You are currently viewing الصناديق السيادية ،كيانات تحوط للازمات(1)

الصناديق السيادية ،كيانات تحوط للازمات(1)

الصناديق السيادية ،كيانات تحوط للازمات(1):
ا.د.حمزة محمود شمخي


سعى الفكر الاستثماري المعاصر الى تعزيز تحوط الدول للازمات المتوقعة من خلال حزمة من الادوات الاستثمارية المضمونة الاثر لمواجهة الازمات التي يمكن ان تحصل اضافة الى العائد المتوقع من هذه الاستثمارات.ومن هذه الادوات هي(الصناديق السيادية)فهذه الكيانات الاستثمارية التي لجأت اليها الدول واستثمرت فوائضها المالية فيها،لها القدرة على ضمان التعافي الاقتصادي من تداعيات اي ازمة مثل إنخفاض اسعار النفط أوتدهور الموارد المالية ومن تداعيات فيروس كورونا،وما رافقها من ركود بسبب غلق الاقتصاد،وذلك بالاعتماد على السيولة الضخمة التي تضمنها هذه الصناديق لتحريك الاقتصاد.
ولهذا فالصناديق السيادية تعد الذراع الإستثماري الاكثر عائدية والاقل مخاطرة،ولها أهداف تحوطية،لذا يجب ادارتها بمهارة عالية لتحقق أهدافها،فمن يملكها من الدول يستطيع ان يعزز قدراته على تجاوز صدمة الازمات المالية وما يرافقها من وضع اقتصادي مضطرب.
والصندوق السيادي او صندوق الثروة السيادية Sovereign wealth fund هو صندوق (مملوك من قبل الدولة يتكون من إصول عينية  ومالية)واي أدوات إستثمارية اخرى.ومن الممكن وصف هذه الصناديق (ككيانات تدير فوائض الدولة من أجل الاستثمار)وتتسم بضخامة اصولها حيث تقدر بتريليونات الدولارات.
والصناديق السيادية ليست ظاهرة جديدة، بل يعود تاريخ بعضها إلى العام 1953 حيث أن أول صندوق سيادي في العالم أنشأته دولة الكويت تحت أسم(الهيئة العامة للإستثمار)من اجل ضمان حصة الاجيال من عوائد النفط،وايضا التحوط من الازمات، لكنها بدأت تنشط بصورة واسعة،وقد (استحوذت تلك الصناديق ضمن القطاع المالي وحده على حصص في مؤسسات عملاقة مثل مورغان ستانلي وبير ستيرن وميريل لينش وسيتي غروب ويو بي اس).
لقد فاقت قيمة إصول الصناديق السيادية عالميا(بنحو 8.23 تريليون دولار أميركي بنهاية (أيار)2020، مع تصدر الصين والنرويج والإمارات لقائمة الدول الأكبر استثمارا للأصول السيادية.
وازداد عدد هذه الصناديق من ثلاثة فقط في عام 1969 إلى 22 في 1999 إلى 44 في عام 2008، لتناهز في عام 2014 قرابة 82 صندوقا)وهي في تزايد وفق متغيرات الاقتصاد العالمي الصعبة.
ومن اجل ضمان التحوط في قيمة الاصول في الصندوق فان ظاهرة تنويعdiversification إستثماراته تعد مسالة غاية في الاهمية لضمان تحقيق العوائد والحد من المخاطر،لذلك ينظر للصناديق السيادية كونها صناديق تحوط وصناديق استثمار،لما تحتويه من اصول مالية وعقود آجلة ومواد أولية كما أصبحت من(الروافد المهمة للاستثمار الأجنبي المباشر والاستثمارالمؤسسي طويل الأجل).كما عولت عليها(وثيقة تمويل التنمية المستدامة الصادرة في(تموز) عام 2015 عن الأمم المتحدة لتمويل برامج التنمية المستدامة،من خلال تخصيص نسبة من محافظها للتمويل طويل الأجل في مشروعات البنية الأساسية).مع التاكيد ان السعودية ستعتمد على 30% من عوائد صناديقها السيادية بدل ايرادات النفط،لتمويل رؤية المملكة حتى عام 2030.
ويرى خبراء الاستثمار أن نشوء تلك الصناديق وتأثيرها العالمي تعد مؤشر إيجابي في عالم أسواق المال،فقد(سارعت تلك الصناديق إلى ضخ الأموال في بنية الإقتصاد الأمريكي بعد ما فر معظم المستثمرين من السوق الأمريكي جراء المخاوف المترافقة مع الازمة العالمية التي ضربت الاسواق عام 2008)مما ضمنت الاستقرار المالي للاقتصاد العالمي.
ورغم اهميتها،توجه انتقادات إلى بعض الصناديق السيادية بسبب(التأثيرات السياسية التي تتحكم في قراراتها الاستثمارية،كما يعاب على بعضها نقص الشفافية، كما تؤكد ذلك مجموعة (geo economic) للأبحاث، والتي أشارت إلى أن غالبية الصناديق السيادية الكبرى في العالم تفتقر إلى الشفافية والحوكمة،خاصة الخليجية منها).
ولاهميتها نعرض الصناديق السبع الكبرى على مستوى العالم وهي :
1-صندوق التقاعد الحكومي النرويجي إجمالي الأصول التي يديرها نحو 1.81 تريليون دولار
2- مؤسسة الاستثمار الصينية (CIC)
إصولها نحو 940.6 مليار دولار.
3-جهاز أبوظبي للاستثمار ADIA أصوله 579.6 مليار دولار
4-الهيئة العامة للاستثمار الكويتية أصوله 533.6 مليار دولار
5-المحفظة الاستثمارية لمؤسسة النقد بهونج كونج إصولها 528 مليار دولار.
6-شركة حكومة سنغافورة للاستثمار (GIC)أصولها 440 مليار دولار.
7-شركة الاستثمار الآمن (الصين) إصولها 417.8 مليار دولار.
لقد دخل للعراق موارد نفطية هائلة خلال الخمسين سنة الماضية،ولكن الادارة المالية الضعيفة للدولة لم تعير اهمية ولم تفكر بحصة الاجيال القادمة من النفط وتتحوط للازمات المتوقعة ولذلك لم تنشا صناديق سيادية مما يعني ان العراق قد خسر قيمة فوائضة المالية من خلال تبديدها،ولم يضمن لنفسه عوائد مالية تعوضه عن إنخفاض اسعار النفط ،وفقد تحوطه للازمات،وسوف يظل يترنح بين عدم توفرالسيولة والحاجة للاقتراض لضمان تمويل الموازنة العامة فقط دون تحقيق اي قدرة في التحوط للازمات.