الفساد المالي وتأثيره على الاقتصاد العراقي
اعداد طالبة الماجستيراسراء عبدالله طالب
مفهوم الفساد المالي
يعرف الفساد المالي بأنه سلوك غير سوي وغير أمين يعمل على جمع جميع الانحرافات المالية للتشريعات والقوانين للعمل لمصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة، وتسير لأشخاص أو مؤسسات خاصة وتشمل تقديم رشاوي للجهة المنتفعة، وتشمل الهدايا والرشاوى، وغسل الأموال والنصب على المستثمرين، يعرف أيضًا بأنه خروج عن قوانين الدولة ومصالحها وعدم التقيد به من أجل تحقيق مكاسب سياسية واجتماعية للشخص أو مجموعة معينة .
مظاهر الفساد المالي
- الرشوة فعل للإقناع غير النزيه لشخص ما بالتصرف لمصلحته عن طريق الدفع أو أي حافز آخر. يمكن للإغراءات تأخذ شكل هدايا أو قروض أو رسوم أو مكافآت أو غيرها مزايا. تعد الرشوة من أخطر مظاهر الفساد المالي، ومن أهم أنواعه وأدواته وتتخذ مظاهر وأشكال متعددة، وتتفاوت مستوياتها وتوسعها من دولة لأخرى حسب ثقافات المجتمع ونسبة العدل فيه.
- الاختلاس سرقة الأموال أو الأصول المودعة في ائتمان الفرد أو تحت سيطرته و تضليلها أو إساءة استخدامها.
- دفع التسهيل دفعة صغيرة ، تسمى أيضاً مدفوعات “السرعة” يتم إجراؤها لتأمين أو تسريع أداء إجراء روتيني أو ضروري.
- المحسوبية تعني تفضيل الأقارب أو الأصدقاء الشخصيين بسبب قرابتهم وليس كفاءتهم
- نهب المال العام يعني الاستيلاء على أموال الدولة والتصرف بهذا المال دون أي وجه حق.
- الواسطة بسبب علاقات شخصية أو قرابة يتم أخذ حق بالتعيين أو التوظيف لصالح شخص لا يستحقها دون النظر لمؤهلاته وخبراته.
- الابتزاز حيث يتولى الفاسدون السيطرة على احتياجات المراجعين لتخليص معاملاتهم، مقابل الحصول على منافع شخصية كالأموال أو المصالح الشخصية.
- التزوير يقوم الفاسدون بتغير المستندات والتواقيع لمصالح شخصية أو لخفض أو رفع قيم المناقصات المالية للشركات.
- غسيل الأموال هو تغطية الأموال غير الشرعية بوسائل مالية مشروعة، وتستخدم لبعد الشبهات المالية للتعاملات المالية الممنوعة وغير المشروعة لتمويه السلطات الرسمية
- التهرب الضريبي : يتعرض الكثير من المسؤولين الحكوميين والقائمين بوظيفة عامة الى محاولات الابتزاز من قبل رجال الأعمال في القطاع الخاص، فهؤلاء يدفعون الرشا بغية حصولهم على تخفيض ضريبي أو إعفاء ضريبي لفترة طويلة من خلال استثناءات او احتيال على القوانين ، كما يقوم بعض المسؤولين بالتلاعب في مواصفات السلع المستوردة في المعاملات من اجل تخفيض الرسوم الواجب دفعها للخزينة العامة مقابل حصولهم على أموال كرشوة من المستورد وهذا بحد ذاته نهب للمال العام.
