القيادة الرنانة:
بقلــــم ا.د.حمزة محمود شمخي
أحدثت الظروف البيئية المستجدة والتحول نحو القيم الرقمية والتقنية والمعلوماتية التي تسير حياة المجتمعات والاعمال فيها،الى تغيرات في النمط القيادي المعتمد في إدارة منظمات الاعمال والذي يحاط عملها الاداري بنوع من الحساسية والغموض.
ومن الاساليب القيادية الرائدة في إدارة منظمات الاعمال والتي لم يوسع الفكر الاداري طرحها ونشرها بشكل متسع بعد ،هي القيادة الرنانة Resonant Leadership ومبدع هذا النمط القيادي هو Richard Boyatzis في كتابه المميز( القيادة الرنانة) الذي صدر عام 2005 مشاركة مع عالمة الادارة المبدعة Annie McKee إستاذة الادارة في جامعة بنسلفانيا. ومضمون القيادة الرنانة هي( تجديد نفسك و التواصل مع الآخرين من خلال الذهن(الفطنة)، والأمل، والرحمة
Renewing Yourself and Connecting with Others Through Mindfulness, Hope, and Compassio)
هذه الثلاثية المترابطة، الذهن(الفطنة)والامل
والرحمة،قد اخذت حيزا مهما من إهتمامات قادة منظمات الاعمال لتكون أساس في ضمان فاعلية العمل والتي تعد إسلوبا مميزا وسببا في رقيها. وعند تحليل الثلاثية أعلاه يمكن ان توصف الفطنة بانها(اعلى درجات الوعي الذاتي لدى القادة وادراكهم للبيئة المحيطة بهم).
أما الامل فهو(اساس التفائل والابتعاد عن التشاؤم والخوف).وتجسد الرحمة (قلب كل الممارسات الاخلاقية والروحية).فهذه الثلاثية تخلق وتضمن التفائل في الاداء.
ان القيادة الرنانة هي القدرة على التصرف بالشكل الصحيح،فالرنين يتعلق(بإعادة إنشاء معنى شيء ما في شيء آخر ،ثم مشاركته مع مرؤوسيك، وتقييمات الأداء هي وقت رائع للقيام بذلك) ،كما ينظرلها(نسيجا أنسجته قرارات العقل والعاطفة من اجل إشعار القادة من إنهم جزءا من الافراد العاملين مع التخلص من المركزية المقيته والتمسك بالقيادة الذاتية)التي تعبر عن الذهن والامل والرحمة.
وتاتي مثل هذه التنظيرات لان العمل الاداري يتغير وفق متغيرات البيئة ويحاط بدرجة من الغموض مما يعني(احتياجنا الى قادة إدارين يمكنهم العمل وسط هذا الغموض)
ان القائد الرنان يسعى الى محاولة تغيير المستحيل إلى الممكن، وإستقطاب المجاميع الأخرى للانضمام إلى المجموعة أو التعاطف معها أو عدم الاحتكاك بهم سلبا، ولذلك فهو (يمتلك من الأدوات ما يؤهله لتنفيذ مفاهيمه أو مفاهيم منظمته،بعيدا عن الإسفاف والمحسوبية والترهل الفكري).
إن هذا التطوير والتغيير في الفكر الاداري ينطلق من تاكيد منظمات الاعمال دائما من انها( لا تريد قادة يرتجلون، ولا قادة نرجسيين لا يرون إلا المشاكل بدون خلق حلول لها)وفي الظرف الذي نعيشه حاليا نحتاج إلى قادة(ماهرين وفعالين قادرين على توقع وتلبية إحتياجات من حولهم).فالبيئة الحالية مليئة بانعدام اليقين،وبالقلق والخوف،فجميع هذه المخاوف شرعية ومقبولة، وجميع علامات الألم صادقة ومقبولة. ولكن، أمر لا يجب على أي قائد اداري القيام به أبدا هو(خلق المزيد من التشويش) والخوف والتشاؤم.
قائد الرنانة(سيكون ذلك القائد الذي يتحرك والآخرون يتحركون دون الحاجة إلى الحديث عنه)
وحركتهم مفعمة بالعقلية المتكاملة والامل والحرية حيث يصبح هؤلاء القادة يملكون جاذبية عاطفية (ويمارسون تاثيرا كبيرا على العقول العاطفية للأشخاص الذين يقودونهم) من خلال مقوماتها الاساسية وهي(العقل والروح والعاطفة).
يمكن للقائد إدارة دوره(باستخدام تقنيات محددة لمكافحة الإجهاد، وتجنب الإرهاق، وتجديد أنفسهم جسديا وعقليا وعاطفيا).
ان كتاب Boyatzis يكشف أن(الطريق إلى “الصدى” هو من خلال الذهن، والأمل ، والرحمة ،ويظهر كيف يتم توظيف هذه الصفات بخلق قيادة فعالة ودائمة.القادة العظماء هم قادة صدى. القيادة الرنانة تقدم الإلهام والأدوات والحفاظ على صدى في أنفسنا وفي تلك التي نؤديها.
ترى هل هناك من قادتنا الادارييين قادرين ان يستوعبوا مناهج الفكر القيادي الجديد وفق الحالة الظرفية التي يمر بها العالم حاليا؟
يجب ان يكون ذلك ومن لا يستطيع علية ترك المسرح الاداري.