مؤشر الرعاية الصحية وموقع العراق فيه:
ا.د.حمزة محمود شمخي
تحتل الرعاية الصحية مكانة مميزة في نشاط الدول تمثل قمة اهتمامها الاجتماعي لما تمثله من وسيلة فاعلة لضمان صحة المجتمع والتي تعد إحدى أبرز دعائم الاقتصاد الوطني وأحد أهم مدخلات الإنتاج له.
وتشكل(الصحة)الهدف الثالث من اهداف التنمية المستدامة Sustainable Development Goals السبعة عشر التى اوصت بها المنظمة الاممية وسعت الدول الى ضمان تحقيقها حتى عام 2030.
ومضمون النص ان(الصحة حق للجميع)
لقد عانت ولاتزال عدد كبير من الدول عن عجز قطاعها الصحي ومنظومته على ضمان الصحة للجميع واحتواء الامراض،ولنا في أزمة فايروس كورونا مثالا مهما حيث انهارت المنظومة الصحية حتى في بعض الدول المتطورة مثل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وامريكا دون قدرة تلك المنظومة على المقاومة رغم ان اغلبها سبقت باقي دول العالم في تطور نظامها الصحي.
إن محاول احتواء الامراض أو تأمين اجراءات علاج مناسب للمجتمع انما يتوقف على منظومة(الرعاية الصحية)وبرنامج التمويل لها.
ينظر للرعاية الصحية Healthcare في الدولة كونه نهج(للصحة والرفاهية يشمل كل المجتمع ويتمحور حول احتياجات وأولويات الأفراد والأسر والمجتمعات المحلية، وهي تتناول الصحة والرفاهية بجوانبهما البدنية والنفسية والاجتماعية الشاملة والمترابطة).
ويعتبر مؤشر الرعاية الصحية العالمي الذي يعد من قبل مجلة(CEO World)الامريكية بالتعاون مع موقع Numbeo المختص بالابحاث وتصنيف الدول،من اكثر المعايير قبولا،فهو معيار للرفاهية الصحية يمثل(تحليلا إحصائيا للجودة الشاملة لنظام الرعاية الصحية)للدولة وتقيما لدورها في ضمان ذلك.
يستند مؤشر الرعاية الصحية العالمي المعتمد في تقييم الدول وفق 5 متغيرات صحية مهمة هي:
1-البنى التحتية للرعاية الصحية.
2-اختصاصيو الرعاية الصحية (الأطباء وموظفو التمريض وغيرهم من العاملين الصحيين)والكفاءات.
3- التكلفة (دولار للفرد الواحد).
4- توافر الأدوية الجيدة.
5-الاستعداد الحكومي.
اضف الى ذلك ان المؤشر ياخذ في الاعتبار عوامل أخرى ذات اهمية مثل(العوامل البيئية، والحصول على المياه النظيفة، والصرف الصحي، واستعداد الحكومة لفرض عقوبات على مخاطر مثل استخدام التبغ، والسمنة).
ويشير مؤشر CEO Worldو Numbeoان العراق ثالث اسوأ نظام للرعاية الصحية على مستوى العالم لعام 2019 حيث تم تاشير الدول الأسوأ في تصنيف الرعاية الصحية وحلت في المراكز الأخيرة وفق المؤشر هي(بنغلاديش في المركز 85 وأذربيجان 86 والعراق 87 فيما تذيلت فنزويلا بالمرتبة 89 تسبقها باكستان 88).
رغم أُنفاق العراق بين أعوام 2003 و2011(نحو 53 مليار دولار كسيولة تشغيلية واستثمارية وأجهزة ومعدات ومستلزمات طبية من موازنات حكومية،لترميم المنظومة الصحية المتآكلة،والانتقال بها إلى مرحلة التعافي استجابة لمشكلات السكان).
ولم تتغير الصورة في نسخة2021 حيث رتبت الدول 89 وفق المؤشر،حيث جاءت(كوريا الجنوبية بأفضل نظام صحي في العالم، تليها تايوان، ثم الدنمارك، والنمسا، فاليابان، فيما تذيلت فنزويلا بالمرتبة 89 يسبقها العراق87 وباكستان بالمرتبة 88).
وعربيا، جاءت الإمارات أولاً وفي المركز 22 عالميا،تلتها قطر بالمركز 33،ثم الأردن 43،ولبنان 45،والسعودية 55، وتونس 59،والجزائر 68،والمغرب 83، ومصر 84 والعراق87.
وضمن المحتوى الفرعي للمؤشر سجل العراق في المؤشر العام 32.55 درجة،وفي البنية التحتية 73.74 درجة،وفي معيار المهنيين والكفاءات 14.59،وفي التكلفة 53.81،وفي توافر الدواء 57.45،وفي استعداد الحكومة 88.36 درجة وذلك وفق نتائج المؤشر.
ومع ذلك فان الرعاية الصحية في العراق وفق اهم مؤشر للرعاية الصحية في العالم تتسم بالسوء،مما يعني تهالك المنظومة الصحية وضعفها في ضمان الرعاية الصحية المطلوبة للمجتمع،وهو أمر غير مقبول بعد ان كان العراق يعد من الدول الرائدة في الرعاية الصحية.ولان الرعاية الصحية هي الاسوء،كانت سببا في سفر العراقيين الى الخارج للحصول على الرعاية الصحية.حيث تشير التقارير الطبية المصدقة لدى وزارتي الخارجية والصحة أن(ما لا يقل عن 4 آلاف عراقي يغادرون شهريا بغية العلاج)يكلفون الاقتصاد اكثر من 5مليون دولار شهريا ،لعدم توفرالخدمة الصحية والعلاج حيث(يتوفر 12%من مجموع الادوية الاساسية وهي531دواء).
كما ان تقارير وزارة الصحة تشير أن ما يصرف على المواطن سنويا أقل من 100دولار في حين تقدر كلفة المطلوبة للرعاية الصحية للمواطن العراقي(بين 154 إلى161دولار سنوياً،وفقا لمؤشرات البنك الدولي، وترتفع في أفضل مستويات التفاؤل إلى 239 دولار بحسب مؤشر(the Global Economy).
وتشير التقارير ايضا ان الإنفاق العلاجي للعراقيين من مدخراتهم سنوياً،يقدر(بين 5 و6 ملايين دولار،ما يعتبركافيا لتشييد مستشفى كل ثلاثة أشهر،أو بناء ثلاثة مراكز صحية للرعاية الأولية كل شهر في العراق).
الرعاية الصحية خيار دولة ومجتمع،للحد من الفقر والجوع ورقي التعليم لضمان النهوض الاقتصادي.