آثار الفساد المالي
الآثار الاقتصادية يعمل على إعاقة النمو المالي للدولة، مما يضيق على الأهداف التنموية، ويعمل على إهدار موارد الدولة المالية، ويعمل أيضًا على طرد الاستثمارات الأجنبية والوطنية لغياب العدالة، ويعمل على خلل بتوزيع العدالة للموارد كما ينهك الفعالية الاقتصادية، ويعمل على ازدياد الفجوة المالية بين الطبقة الغنية والفقيرة, تظهر آثار الفساد الاقتصادي بشكل عام على مؤشرات التنمية وعلى القدرة التنافسية للاقتصاد ، حيث توجد علاقة عكسية بين انتشار سلوك الفساد وقدرة الاقتصاد على التنافس الخارجي، وسوف نركز على اثر الفساد في المتغيرات الاقتصادية الاتية :
أثره في تعزيز التضخم : شهد الاقتصاد العراقي مشكلة من اهم المشاكل الاقتصادية المتعلقة بالتضخم الذي تزايدت نسبه بشكل كبير بعد عام ۲۰۰۳ بسبب الاختلالات الهيكلية وقيام الكثيرين من المسؤولين الذين لا يتمتعون بالكفاءة بإدارة الوزارات والمؤسسات الذين كانت لهم مساهمة في أحداث الأزمات وتعزيز حالات الفساد الاقتصادي والمالي في أجهزة الدولة ، وتأسيسا لذلك تزايدت موجات التضخم اذ ان الارتفاع التدريجي في الأسعار بدأ مع حدوث أزمة المنتجات النفطية ثم انتقل ليصيب قطاع النقل والمواصلات ثم اشتدت الأزمة لتنتقل وتمس حياة المواطن مع اشتداد ازمة الطاقة الكهربائية وازدياد الطلب على البنزين لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية وقد ساهم ذلك في تدني مستويات المعيشة وتفاوت مستويات الأجور بين أفراد المجتمع فأصبحت هناك فئات تتمتع بمستويات عالية من الرفاهية لارتفاع أجورهم وهذه الفئات هي القريبة من مركز القرار وأصحاب المسؤوليات الإدارية العليا في الدولة ، أما الفئات الأخرى التي تمثل ( ۷۰%) من المجتمع فتستلم أجورا تكاد لا تكفي متطلبات المعيشة في ظل الارتفاع الكبير في أسعار جميع السلع والخدمات في السوق. وعلى الرغم من قيام الحكومة بخلق زيادات في رواتب الموظفين العاملين لديها في الآونة الأخيرة لتغطية الزيادة في الأسعار غير ان النقص الكبير في الخدمات الضرورية بسبب حالات الفساد الاقتصادي والمالي في قطاع الخدمات وتحمل الفرد تكاليف اغلبها سوف تؤثر على الفئات العاطلة عن العمل لأنهم سوف يتحملون الارتفاع في الأسعار الناتج عنها دون أن يصيبهم أي دخول إضافية مما يعني ان تفاقم حدة الفساد بالاقتصاد في المجتمع العراقي سيساهم في تعزيز مشكلة التضخم
اثر الفساد في تعزيز البطالة :تعززت مشكلة البطالة في المجتمع العراقي بعد أحداث ۱۹۹۱ وفرض العقوبات الاقتصادية ، وقيام الكثير من الموظفين بترك وظائفهم والعمل لدى القطاع الخاص او في المجال الحرفي لسد متطلبات المعيشة غير ان التغير السياسي عام ۲۰۰۳ قد عمق من حالة البطالة بشكل كبير وبجميع أنواعها ( المقنعة ، الاحتكاكية ، الإجبارية ) من خلال أعداد كبيرة من منتسبي الجيش العراقي السابق والأجهزة الأمنية وموظفي بعض الوزارات الذين يقدر عددهم بحدود مليون (شخص) لتزايد بذلك الكلفة الاجتماعية التي تحملتها الدولة ، حيث ان نسبة البطالة تجاوزت (٥٢%) في الأونة الأخيرة وهي اعلى نسبة في دول المنطقة بسبب توقف المشاريع الإنتاجية بنسبة (90%) وان الكثير من الأموال التي تم تحصيلها لبناء المشروعات وحملات الأعمار قد تم سرقتها ضمن حلقات متسلسلة ان الاموال المهدورة بسبب الفساد قد يكون لها الأثر الفعلي في انتشال وتخفيف حجم البطالة التي تزايدت بشكل كبير وقلت مساهمتهم في الإنتاج وأجبرت الكثير منهم بالقبول بأية فرصة للعمل حتى ولو كانت بأجور متدنية اذ أصبحت البطالة الإجبارية هي النوع السائد في الاقتصاد العراقي وهذا ما خلق اثارا اجتماعية تمثلت بزيادة حالات السرقة والجريمة والاحتيال للحصول على الأموال واستخدام كثير منهم في العمليات الإرهابية والتفجيرات وغيرها.
تأثير الفساد على النظام المصرفي: يعتبر القطاع المصرفي من أهم القطاعات التي تلعب دورًا رئيسيا في التنمية الاقتصادية، حيث تلعب المصارف دور الممول الرئيسي للفعاليات والأنشطة الاقتصادية، أهمية دوره جعلته مصدرًا محتملا لجرائم الفساد بل أكثرها خطورة ,الفساد في القطاع المصرفي، أصبح من الظواهر الشائعة في العراق، مرجعا السبب في ذلك إلى “ضعف الجهات الرقابية” كما يعد أداة تستخدم لتهريب الأموال بحسب حديث الكاتب والمحلل السياسي أحمد الخضر حيث يقول بأن “عمليات التزوير وعدم الوضوح، فضلا عن عدم الشفافية للرقابة الحكومية، هي أبرز سمات انتشار الفساد في القطاع المصرفي، يؤدي إلى أثار سلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية، حيث يؤثر على أداء المؤسسات الاقتصادية، كما يضعف الأثر الإيجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشاريع المحلية والأجنبية، خاصة في حالة طلب رشاوى من أصحاب المشاريع الاقتصادية لقبول المشاريع، وهو ما يزيد من تكلفتها، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف رجال الأعمال من إنشاء مشاريعهم في دول تعرف درجة عالية من الفساد.
