بقــلم ا.د.حمزة محمود شمخي
ثلاثية الذكاء(الذكاء التنافسي والذكاء الاقتصادي والذكاء الاستراتيجي) يتفق حولها علماء الادارة والاقتصاد على انها مناهج متماثلة المضمون رغم اختلاف المسمى ،ومضامين تلك الثلاثية لاتخرج عن كونها عملية(تخطيط لآليات الحصول على المعلومات ضمن أُطر أخلاقية وقانونية تخص البيئتين الداخلية والخارجية و تحليلها ومعالجتها بما يساعد على إتخاذ قرارات كفيلة لتحقيق الميزة التنافسية)لمنظمات الاعمال في اي إقتصاد ،وبهذا التحديد تعد هذه الثلاثية هندسة للفكر الاداري الاستراتيجي المعاصر لما فيها من دور مميز في النمو وتطور المنظمات.
وقبل ان نعرض تلك الثلاثية،لابد ان نحدد ماهية الذكاء (intelligence) فهو منهج ذو معنى متكامل،عادة ما يطلق مصطلحه على (القدرات في حل المشاكل المعقدة والسرعة التي تتم بها تلك الحلول).ويعرض البعض ان مصطلح الذكاء ينحصر في ثلاث متغيرات لها قيمتها التطويرية واثرها المميز في اي مجتمع هي(إبداع ،وتحليل،وتطبيق)
مما ساعد ذلك في تحديد ثلاث أنواع من الذكاء،هو (الذكاء الإبداعي والذكاء التحليلي و الذكاء التطبيقي)وجميع تلك التحليلات تدخل في محتوى ومضامين الثلاثية أعلاه وجعلتها ذات قيمة لرقي وتطور الاقتصاديات المعاصرة.
ولتحليل هذه الثلاثية نحن أقرب الى جعل(الذكاء الاقتصادي economic intelligence)معبرا عن تلك الثلاثية لشيوع المسمى من ناحية الارتباط بمنظمات الاعمال واهدافها.
والذكاء الاقتصادي مفهوم إداري يتعلق بالتسيير الاستراتيجي للمعلومات،(إنه توليفة لوظائف الاستعلام،وحماية المعلومات والتأثير على البيئة. فالمنظمات أصبحت مطالبة اليوم بتوقع التهديدات والفرص وضمان حماية المعلومات ، كما أنها أصبحت معنية بممارسة التأثير على المحيط من خلال الضغوط المعلوماتية والخروج من دائرة المتعامل السلبي والتابع الكلي لتغيرات السوق).
ويحدد الذكاء الاقتصادي كونه نشاط لإنتاج (المعرفة التي تخدم الأهداف الاقتصادية والاستراتيجية للوحدة الاقتصادية بحيث يكون قد تم تجميعها وانتاجها في إطار قانوني ومن مصادر معروفة).
وتشير بعض الدراسات إن أول تعريف عملي للذكاء الاقتصادي ظهر سنة 1994 في فرنسا، حيث تم تعريفه على أنه(مجموعة الأعمال المرتبطة بالبحث، ومعالجة وبث المعلومة المفيدة)لكل العاملين الاقتصاديين لصياغة استراتيجية عملهم.
والذكاء الاقتصادي،نظام system يتكون من ثلاث عناصر مترابطة ومتكاملة وهي(اليقظة الإستراتيجية، والامن، والتأثير).
وتلعب(اليقظة الإستراتيجية)دورا متكاملا في نظام الذكاء الاقتصادي ،اذ من خلالها يتم القيام بترجمة المعلومات كمؤشرات لاتخاذ القرارات الإستراتيجية والمناورات التكتيكية) بما يتناسب وأهداف منظمات الاعمال،وينظر لليقظة الاستراتيجية كونها(عملية إعلامية من خلالها تتمكن المنظمة من البحث والكشف ُعن الإشارات المعلنة عن أحداث حساسة من شأنها التأثير على ديمومتها).
اما(الامن) فهو الجانب الدفاعي للذكاء الاقتصادي الذي لا يمكن تجاهله،(بالرغم من أن المبادرة واستغلال المعلومات تعد من أولويات معظم الأعمال المتعلقة بالذكاء الاقتصادي).
في حين يعبر(التأثير) عن استخدام المعلومة بطريقة تمكن منظمة الاعمال (من العمل على بيئتها لجعلها أكثر ملائمة لتحقيق أهداف الاستراتيحية ومواجهة التيارات التي قد تكون ضارة).
وضمن هذا المضمون يؤكد الكثير من المهتمين في حقل علوم التسيير، أن تطبيق الذكاء الاقتصادي ليس حكرا على الدولة وانما أصبح ضرورة لمنظمات الاعمال في ظل تطورات البيئة وازدياد حدة المنافسة بين المنظمات مهما كان حجمها.
ان استراتيجية عمل منظمات الاعمال تتنوع بين (تطوير منتج جديد،والاستثمار في سوق جديد، وتحسين العوائد،ومعرفة منافسيه) ويقصد بذلك تحليل شامل للبيئة الداخلية والخارجية وما فيها من قوة وضعف وفرص وتهديدات،والتي تعد اساس التفكير الاستراتيجي لاي منظمة.
ولاهمية الذكاء الاقتصادي كمؤشر للرقي فأن هذا المفهوم يتغير معناه حسب الدول وحاجياتها،فقد تم تحديد معاني هذا المصطلح على الشكل التالي:
(في انجلترا:التزود بالمعلومات بهدف الفعل.
-في ألمانيا:التعرف من أجل الفهم.
-في فرنسا:الفهم من أجل التلاؤم مع الواقع)
وهناك دراسات تفصح عن العلاقة بين الذكاء الاقتصادي واليقظة الاقتصادية،من خلال مدخلان، الأول: يعتبر اليقظة كمرحلة من مراحل الذكاء الاقتصادي وهي تهتم في مضمونها برصد محيط المنظمة التنافسي،والتكنولوجي،والتجاري، والقانوني (وهي عملية منظمة)ومتكررة، أما الذكاء الاقتصادي فهو أشمل إذ يتضمن إضافة إلى ذلك نتائج العملية السابقة. اما المدخل الثاني: فهو عكس الأول حيث يتبنى التعارض بين المفهومين حيث يعتبر إن اليقظة الاقتصادية هي رد الفعل أما الذكاء الاقتصادي فهو الفعل).
ان القيادة الادارية لاي منظمة اعمال ملزمة بتعزيز منهج الذكاء الاقتصادي وادراك مضمونه وتفعيل دوره وبدون ذلك الادراك فان طريقها عشوائي مظلم المستقبل.