القيادة الإدارية الأخلاقية(3)
بين المدير الظالم والمدير السيكوباثي:
بــ قلم ا.د. حمزة محمود شمخي
هناك فرق في المضمون بين الحزم والظلم ،وهناك فرق أيضا بين المدير الظالم والمدير السيكوباثي. ورغم تباين طريقة عمل تلك النماذج القيادية الإدارية التي تتعب منظمات الاعمال وتربك الأداء وتثير الفوضى وعدم الاستقرار وتدخل المنظمة في مرحلة التراجع في دورة حياتها.
يفرق الفكر الإداري بين الإدارة الحازمة والإدارة الظالمة، واساس ذلك الفرق هو(نقطة أساسية تتعلق بالعدل)الذي هو نقيض الظلم، فالإدارة الحازمة (وإن بلغت مرحلة عالية من الشدة إلا انها لا تصل إلى الظلم) فالظلم فيه قسوة إنسانية وإدارية عالية الشدة لم يمارسه الا من فقد القيم الأخلاقية ويحمل في سلوكه مركب نقص شديد .
ان الظلم سلوك بشري مشاع، بل هو أبشع شيء عند البشر والأسواء سلوكيا لمن يتحمل المسؤولية الإدارية حيث يلجا اليه القادة الإداريين للتخلص ممن يعتقدون انه عنيدهم في المنظمة. فالقائد الإداري اذا ما كانت نفسيته خبيثة وشريرة فهو يثير المشاكل لأسباب دنيوية وشخصية نفعية، يغلفون هذا الخبث وهذا الشر في اغلفة الظلم السميكة مما (يصعب على الكثير من الناس اختراق هذه الاغلفة السميكة ومعرفة الحقيقة) والأسباب التي تجعله ظالما وغاشما.
وقد ذم الله الظلم والظالمين بشكل مباشر وواضح في آيات عدة من القرآن الكريم مثل قوله تعالىَ(أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ (الكهف87)
(وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَار(ابراهيم 42) وقوله تعالى(وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا)(الفرقان 27).
كما ذم الله من يساند الظالم وحذره، فقال تعالى(وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَاتُنصَرُونَ)(هود113)
آيات عظيمة في سور عظيمة حددت بوضوح الظالم ومن يسانده في تلك البشاعة السلوكية، والعذاب المنتظر للظالم مع نصرة الله للمظلوم.
وحديث قدسي عن الرسول محمد (ص)(ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء..ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين).
وعن الامام علي ( ع )(إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس، فتذكر قدرة الله عليك).
وحديث الرسول وكلام الامام علي تذكير بآيات القران الكريم وتأكيد للبشر ان لا تظلموا احد لان قدرة الله اقوى منكم.
ويفسر الفكر الإداري المدير الظالم هو من(يحرمك أبسط الحقوق الوظيفية التي تتوقع الحصول عليها، ليصل الأمر في مرات حد حرمانك مزيدا من الحقوق).والظالم بيته مثل بيت العنكبوت واهن ولكن اكثر البيوت شراسة ووحشية.
وتعرض الدراسات فرقا بين المدير الظالم والمدير السيكوباثي.
فالسيكوباثي Psychopathy او المعتل نفسيا(يتسم بالجبن ويتمتع بعقلية خطرة مؤذية يخطط للاحتيال، يمارس سلوكا انتهازيا، يتلذذ بالنفاق ،ويتقن التملق، وقد يصل به الامر الى معاداة المجتمع)وهو اشد ظلما واخطر للعاملين والمنظمة.
ومن الخصائص العامة والملامح الرئيسة للشخصية السيكوباثية (القدرة الفائقة في التأثير على الآخرين بعذوبة الكلام وكثرة الوعود التي غالبا لا يوفون بها، وبلطفهم الزائد وقدرتهم على استيعاب كل من يتعامل معهم بشهامتهم الظاهرية المؤقتة ووعودهم البراقة، ولكن من يتعامل معهم عن قرب ولفترة كافية سيكتشف حقيقتهم، وعندما نسأل أقرب الناس إليهم يصدمنا التباين بين صورتهم الظاهرية التي يراها الناس وبين حقيقتهم التي لا يراها إلا المقربون منه).
والشخصية السيكوباثية التي تصل إلى مناصب إدارية متقدمة ومرموقة(تجذب إليها شخصيات تحمل صفات السيكوباث مما يؤدي إلى تكوين ما يسمى المنظمات السيكوباثية وتصبح هذه المنظمات حاضنا لهذه الصفات)وبذلك يكون تأثيرها على المنظمة والمرؤوسين والمجتمع أكثر ضررا وأشد أذا.
والمدير السيكوباثي(تضعف عنده وظيفة الضمير) وهذا يعني ان مركب النقص الذي يحمله يسيطر عليه لذلك تجده في(ميل دائم نحو الغرائز ونحو تحقيق ما تصبو إليه النفس دون شعور بالذنب أو التأنيب الذي يشعر به أي إنسان).وصاحب الشخصية السيكوباثية يتلذذ بالوعود التي يقدمها للمرؤوسين دون أن يفي بأي شيء منها. عندما تقابله وتتحاور معه قد (تنبهر بلطفه وقدرته على استيعاب من أمامه و مرونته في التعامل وشهامته الظاهرية ووعوده البراقة، ولكن حين تتعامل معه لفترة كافية أو تسأل عن تاريخه تجد حياته شديدة الاضطراب ومليئة بالفشل والتخبط)والقسوة وظلم الاخرين،ب سبب وبدون سبب.
ولا يضع المدير السيكوباثي (اللوائح التزاما بها، بل إنه يضعها حتى يجبر الآخرين على كسرها. تارة تجده ودودا، وأخرى ينقلب إلى وحش كاسر)وهذا التقلب يحير المرؤوسين وتضطرب عندهم طريقة التعامل مع هذا المدير.
# احذر الذئب في ثوب الحمل#