اثر الفساد في تعزيز المديونية الخارجية: تحمل الاقتصاد العراقي اعباء كبيرة تمثلت بحجم المديونية الكبيرة لصالح الدول الأجنبية والعربية التي أثقلت كاهله وأصبحت من أهم المعوقات التي تواجه عملية التنمية في العراق، فبعد ان كان يحتل المرتبة الرابعة من حيث الفوائض المالية على الصعيد العربي أصبح الآن وبفعل الفساد المالي يحتل مراتب متقدمة في حجم المديونية المترتبة عليه لصالح العالم الخارجي. وعلى الرغم من إطفاء الكثير من الديون مثل ديون دولة الكويت ونادي باريس الا ان هذه الديون قد أثقلت الميزانية العامة للدولة وكبلت العراق الكثير من الانخفاض في حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع الإنتاجية. ان الواقع الحالي يجعل المهمة صعبة للتخلص من حجم المديونية الخارجية وهذه الصعوبة تكمن في حجم الاضطرابات الداخلية فالعراق يعتمد على النفط كمورد رئيسي للإيرادات المالية وهذا المورد يتعرض يوميا لعمليات التهريب وحالات الفساد المالي التي تبدد من القيمة الحقيقية لهذه الثروة ، والتي تجعل مهمة الحكومة الحالية صعبة للتخلص من ديون العراق الجارية خاصة ان الكثير من الدول ما زالت تقدم القروض له من اجل مساعدته على إعادة أعمار البنية التحتية وهذه القروض تترتب عليها فوائد ولفترات زمنية طويلة ولعل آخر ما قدمه البنك الدولي وكذلك القروض التي تقدمها الدول الطويلة الأمد مقابل حصولها على العقود الكبيرة عند البدء بإعادة أعمار العراق
السبل الفعالة للقضاء على الفساد
الحوكمة الإلكترونية :الحوكمة الإلكترونية هي عملية تساعد على تقديم الخدمة الحكومية للمواطن بأسرع وقت ممكن من خلال التكنولوجيا. وباستخدام هذا النظام فإن الأنشطة الحكومية سوف تتسارع بشكل كبيران نظام الحكومة الالكترونية تتبلور أهميته فيما يصاحبه من تطوير في كافة النشاطات والإجراءات والمعاملات الحكومية وتبسيطها ونقلها نوعيا ً من الأطر اليدوية أو التقنية النمطية، إلى الأطر التقنية الالكترونية المتقدمة
المصدر: https://images.app.goo.gl/ avg8V3cb5zN13o3a6
الشفافية والمساءلة :-
ان المساءلة تعني قدرة أجهزة الدولة على محاسبة ( مساءلة) الأشخاص الذين عهدت اليهم بالوظائف في حالة الإخلال بوظائفهم او محاسبة المسؤول في وحدة ما عن الأعمال التي يقوم بها الموظفون الذين هم تحت مسؤوليته .
الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد
المصادر
- جبار محمد علي الكعبي ، ياسر عمار عبد الحميد، شفافية الضريبة وأفاق تطبيقها في الهيئة العامة للضرائب، بغداد، ۲۰۰۸ –
- عبد الله بن حاسن الجابري الفساد الاقتصادي أنواعه وأسبابه وأثاره و علاجه، جامعة ام القرى .
- د. علاء حاكم محسن ، مجموعة محاضرات حول الفساد ألقيت في مركز التدريب المالي والمحاسبي، وزارة المالية ، ۲۰۱۱.
- 4. د سمير عبود عباس، صباح نوري عباس الفساد الإداري والمالي في العراق مظاهره ، أسبابه ووسائل علاجه معهد الادارة / الرصافة
- Rob Mccusker. Review of anti-corruption strategies, Technical and Background Paper, Australian Institute of Criminology, No. 23, 2006, p: 10.
- Abdur Rahman, E-Governance in Bangladesh, Global Encyclopedia of Public Administration,Public and Governance, Springer Nature Switzerland AG, 2019, p:1.
- https://mawdoo3.com/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A_%D9%88%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D9%87
- http://www.ad.gov.eg/About%20MSAD/Transparency%20committee/seven
- CombatingadministrativeandFinancialcorruptionthroughelectronicgovernance6.pdf