القيادةالادارية الاخلاقية(12):
المحاسبه التجميلية
ا.د.حمزة محمود شمخي

يسعى القائد الاداري الى تعظيم دور منظمته وتعزيز مكانتها في السوق،ويعد هذا التعظيم احد اهم الاهداف الاستراتيجية التي يسعى لتحقيقها.
وضمن القيادة الاخلاقية فهو يعتمد على حزمة من الاساليب الادارية المشروعة لضمان ذلك،وقد يتحايل بعض القادة باعتماد اساليب غير مشروعة،مثل اجراء تجميل في القوائم المالية من خلال استخدام ما يعرف بالمحاسبة التجميلية
Cosmetic Accounting
وهو  اسلوب غير اخلاقي من خلاله يتم التعامل مع القوائم المالية للمنظمة (لإخفاء الأداء الفعلي لها بغرض تحقيق نتائج نافعة).وهذا يعني وعلى ضوء مضمونها ان القائد الاداري ومن خلال الادارة المحاسبية في المنظمة يجرى عملية تجميل على الحسابات الختامية وارقامها واخراجها بالشكل الجميل والمبهر والمحفز للمستثمرين او انه يتحايل لتحويلها الى السواد،والحالتين سواء بهاء المنظمة وجمالها او تراجعها وضعفها،فهو تحايل يستغل لتحقيق مكاسب مالية هائلة او التحايل للتهرب الضريبي باخفاء جزء منه ولاغراض غير اخلاقية.
ومن المحتمل أن يكون هذا التوجه قد بدأ عندما واجه الاقتصاد العالمي الركود في السنوات السابقة وتعذر المنظمات تحقيق الارباح.
وعندما اكتشفت الادارات بأن القوانين(تخبرك فقط بما لا تستطيع فعـله وليس ما تستطيع فعله،فإذا كنت لا تستطيع أن تكسب الأرباح فإنك تستطيع على الأقل أن تبتدعها)ولهذا ظهرت المحاسبة التجميلية.
وعند شيوعها كممارسة من قبل الادارات انعكست (بأثر بالغ الأهمية في زعزعة ثقة السوق في المعلومات الظاهرة في القوائم المالية)التي تنشرها المنظمات.
ويعتقد بعض الباحثين أن للمحاسبة التجميلية(دورا في الانهيارات المفاجئة لبعض المنظمات في السنوات الماضية،والتي ترتب عليها إخفاق مهنة المحاسبة)بكل قواعدها.ولنا في ماحدث مع شركة Enron العملاقة وانهيارها وغيرها من الشركات الكبيرة ،وتحميل شركة Arther Anderson مسؤولية ذلك بكونها الشركة المسؤولة عن تدقيق حسابات شركة Enron حيث تم التلاعب بالحسابات (تجميليا)ومكن الشركة من تعظيم سعر سهما في السوق ليصل الى 90.56 دولار وذلك في آب عام 2000 وهو اعلى سعر لسهمها على الاطلاق،وبعد الانهيار هبط السعر السوقي الى 67سنت.
وعند البحث عن رواد هذا الفكر المحاسبي او من قام بتأصيل علمي لهذا النوع من المحاسبة التحايلية لم نجد من يسند ذلك الى عالم متخصص وانما يشار الى انه ظهر أساسا من خارج الوسط المحاسبي(من قبل المهنيين والمحللين الماليين في الأسواق المالية ليشير إلى أن المحاسبة التجميلية تتضمن إبداعا في التحايل والتلاعب وتضليل المستثمرين ومستعملي المعلومات المحاسبية).
ورغم ان المحاسبة التجميلية اسلوب احتواه الفكر المحاسبي واعتمده لتحقيق اغراض تقويمية خاصة بمنظمات الاعمال،الا ان استغلالها جعلها(منافيه لأخلاقيات وسلوك المهنة وتعتبر اسلوب من اساليب التلاعب والاختلاس)والتحايل وهي أن تستغل الإدارة المرونة المتاحة في(المعايير المحاسبية،وتعمد الى الإختيار بين المعالجات الأصيلة والمعالجات البديلة المتاحة،وذلك بهدف أخذ نتائج الأعمال الى المكان الذي يرغبون فيه).
والمحاسبة التجميلية لها اكثر من مصطلح مثل محاسبة ابتداعية Creating Accountingوادارة الارباح Earnings Managementوتمهيد الدخل Income Smoothing وادارة الافصاح Disclosure Management
وقبل ان ندخل في تحليل استخدامها الاخلاقي او غير الاخلاقي لابد من تحديد مضمونها المتداول،حيث ينظرالى المحاسبة التجميلية كونها الاستخدام القانوني(للمبادئ والقواعد المحاسبية بطريقة مالتحريف وتزييف القوائم المحاسبية)
كما ينظر لها كونها عمليات أو ممارسات(حديثة ومعقدة ومبتكرة يقوم من خلالها المحاسبون باستخدام معرفتهم بالقواعد والقوانين المحاسبية لمعالجة الأرقام المسجلة في القوائم أو التلاعب بها بقصد تحقيق أهداف)متحايلة.
وبما ان المحاسبة تندرج ضمن العلوم الاجتماعية ولها جانب سلوكي واخلاقي(مما قد يعني في بعض الاحيان وجود ابداع لا اخلاقي يهدف الى تزين الواجهة يخدم اطراف ويظلل اطراف،مما يتعارض مع أهمية حياد الارقام المحاسبية هو عدم تغليب مصالح معينة من أصحاب المنظمة على مصالح أصحاب أخرى)
وظهرت المحاسبة التجميلية وانتشت ممارستها بسبب حزمة من المسببات في مقدمتها(تضارب المصالح،فمصلحة القادة الاداريين في تقليل الضرائب والأرباح الموزعة،ومصلحة حملة الأسهم في تعظيم العائد على استثماراتهم،ومصلحة الموظفين في زيادة تعويضاتهم،والمسؤولين في تحصيل ضرائب أكثر).
هناك من القادة الاداريين الذين امتهنو التحايل والتزوير سلوكا،نجدهم يمارسون الضغط على الادارة المحاسبية لاعطاء صورة غير حقيقية للمنظمة من خلال التحايل لتحقيق منافع موقته.
ولنا في بعض القادة الاداريين ومساعديهم قد غيرو القواعد المالية للمنظمة من اجل زيادة رواتبهم واستغلالها لمصالح شخصية غير اخلاقية.

المحاسبة التجميلية،ابتعاد عن اخلاق المهنة.