لماذا المصارف العالمية تتساقط الواحد تلو الاخر ؟
بقلم أ.م.د. حيدر عباس الجنابي
جامعة كربلاء / كلية الإدارة والاقتصاد
بعد حدوث الازمة المالية الاخيرة التي شملت اكبر البنوك في العالم , مما ولد مخاوف كبيرة بشأن مستقبل القطاع المصرفي العالمي، وخاصة بعد انهيار بنك (وادي السيليكون) وبنك (سيغنتشر) الأميركيين، مع قيام بنك (يو بي إس) على استحواذ بنك (كريدي سويس) في سويسرا. مما دفع الى التعرف على الأسباب الحقيقية او العوامل الأساسية التي ساعدت على حدوث هذا الانهيار .
هناك عدة عوامل تؤثر في سقوط المصارف العالمية، ومن أهمها الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها العالم منذ عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تسببت الإجراءات الاحترازية وتقلص النشاط الاقتصادي في تراجع الإيرادات والأرباح لدى المصارف.
كما أن السياسات النقدية التي تتبعها بعض البنوك المركزية قد تؤدي إلى تراجع الأرباح وتزيد من تكاليف المصارف، وبالتالي تؤثر على قيمة أسهمها.
ويمكن أيضاً أن يكون هناك عوامل خارجية تؤثر على المصارف، مثل التغيرات في الظروف الاقتصادية العالمية، والتوترات السياسية والجيوسياسية، والتغيرات في أسعار الفائدة والعملات. ومن المهم أن نذكر أن السقوط الذي يحدث في بعض المصارف لا يعني بالضرورة فشل المصرف بأكمله، ولكنه قد يعكس مشاكل مؤقتة أو تحديات قد تواجهها المصارف في الوقت الحالي.
كما يمكن أن يؤثر التغيرات في نمط حياة الناس وتقنيات الاتصالات على المصارف، حيث يتزايد الطلب على الخدمات المصرفية عبر الإنترنت والتطبيقات الذكية، مما يضع ضغطًا على المصارف لتحسين خدماتها وتقديمها بشكل أفضل وأكثر فعالية.
ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن بعض المصارف قد تواجه مشاكل في إدارة مخاطرها المالية، وخاصة إذا كانت تتعامل مع زبائن يمكن أن يكونوا عرضة للخطر، مما يؤدي إلى انخفاض قيمة أسهم المصرف.
علاوة على ذلك، فإن بعض المصارف قد تعاني من مشاكل في الإدارة الداخلية والتنظيمية، مما يؤثر على سمعتها ويزيد من تكاليفها، وبالتالي يؤثر على قيمة أسهمها.
لذا فإن سقوط المصارف العالمية يعكس تحديات ومشاكل مؤقتة، ويمكن للمصارف تجاوزها بتبني استراتيجيات وأساليب جديدة، وتحسين أدائها، وتوفير خدمات مصرفية عالية الجودة للزبائن.
وتحاول المصارف العالمية، من خلال تحديث أنظمتها وتطوير خدماتها، التأقلم مع التحولات المستمرة في العالم المالي والاقتصادي، وتلبية احتياجات الزبائن بشكل أفضل، وذلك من خلال تحسين تجربة المستخدم عبر الخدمات المصرفية الرقمية والتقنيات المتطورة.
وتعمل المصارف أيضاً على تحسين إدارة المخاطر والتنظيم والالتزام، وذلك من خلال تعزيز القدرة على تحديد وتقييم المخاطر، وتحسين الإجراءات الداخلية وتطبيق معايير وأنظمة دقيقة للتنظيم والالتزام.
ويمكن للمصارف العالمية أيضاً، من خلال التعاون والشراكات مع الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا المالية “فينتك”، تحسين خدماتها وتوفير حلول مبتكرة للزبائن، وذلك من خلال تبني التكنولوجيا الحديثة والتحول إلى نماذج أعمال رقمية.
وبالتالي، فإن المصارف العالمية تعمل بجد لتحسين أدائها وتوفير خدمات مصرفية عالية الجودة للزبائن، وتحقيق مستويات أرباح مرتفعة، وذلك من خلال الاستثمار في التقنيات المتطورة والابتكارات المستمرة.
وتتطلع المصارف العالمية أيضاً إلى تعزيز التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية، حيث تعمل على تطبيق معايير وأنظمة صارمة للمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وتوفير الدعم للمجتمعات المحلية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وتعتبر المصارف العالمية جزءًا هامًا من النظام المالي العالمي، وتلعب دورًا حاسمًا في تمويل النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي، ونظرًا للتحديات المستمرة التي تواجه النظام المالي العالمي، فإن المصارف العالمية تعمل على تعزيز دورها، وتحسين أدائها، وتوفير خدمات مصرفية عالية الجودة للزبائن، وذلك من خلال تحديث نماذج الأعمال وتطوير الخدمات المصرفية.
ويمكن القول أن المصارف العالمية تواجه تحديات كبيرة في الوقت الحالي، ولكنها تعمل بجد لتجاوز هذه التحديات وتحسين أدائها، وتوفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر فعالية للزبائن.
ويمكن للمصارف العالمية تحقيق ذلك من خلال التركيز على تطوير الخدمات المصرفية الرقمية، وتحسين إدارة المخاطر والتنظيم، وتوسيع نطاق الشراكات مع المؤسسات المالية الأخرى، وتحسين الإدارة الداخلية والتنظيمية، وتحديث نماذج الأعمال.
وعلاوة على ذلك، فإن المصارف العالمية تعمل على تعزيز الشفافية والمساءلة والمسؤولية الاجتماعية والبيئية، وذلك من خلال تطبيق معايير وأنظمة صارمة للمسؤولية الاجتماعية والبيئية، ودعم المجتمعات المحلية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وبالتالي، فإن المصارف العالمية تواجه تحديات كبيرة في الوقت الحالي، ولكنها تعمل بجد لتجاوز هذه التحديات وتحسين أدائها، وتوفير خدمات مصرفية أفضل وأكثر فعالية للزبائن، وتحقيق النمو والاستقرار المالي.