بقلــلم ا.د.حمزة محمود شمخي
في مقالنا(استقلال الجامعات والحرية الاكاديمية) (الجزء الثالث)إستعرضنا فلسفة ومضمون وأهمية إستقلال الجامعات والحرية الاكاديمية ودورها في رقي وجودة العملية التعليمية وفي تعزيز رصانة البحث العلمي،وإستكمالا لشمول الموضوع وجدت من الانسب ان اعرض تجربة المملكة العربية السعودية حيث إتخذت قرارا باستقلال ثلاث جامعات كبرى في أكتوبر 2019 مفعلا في عام 2020 وفق نظام الجامعات الجديد الذي ذكر الاستقلال دون ان يذكر الحرية الاكاديمية،ولهذا جاءت ثنائية العلاقة قاصرة وضعيفة.
ومع ذلك فهي تجربة عربية رائدة وحديثة سوف نعطيها حيزا من التوضيح ونعرض ما لهذه التجربة وما عليها من ملاحظات.
والجامعات الثلاث هي:
–جامعة الملك سعود: تقع في مدينة الرياض، تاسست عام 1957،وتعتبر ثاني جامعة في المملكة بعد جامعة أم القرى.
–جامعة الملك عبد العزيز: تقع في جدة وتعتبر رابع أكبر جامعة في الشرق الأوسط بعد جامعة الملك سعود.ويزيد عدد طلابها عن 36 ألف طالب. في العام 2019 دخلت جامعة الملك عبد العزيز في اهم التصنيفات الدولية للجودة.
— جامعة الامام محمد: في الدمام تاسست عام 1975وتحوي الجامعة 19كلية وبها أكثر من 45 ألف طالب وطالبة.
والواضح ان قرار الاستقلال لهذه الجامعات كان مدروسا بعناية حيث الاختيار ركز على المناطق الرئيسية الثلاث في المملكة والتي تحظى(بوفر إقتصادي وجاذبية إستثمارية) كبيرة إضافة الى رصانة الجامعات المختارة وهو ما يعني أن استقلال الجامعة يركز بشكل أساسي على وضعها داخل المجتمع وعلى(الفطام أو شبه الفطام المالي المعتمد على دعم الدولة) اي على التمويل المالي الذاتي،ولعل هذا أهم جزء في تحقيق الاستقلال حيث ان الجامعات سوف تضمن تمويلها من البحث التطبيقي والدعم الحكومي المخصص وقدرة الجامعة في (الاستثمار بأشكال مختلفة، مع الحصول على تسهيلات إجرائية حكومية)اضافة الى ما يمكن تحصيلة من الدراسات العليا كاجور.
وفي حيثيات قرار الاستقلال فإن الجامعات الثلاث ستتمكن من( الاستقلالية المنضبطة من خلال بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية، وإقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل في المنطقة التي تخدمها،وذلك وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة من خلال مجلس شؤون الجامعات) وهذا يعني فك ارتباط هذه الجامعات عن وزارة التعليم،ليكون مجلس شؤون الجامعات هو المشرف على تلك الجامعات حيث( اعتمد 23 معيارا و 74 مؤشرا لتحديد مدى جاهزية الجامعات)الثلاث للاستقلال وفق 3 مجالات تشمل(الجوانب الأكاديمية والإدارية والمالية كما تم تشكيل لجنة للمراجعة والفحص والتدقيق تضم خبراء من عدد من الجامعات لعملية تحليل الجاهزية).
ان هذا القرار العلمي والشجاع والعصري والمميز سوف يضمن هوية محددة لهذه الجامعات تمكنها من فرض(وجود بيئة إبداعية على المستوى الأكاديمي والمستوى الاستثماري والإداري).ويناقش احد الاكاديمين السعوديين الحدث ويصفه انه ترابط بين (ثلاثة عقول مختلفة فهناك عقل الأكاديمي وعقل المستثمر واخيرا عقل الإداري،مختلفة في ترتيبها ورؤيتها وأسلوب معالجتها للقضايا ويصعب أن تلتقي في عقل واحد)وعقلية من سيكلف في رئاسة اي جامعة من الجامعات الثلاث لابد وان تكون(مبدعة ومتمكنة من ربط العقول الثلاث وأهمها عقل التمويل والفرص الاستثمارية لضمان ثبات التوازن المالي للجامعة بالإضافة إلى دوره في التنسيق بين العقول الثلاثة داخل الجامعة)فكيف ستلتقي هذه العقول الثلاثة في المستقبل لتصنع جامعة سعودية بهوية جديدة؟
وبدراسة ماورد في نظام الجامعات الجديد حول استقلال الجامعات يمكن الاطلاع على أحد القرارات المهمة في النظام وهو(التعاقد مع رئيس الجامعة كل ثلاث سنوات على نظام العمل وهذا يغير بشكل أساسي دور الرئيس التقليدي للجامعة ويجعل منه رئيسا تنفيذيا وقائدا للعلاقات العامة لتوسيع الفرص الأكاديمية)كما يتطرق النظام الجديد إلى آليات لكيفية تحويل الوظائف الحكومية إلى وظائف بعقود سنوية لاستبدال غير الكفوئين بآخرين يتوافر فيهم الابداع.
ان الجامعات المستقلة تختلف عن بقية الجامعات التي لازالت مرتبطة مركزيا في وزارة التعليم بالاتي:
-الجامعة المستقلة هي التي تقرر أنظمتها الأكاديمية والإدارية والمالية بنفسها بحرية أكبر خلافا لبقية الجامعات.
-الجامعة المستقلة تعتمد على مصادر تمويل متعددة أحدها الدعم الحكومي خلافا لبقية الجامعات.
-الجامعة المستقلة يتاح لها فرصة تميز بسبب
منحها حرية اكبر ويحق لها إنشاء فروع خارج السعودية خلافا لبقية الجامعات.
-الجامعة المستقلة لها مجلس أمناء بعضهم من الأكفاء خارج الجامعة،وهذا سيجعل في الجامعة تمثيل أكبر للمتميزين من غير الأكاديميين، وينبني على ذلك ربط الجامعة بشكل مباشر بسوق العمل.
-الجامعةالمستقلة يحق لها مستقبلا،تحديد الرواتب والبدلات واستقطاب المتميزين والعباقرة من السعوديين بعروض تليق بهم.
نتمنى النجاح لهذه التجربة