاء لابد من ان يتمتع ببعض الخصائص وهي(القابلية العالية لادراك المعلومات المعقدة في البيئة الخارجية ،القابلية العالية للاستجابة لهذه المعلومات بشكل دائم،القابلية العالية للتعلم بسرعة)ومثل هذه الخصائص سوف تنمي قدرات القائد الذكية.
وكما هو معروف أن القائد الذكي والمبدع ليس وليد الصدفة ولا يظهر بشكل مفاجئ،ولكن السجل الانساني يؤكد ان(القادة العظام هم القادة الأذكياء اذ ان أساس كل الشئ يكمن في التفكير والالتزام بالتعلم وبعد ذلك يأتي الدافع الإبداعي)في العمل الذي يؤديه.
ان القيادة الذكية المميزة والناجحة هي(منهج ومهارة وعمل)من خلالها يمكن التأثير بالاخرين(وتفعيلهم لتأدية الاعمال بتناسق وتناغم كل حسب المهمة والواجب الموكول اليه بكل ثقة، والقدرة على اقناع الاخرين للعمل على تحقيق الاهداف بحماس، وهنا يجب ان تكون مواصفات القائد ذو شخصية مؤثرة ومهارات مبدعة ويمتلك الحجة والاقناع ومفاتيح الحل للازمات ولغة تخاطب مقنعة).
يعرف الذكاء العاطفي بأنه(القدرة على التعرف على شعورنا الشخصي وشعور الآخرين، وذلك لتحفيز أنفسنا،ولإدارة عاطفتنا بشكل سليم في علاقتنا مع الآخرين)
ولذلك تشير الدراسات الادارية أن تمتع القائد بذكاء عاطفي مميز يضمن له كفاءة على غيره من القادة، وهذا التميز يتمثل في قدرة هذا القائد على (المبادرة والإقناع ومراعاة أهداف العاملين لديه والمجتمع،وهذه المهارات هي التي تحقق النجاح للقائد،وهو ما يدلل على صحة ما توصلت إليه الدراسات من أن (80%) من نجاح القادة يعود للذكاء العاطفي).
وتعرف المنظمة الذكية بانها تلك(المنظمة التي لديها القدرة على أن تكون منظمة رشيقة بسبب خفتها وسرعة توليدها للمعرفة).
وينظر إلى المنظمة الذكية من(منظور الكفاءة التي تدعمها أربع خصائص مهمة)يمكن ملاحظتها فيها وهي:
-حب الاستطلاع
-التسامح
-الثقة
-الترابط
هذه الخصائص تجسد مضمون المنظمة الذكية والتي هي ليست مجرد(استحضار للحقائق أو قنوات للمعرفة أو انتفاع بالحكمة).لذلك تم التاكيد على أهمية هذه الخصائص من أنها تمثل جزءا من عملية كبيرة.
ان القائد الذكي هو الذي يخلق المنظمة الذكية والمنظمة الذكية هي التي تبرز القائد الذكي ،احدهما يكمل الاخر، فضلا عن ان استخدام(ذكاؤهم سوف يقود إلى وصول منظماتهم إلى القمة والتميز) وهو مايعرف بالادارة الذكية فسعي القائد والتزامه بتحقيق الاهداف(يعد منبع القيم ومحرك السلوك)
ويظل سؤالنا:
لماذا لم يتم اختيار قادة اذكياء لضمان رقي منظمات الاعمال؟
مجرد سؤال