You are currently viewing رأي في الموازنة العامة 2022

رأي في الموازنة العامة 2022

رأي في الموازنة العامة 2022:
ا.د. حمزة محمود شمخي


ضمن التشريع الدستوري فان موازنة 2022 مرتبطة بولادة الحكومة الجديدة التي لازالت متعسرة مما يعطي الاحتمال ان العراق قد يفقد وثيقته المالية الاقتصادية هذا العام أيضا وسوف تعمل الإدارة التنفيذية وفق المبدأ المتعارف عليه وهو صرف1÷12 من موازنة 2021،والسبب ان الموازنة، دستوريا، يجب ان تعد من حكومة كاملة الصلاحيات.
لنتفاءل بان الموازنة العامة سوف تعد وتشرع لعام 2022،لذا فان من أولويات الحكومة الجديدة عند اعدادها ان تهتم بالأمور التالية:
أولا: دستوريا الموازنة هي سنوية التنفيذ وبالتالي اسقاط الحجة امام الداعين لإمكانية اعداد وتشريع موازنة لأكثر من سنة.
ثانيا: ان تعلن الحكومة الجديدة تشكيل صندوق الثروة السيادي المعلن عنه والذي يضمن حق الأجيال القادمة في ثروة بلادهم، وان تتضمن الموازنة نصا لتمويل الصندوق بدءا من عام 2022 وذلك باستقطاع نسبة من عائدات النفط لتمويله وهو حق شرعي ودستوري للأجيال في ثروة بلادهم، واستقطاع نسبة 5%من إيرادات النفط لتمويل الصندوق كنسبة ثابته مقبولة جدا.
ثالثا: لان موازنة العراق موازنة ريعية، أي اعتمادها الكلي على النفط فان الامر يستلزم تحديد سعر التعادل المالي للنفط  الذي يعتمد كأساس في خلق التوازن بين الإيرادات والنفقات في الموازنة. وسعر التعادل المالي هو مؤشر اعتمده صندوق النقد الدولي، كسعر ضروري لتحقيق التوازن في موازنة الدول وتحديد مقدار العجز المتوقع فيها.
وتغيرات السعر مسالة ذات أهمية فسعر(التعادل المالي للنفط الأعلى من سعر النفط الحالي يعني أن موازنة الحكومة المخطط لها ستؤدي إلى عجز، وفي هذه الحالة، على الحكومة اعتماد   سياسات للاقتصاد الكلي يتم من خلالها ضبط الأوضاع المالية إما عن طريق خفض الإنفاق أو زيادة الضرائب أو كليهما).
وكان معهد التمويل الدولي قد توقع في تقرير تراجع نقطة التعادل المالي لأسعار النفط في الدول المنتجة للنفط خلال العام الحالي، لتحقيق التعادل أو التوازن المالي عند اعداد موازناتها، مرجعا ذلك إلى ارتفاع أسعار وإنتاج النفط لدى هذه الدول.
وسعر التعادل تحكمه عدة عوامل(يصعب التنبؤ بها أهمها تكلفة الإنتاج وحجم الإنتاج اليومي والأهمية النسبية لإيرادات النفط في الموازنة والناتج المحلي الإجمالي ومدى الالتزام بالنفقات التي تم تحديدها)
ومن الواضع ان أسعار النفط قد وصلت الان الى مستويات غير مسبوقة قياسا بالسنوات السابقة اذ تجاوزت عتبة 95دولار مع التوقع في زيادتها في الأمد القريب. لذا فان تحديد سعر برميل تعادلي في موازنة2022 بمقدار 65دولار مناسب من ناحية التحوط وضمان انفاق الدولة وتسديد الديون والحد من فجوة العجز.
رابعا: من اكثر الأمور التي ينتظر من الحكومة الجديدة معالجتها هو(سعر صرف الدينار)وهو المشكل الأكثر أهمية وفقا لوجهة نظر الشارع، لما سببه من أثر اقتصادي واجتماعي، ورغبة الجميع سلوكيا في ان يقدس ديناره أمام الدولار.
وتخفيض قيمة الدينار(Devaluation)هو قرار اداري حكومي خاضعا(للإدارة المالية للدولة، التي تحدد هذا السعر)وليس نتيجة عدم توازن عرض وطلب الدولار.
ويعرض بعض الاقتصاديين عن احتمال عدم تغيير سعر صرف الدينار الذي ظهر فجأة في موازنة 2021من خلال توصية الورقة البيضاء منطلقين من ان تخفيض سعر الصرف قد اعتمد كعلاج لنقص الإيرادات بسبب انخفاض أسعار النفط وتضخم النفقات وزيادة عجز الموازنة بعد تجازوه نسبة 3%من الناتج المحلي الإجمالي. لذلك لجأت الإدارة المالية للدولة ببيع الدولار بسعر صرف أعلى لجني المزيد من الإيرادات، وهو اسهل الطرق امام الإدارة المالية للدولة، وكان يمكن معالجة ذلك النقص من خلال تنمية الإيرادات التي ينعم بها الاقتصاد العراقي وإصلاح هيكلية السياسة الاقتصادية بشكل عام والسياسة المالية والنقدية والاستثمارية من اجل زيادة إيرادات الدولة والتحكم في النفقات والنفقات غير المنتجة او تسكين مقدارها قبل اللجوء إلى خيار تخفيض قيمة الدينار العراقي امام الدولار. فالشعب لا يتحمل سوء الإدارة المالية للدولة وقصورها في استمرارية ريعية الموازنة وعلاجها بتخفيض سعر صرف الدينار.
ورغم ان المنطق الاقتصادي يؤكد ان(خفض قيمة العملة يجعل من صادرات بلد ما أقل تكلفة بشكل نسبي لمن هم خارجها، لذا فإن خفض قيمة العملة يجعل واردات الدولة أكثر تكلفة على المستهلك المحلي، ما يؤدي إلى خفض عمليات الاستيراد)ولكن مع ضعف الإنتاج الوطني على الأقل في السلع الاستهلاكية ذات الطلب الشديد فان ارتفاع الأسعار هو الذي سوف يسود وهذا ما حصل فعلا، مما يعني ان التخفيض قد عالج حالة ولكن تسبب في حالات أخرى مربكة ومؤذية للشعب اقتصاديا ونفسيا واجتماعيا.
ومن المحتمل أن استمر خفض قيمة الدينار فانه ينتج عواقب(مقصودة تقود إلى ما يوصف بـ”هزيمة الذات”) إضافة الى تأثيرات اقتصادية قد(تضعف ثقة المستثمرين باقتصاد البلد، وتؤثر سلبا على عملية استقطاب الاستثمارات الأجنبية)التي تعد عماد الاقتصاد.

لنستوعب هذه الأمور في موازنة2022.