العدالة الاجتماعية في الدولة الحضارية:
ا.د.حمزة محمود شمخي
وأنا أقرا في نهج البلاغة للامام علي(ع)وبعض ما كتب عن الامام وعن نهج البلاغة إستوقفني تأكيد إن جل الكتاب هو طرح فائق التقييم للانسان وحقوقه في أي زمان ومكان وحماية إنسانيته من الفوارق الطبقية بحيث لايوجد تحديد أعمق منه سوى ماورد في القران الكريم والسنة النبوية.
ويرى الامام علي(ع) في القران الكريم(جمال) الحياة.وقد استعار هذه المفردة بكل ما تحمله من معاني الخير والجمال حيث قال (وتفقهوا فيه فإنه ربيع القلوب) وهذا الوصف العظيم للقران تجد فيه (نعتا عميقا) يحمل معاني(بليغة لثمرة بديعة). ولهذا جاء(نهج البلاغة)بليغا،وقد صدق(محمد عبده) عندما قال إن كلام علي هو دون كلام الخالق ولكن فوق كلام المخلوق.
في القرآن الكريم جمال الانسانية،حيث أرسل الله سبحانه الأنبياء والرسل ليقوم الناس بالقسط وليسود العدل وتحقق العدالة الاجتماعية في المجتمع،وتجسد ذلك بعدد من الايات منها{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتَِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَان لِيَقُوم النَّاسُ بِالْقِسْط}ِالحديد(25).
ان التعمق في نهج البلاغة تلاحظ العدالة الاجتماعية حيث ان أعظم ما فيه هي (المفاهيم والمبادئ التي عكست إصالة الاسلام ومسؤوليته في تحقيق العدالة الاجتماعية).
والعدالة الاجتماعية هي(نظام إقتصادي إجتماعي مركب هدفه إحداث العدل بين طبقات المجتمع لدرء مخاطر الصراع الطبقي) أو هي(نظام إقتصادي واجتماعي يهدف إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة)بين أبناء الوطن الواحد.ورغم الاتفاق المبدئي على إعتماد التحديد اعلاه في الفلسفة الاقتصادية والدينية والاجتماعية والتربوية، فان له وجهتي نظر،الاولى(تتمثل العدالة الاجتماعية في النفعية الاقتصادية، وإعادة توزيع الدخل القومي، وتكافؤ الفرص، وغيرها من توجهات المجتمع المدني.أما الثانية، فهي متناقضة في ما بينها ومبهمة لكونها تحتوي على هيكل محدد لما هو عادل اجتماعيا).
وعند المقارنة بين وجهتي النظراعلاه نحن اقرب الى الاولى من الثانية فهي النفعية الاقتصادية بكل ما تعنيه من ازدهار ورقي اقتصادي والغاء الفوارق الاجتماعية من خلال تحقيق (اقتصاد الرفاه الاجتماعي)،هذا يعني ان العدالة الاجتماعية (مبدا اساسي من مبادئ التعايش السلمي الذي يتحقق في ظله الازدهار)الاقتصادي والرقي الاجتماعي وتوفير متطلبات التنمية.ويمكن تحقيق ذلك من خلال حزمة من العوامل أهمها:
التوزيع العادل للموارد والأعباء.
الحق في الضمان الاجتماعي.
تحقيق العدالة بين الأجيال.
تحرير القرار الوطني.
وعلى وفق هذه العوامل فان الامم المتحدة اكدت ان العدالة الاجتماعية هي(مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي داخل الأمم وفيما بينها الذي يتحقق في ظله الازدهار).
وأمام هذا الاهتمام إختارت الأمم المتحدة يوم 20 شباط من كل عام ليكون(اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية)وهو تاكيد أممي للعدالة الاجتماعية وضرورة تحقيقها ضمانا لتحقيق التعايش السلمي بين الافراد في المجتمع.
وبانتظارالحكومة الجديدة يقع عليها مسؤولية تحقيق العدالة الاجتماعية بعد ان فقدت الدولة قدرتها في تحقيق النمو والمطلب الاقتصادي لها، علما ان غياب العدالة الاجتماعية او تعثر تحقيقها كانت سببا وراء الكثير من المشاكل اهمها ارتفاع حاجز الفقر والجوع والعوز للكثير .
لذلك أمام الحكومة الجديدة إلتزام مطلق بضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الادوارالحكومية لتحقيق مضامينها من خلال اختيار سياسات وبرامج اقتصادية واجتماعية وسياسية فاعلة وضامنه لاكتساب رضا الشعب وضمان عيشه في دولة حضارية.
ولتحقيق ذلك عليها مهام متعددة منها:
-ان تعيد للدينار قيمته الرمزية لدى المواطن الذي تعرض لاضطراب نفسي وهو يرى ديناره ينهار امام الدولار.
-تنفيذ الاتفاقية الصينية لما تحمله لمجمل مجالات البنى التحتية.
- تنمية ظاهرة المشروعات الصغيرة والتي من خلالها نضمن تشغيل الشباب
- ان تستعجل في انشاء الصندوق السيادي المعلن عنه بهدف حفظ حقوق الاجيال القادمة في ثروة بلادهم ودعم عمليات الاستثمار طويلة الأمد وانعاش الاقتصاد محليا.
-ان تضمن فرص تمويل تنمية المحافظات وفق درجة تخلفها. - والاهم ان تعلن مباشرة عن مناقصات لشركات متخصصة في البناء رصينة مدفوعة الثمن لبناء وحدات سكنية في المحافظات العراقية بتشغيل عمالة عراقية ومواد بناء محلية من خلال تخصيص 1مليار دولار كل سنة في موازنة الدولة كحد ادنى لكل محافظة تتزايد وفق عدد سكان هذه المحافظات توزع مجانا على المواطنين حيث يمكن القضاء على مشكلة السكن خلال خمس سنوات كحد أعلى وهذا الفعل هو أسمى ما يمكن ان تصنعه الحكومة الجديدة للمجتمع العراقي يضمن حقوق المواطنين في ثروة بلادهم ويضمن لهم العيش الكريم.
ليكن شعار الحكومة الجديدة ضمان العدالة الاجتماعية والسعي لتحقيقها لبناء دولة حضارية تضمن التنمية والرقي والازدهار وازالة التفاوت الطبقي وتعزز ثقافة الخير والتسامح في المجتمع.