القيادة الادارية بين إستراتيجية الثعلب والقنفذ (1)
ا.د.حمزة محمود شمخي

من اكثر الاستراتيجيات المثيرة للاهتمام في العمل القيادي الاداري هي استراتيجية الثعلب والقنفذ،  The Hedgehog and the Fox 
وهاتين الاستراتيجيتان تعطيان منهجا متكاملا للقائد الاداري في كيفية ادارة العمل والقدرة على التكيف داخل منظمتة واتخاذ القرارات التي تضمن ديمومتها.
ان المضمون التحليلي لهذا النهج الاستراتيجي مستمد من قصة اغريقية قديمة اساسها أن(الثعلب يعرف الكثير من الحيل والتكتيكات،لكن القنفذ يعرف شيئا واحدا كبيرا).وعليه فان الصفات الشخصية والسلوكية لهذين الكائنين (الثعلب)و(القنفذ) علمت القائد الاداري القيادة الناجحة وطريقة ممارستها .
وتحليل ذلك ان الثعلب يستخدم العديد من الاستراتيجيات لمحاولة الإمساك بالقنفذ،فهو يتسلل وينقض ويمكر ويلعب دور الميت،ومع ذلك ينتهي الامر بالفشل في كل مرة، لا يعلم الثعلب ان تفوق القنفذ تكمن في الدفاع عن نفسه
وتشير الدراسات ان القائد الناجح عليه ان:
1-يوزان طموحاته الكبيرة بالحذر والانتباه للتفاصيل
٢- الثعلب والقنفذ تشبيهات توضح الصفات المثالية للتنبؤ الدقيق من القائد
٣- مع وجود خطة قوية،يمكن للقادة العظام النجاح رغم القيود،ولكن عليهم أن لا يسمحوا للسلطة أن تشوش على حكمتهم.
4-القدرة على التكيف تجلب الاستقرار.
٥-التركيز المُفرط على المكاسب قصيرة المدى (التكتيكية) قد يعطّل المكاسب طويلة المدى (الاستراتيجية).
ولكي يضمن القائد الاداري ذلك عليه ان يتمتع بصفات خاصة تميزه عن غيره من المدراء (كالإقدام والصبر والتصميم على النجاح والتعامل مع العقبات) والاهم قدرته في تحمل المخاطر.
ويشير M.Bressler عالم الاجتماع ان الشيء(المشترك بين أصحاب التأثير على مر التاريخ)،هو أنهم جميعا اتبعوا استراتيجية(القنفذ)
حيث أخذوا فكرة(معقدة وقاموا بتبسيطها).فكرة واحدة وصلوا بها إلى أبعد ما يمكنهم.وهذا ما فعله(فرويد”في مفهوم اللاوعي،و”ماركس”مع الصراع الطبقي،و”آينشتاين”مع النسبية،و”آدم سميث”مع مفهوم تقسيم العمل).
اداريا أعيد طرح الموضوع بشكل من التميز من قبل العالم المبدع في ادارة الاعمال James Collins في كتابه المميزGood To Great (من جيد الى عظيم) الصادر عام 2001،كتاب بيعت منه ثلاثة ملايين نسخة ،حيث عرض منهجية متكامله للعمل القيادي واعاد صياغة استراتيجية القنفذ واستراتيجية الثعلب.
يقول Collins( اتضح أن كل القادة الجيدين  يتبعون إستراتيجية القنفذ.فهم يعرفون كيف يقومون بتبسيط العالم المعقد ضمن رؤية موحدة، وهو ما يؤدي إلى توحيد وتنظيم جميع قراراتهم، وتوظيف مواردهم وطاقاتهم بشكل أفضل، بينما يرى في إستراتيجية الثعلب على أنها مشتتة،تفتقر إلى التركيز وغير متناسقة في توضيح كيفية تحديد الفائز والخاسر في المنافسة)
وأشارCollins إلى أن الثعلب يحاول دائما(أكل) القنفذ،في حين أن كل ما يقوم به الأخير هو (التكور) لحماية نفسه،ويظل على هذا الحال إلى أن يصيب الثعلب التعب أو الملل أو يشتته شيء آخر، ليتابع القنفذ بعد ذلك طريقه بسلام.
وهذه الاستراتيجية هي التي تضمن النجاح للمنظمة اذ ان القنفذ لا يعرف غير استراتيجية واحد.
وهذا ما يشجع التاكيد ان القائد لمنظمات الاعمال عليه الاعتماد على استراتيحية القنفذ اي ان يركز على شيء واحد يؤديه بكفاءة وفاعلية ولذلك فان جميع(المكر) الذي يؤديها (الثعالب) في المنظمة ومؤامرات البيئة الخارجية لن تشكل تهديد للقائد وللمنظمة.
ولاهمية استراتيجية القنفذ فقد حللهاCollins من انها تبنى على ثلاث دوائرمهمة هي:
1-يجب على القائد الاداري ان يسال نفسه عن الشيء الذي تشعر به المنظمة برغبة وحماس
2-ان يسعى القائد الى تقييم قدرات المنظمة وما يمكن ان تبدع فيه.
3-تحديد ما يدفع المحرك الاقتصادي للمنظمة ،اي تحقق العائد
ان المنهج الاستراتيجي الذي يختاره القائد يبنى على تقاطع هذه الدوائر الثلاث،فهو الهدف الذي تسعى اليه المنظمة،وهذه الاستراتيجية هي التي تضمن ازدهار المنظمة.
وبمقارنة القائد بين الاستراتيجيتين يرى في  استراتيجية الثعلب افكار كثيرة ومتنوعة،وفي استراتيجية القنفذ فكرة واحدة،وهذه الفكرة هي قوة لتحقيق النجاح.القائد الذي ينتهج استراتيجية القنفذ ليس(ساذجا)وانما له نظرة من خلالها يركز على امر واحد ويجيد القيام به،وهذا يعني ان القائد عليه ان يسخر كل طاقته وموارده من اجل السعي في تحقيق شيء واحد ينتهي بتحقيق ديمومة المنظمة ونجاحها وضمان استقرارها مما يحقق رضا العاملين.
ولاهمية استراتيجية القنفذ في الفكر الإداري،يجب على القائد ان يكيف سلوكه على استخدام أساسيات الإدارة،وان يتمتع بالشغف والموهبة والآلة الاقتصادية المبدعة عند ممارسة السلوك القيادي ويساهم بتحفيز دور الإبداع لدى المرؤوسين وان يجسد الادارة الاخلاقية.
لقد إبتلى مجتمعنا بعدد من القادة الذين فرضوا على العمل الاداري وتقمصوا سلوك الثعلب مكرا وتحايلا وتزويرا وقطعا لأرزاق من هم أجل منهم عملا من اجل مصلحتهم الشخصية.