بقلم د. حيدر حسين آل طعمة
علق الاقتصاد العراقي عام 2020 في شراك ازمة مالية حادة نتيجة الانخفاض الحاد في الواردات النفطية، وجائحة كورونا واثارها المحلية والدولية، خصوصا مع التوسع غير المخطط للنفقات الجارية خارج حدود الامكانية المالية للبلد، اضافة الى عمق اختلال بنية المالية العامة نتيجة ضعف الجهود الحكومية في تصميم سياسات مالية قائمة على تنويع الايرادات الحكومية والحد من الادمان المفرط على النفط وضبط وترشيد النفقات العامة بشقيها الجاري والاستثماري. وقد ضاعفت الممارسات الحكومية خلال السنوات الماضية من هشاشة المالية العامة في العراق وقدرة ادواتها في الاستجابة لمتطلبات النمو والاستقرار الاقتصادي. اذ ولد الاختلال في هيكل الموارد الحكومية وضعف كفاءة الادارة المالية من حيث التخطيط والتنفيذ والرقابة تجويفا عميقا في مالية العراق العامة، اضافة الى اختلال بنيوي قائم على اتساع النفقات العامة في فترات الرواج النفطي، وضعف القدرة على التعايش مع اسعار نفط منخفضة اوقات الكساد النفطي. ولم تسهم الموازنات الانفجارية السابقة في توليد معدلات نمو تناسب حدود الامكانية ولا خدمات عامة (كهرباء، صحة، تعليم) تليق بالقدرات التصديرية للنفط العراقي او فرص عمل تجاري النمو المضطرد للقوى العاملة في العراق، وذلك لامتلاك النفقات التشغيلية كامل القدرة على الاستيعاب والامتصاص مقابل ضعف الطاقة الاستيعابية للنفقات الاستثمارية المتعمد تعطيلها بكوابح سياسية بهدف ابتلاع الموارد وخدمة المصالح التجارية لدول الجوار.
ورغم حدة الازمات التي طالت الاقتصاد العراقي نتيجة تذبذب اسعار النفط العالمية، واخرها ازمة عام 2014 وانهيار الاسعار الى دون (30) دولار للبرميل، الا ان تنفيذ سياسات الاصلاح الاقتصادي والمالي بقي بعيدا عن دوائر الاهتمام في اروقة صنع القرار نتيجة ضعف ادارة الملف الاقتصادي والمالي وهيمنة الفساد والمحاصصة والمحسوبية على المؤسسات الاقتصادية العليا.