رأي في موازنة2021
ا.د. حمزة محمود شمخي
اتسمت المقالات الثلاث(رأي في موازنة2021)
باختلاف موضوعاتها الا انها كانت تصب في نهر التنمية والرقي والازدهارالاقتصادي المنشود.فقد كان جل اهتمامي هو الابتعاد عن الرأي الانتقادي لمتخذي القرار المالي للدولة، بقدر ما كان الرأي هو عرض وتوضيح الاهمية الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى لها الدول عند اعداد وتشريع قانون الموازنة.فالتنمية والرقي والازدهار الاقتصادي المنشود لا يتحقق فقط بمقدار المخصص للموازنة وانما يرتبط اساسا في طريقة اعداد الموازنة وتنفيذها،وقد يكون هذا أهم من اي متغير فيها ،فقد فقدنا الكثير من المنافع الاقتصادية بسبب اعتماد اسلوب في إعداد وتنفيذ الموازنة كان هو المرجح عند متخذي القرار،اما لبساطته او لانهم لا يجيدون اساليب الاعداد البديلة اولاغراض اخرى.
وما هو متاح في فكر المالية العامة ان الموازنة تعد وفق نماذج معروفة تسعى لها الدول لتحقيق اهدافها،ومن هذه النماذج هي،الموازنة التقليدية والمعروفة بموازنة البنود،وموازنة البرامج والاداء والموازنة الصفرية.
ومنذ تشريع الموازنة بعد 2003 حتى موازنة 2019 لجات الحكومة الى موازنة البنود لانها الاسهل والاقرب الى فهم من يعدها وفهم من ينفذها،وهي لا تخرج عن كونها تخصيصات عشوائية تقديرية لوحدات الدولة والادارة التنفيذية فيها مما يجعل جهد الحكومة في تنفيذ الموازنة رقابي على الصرف دون الاهتمام بالخدمات التي يجب ان تقدم وتنمى ،ويقال ايضا عن هذه الموازنة بانها موازنة (جامدة) ولن تمنح القدرة على الابداع التنموي وبطبيعتها فهي وسيلة لاهدار وإستغلال وسوء استخدام المال العام لمن سعى الى ذلك ،مما جعلها اكثر وسيلة لضمان التجاوز على مال المجتمع،وبالتالي لم تقدم موازنات البنود في الفترة السابقة اي منهج تنموي اقتصادي او اجتماعي واضح، فاغلب القطاعات الاقتصادية ضعيفة ومتهالكة وعيون الكهرباء لازالت لا ترى النور، والمنهج السياسي في الموازنة مرتبك بين ضمان حق الاقليم او تجاوز الاقليم على حقه وبين سلب حقوق المحافظات الاخرى الممولة لموارد الموازنة. ان اهم توصية تقدم للحكومة حاليا هو الابتعاد عن موازنه البنود المعطلة للنشاط الاقتصادي والاتجاه نحو موازنة البرامج والاداء،التي تعمل على ابراز(وظيفة جديدة للدولة هي الرقابة الادارية بدلا من التركيز على وظيفة الرقابة المالية التقليدية).
لقد عرفت لجنة التنمية الاقتصادية في اميركا موازنة البرامج والاداء بأنها (مجموعة الاساليب التي من خلالها يمكن لمدراء البرامج من التركيز على تنفيذ الاهداف التي تقع ضمن مسؤولياتهم بصورة دقيقة ومقارنة تنفيذ هذه الاهداف حسب الوقت وساعات العمل)،كما ان هذه الموازنة قادرة على تزويد الجميع بمعلومات لايمكن الحصول عليها من خلال طرق الموازنة التقليدية).اضف الى ذلك ان الحكومة ومن خلال موازنة البرامج والاداء قادرة في ابعاد القطاعات الاقتصادية عن الركود التي هي فيه ،اضف الى ذلك ان اعتماد هذا المنهج في الاعداد يضمن الدقة في حجم الانفاق ورفع كفاءة اجهزة الرقابة المالية على التنفيذ و(تنسيق البرامج والانشطة الحكومية ومنع حدوث اي ازدواجية ورفع كفاءة النظام المحاسبي وزيادة الاعتماد على بيانات تكاليف الاداء الحكومي).ومن خلال الموازنة تستطيع الحكومة ان تكتسب رضا الامم المتحدة من ان موازنتها سوف تمكنها من تحقيق بعض الاهداف الاممية الجوهرية(17)للتنمية المستدامة التي اقرتها عام 2015والتزمت الدول بتحقيقها عام 2030 وبذلك يمكن للحكومة ان تتعامل في موازنتها مع الاوجه الثلاثة للتنمية المستدامة وهي (الرفاهية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والحماية البيئية )وهو مايجب ان تعلنه الحكومة وتلتزم به،وهذا الراي سبق وان قدمناه كتوصية في اكثر من مقال ومحفل علمي.
ان موازنة البرامج والاداء وضمن منهجها تركز على (الاعمال والانشطة الحكومية دون وسائل تنفيذ تلك الانشطة).وتعتمد موازنة البرامج والاداء على ثلاث عناصر هي(تصنيف العمليات الحكومية حسب البرامج والانشطة،ووضع مقاييس للاداء،والتقرير عن الاداء)وحسب ما نعتقد ان اعتماد هذا النموذج في اعداد الموازنة سوف يضمن تحقيق بعض برامج التنمية التي يجب ان تلتزم بها الحكومة واعلانها على الشعب العراقي مؤكدة ان تلك الاهداف هي الاهم من اهداف البرنامج الحكومى الذي اعلنته الحكومة والتزمت به عمليا عند حصولها على ثقة الشعب،وكذلك هي اهداف الورقة البيضاء الاصلاحية.
مرحليا نوصي باعتماد موازنة البرامج والاداء لان البديل الافضل هو الموازنة الصفرية Zero Budgetالتي تتسم بمنهحية خاصة عند التطبيق نعتقد ان الادارة المالية الحكومية وادواتها التنفيذية غير مؤهلة او غير قادرة حاليا على اعتمادها وتنفيذها لوجود بعض المعايير فيها تستوجب التعمق العلمي والتدريب حولها،والاختصاص في بعض جوانبها.
لقد طبقنا موازنة البنود ونجحنا في هدر وفساد المال العام ،لنجرب موازنة البرامج والاداء عسى ان ننجح في حماية المال العام.