الحسابات المالية الحكومية بين المخطط والمنفذ
د. حيدر حسين آل طعمة
تواصل أسعار النفط الخام ارتفاعها منذ أسابيع مدفوعة بجملة من العوامل المؤثرة في اساسيات أسواق النفط العالمية لعل ابرزها تعاف الطلب العالمي على النفط نتيجة تخفيف القيود الصحية وانتعاش النشاط الاقتصادي وارتفاع أسعار الغاز في أسواق الطاقة العالمية، بالإضافة الى ضبط الامدادات النفطية وفقا لخطة تحالف “أوبك+” وعدم الانصياع لرغبة الدول الكبرى في رفع الطاقات التصديرية لدول التحالف. وقد انعكس ارتفاع أسعار النفط في تزايد الإيرادات النفطية المتدفقة الى العراق والتي فاقت (6.7) مليار دولار شهر أيلول الماضي. واذا ما استمر الاتجاه الصعودي لأسعار النفط، يتوقع ان يقلص العراق الفجوة المالية في موازنة 2021 اذا ما توفرت جملة من العوامل سترد لاحقا.
ويبين الجدول التالي النفقات والايرادات العامة المتحققة حتى نهاية شهر اب من العام 2021 والمنشورة حديثا على موقع وزارة المالية.
حساب النفقات حسب التصفيف الاقتصادي للموازنة الاتحادية | |
نوع النفقة | الحساب |
النفقات الجارية | 48.24 |
المديونية | 4.46 |
اجمالي النفقات الجارية | 52.21 |
النفقات الرأسمالية | 1.614 |
مجموع النفقات الجارية حتى آب | 53.83 |
حساب الايرادات حسب التصنيف الاقتصادي للموازنة الاتحادية | |
نوع الايراد | الحساب |
الايرادات النفطية | 51.78 |
الايرادات غير النفطية | 4.65 |
مجموع الايرادات العامة حتى اب | 56.46 |
يصور الجدول أعلاه ابرز تطورات الوضع المالي في العراق، ومن خلال عرض اجمالي النفقات العامة واجمالي الإيرادات العامة يتضح تحقق فائض مالي في الموازنة الاتحادية، خلال الشهور الثمان الأولى من العام 2021، وبما يقارب (2.6) ترليون دينار، نتيجة تحسن أسعار النفط في الأسواق العالمية.
مع ذلك، قدرت الإيرادات غير النفطية في موازنة 2021 بقرابة (20) ترليون دينار في حين يفصح الحساب المالي الحكومي الفعلي، الصادر عن وزارة المالية، عن تحقيق إيرادات غير نفطية تقارب (4.65) ترليون دينار حتى نهاية شهر اب الماضي. واذا ما استمرت الإيرادات غير النفطية على هذا المنوال فان اجمالي ما قد يتحقق حتى نهاية العام الجاري لن يتجاوز (7) ترليون دينار كحد اقصى، وبما يقل عن المبلغ المخمن في الموازنة الاتحادية بقرابة (13) ترليون دينار، وهو عجز اخر في الإيرادات العامة المخمنة، يضاف الى العجز المخطط في الموازنة الاتحادية، والمقارب الى 29 ترليون دينار. وهذا يعني ان العجز المخطط قد يرتفع الى (42) ترليون دينار.
على جانب الإيرادات النفطية، ورغم صعوبة التنبؤ بأسعار النفط العالمية خلال الشهور الأربعة الأخيرة من عام 2021، الا ان المتوسط المرجح لسعر برميل النفط العراقي (75) دولار للبرميل، اذا بقيت اساسيات العرض والطلب والعوامل المؤثرة فيها على حالها. وبالتالي ستقارب إيرادات العراق النفطية، وفقا للمتوسط اليومي للصادرات (3) مليون برميل يوميا، بحدود (10) ترليون دينار شهريا. وبذلك يقدر اجمالي الإيرادات النفطية المتحققة فعلا (51 ترليون دينار)، والمتوقعة (40 ترليون دينار/ خلال الشهور الأربع الأخيرة من العام)، بحدود 91 ترليون دينار كأجمالي للعام 2021. وبفائض يقارب (10) ترليون دينار عن الإيرادات النفطية المخمنة في الموازنة الاتحادية والبالغة (81) ترليون دينار.
وكما يلاحظ، فان الوفرة المالية المتوقعة جراء ارتفاع أسعار النفط (10 ترليون دينار) غير قادرة على استيعاب العجز المتوقع في الإيرادات غير النفطية والبالغ (13) ترليون دينار. وفي افضل الأحوال، ومع توقع متفائل بارتفاع الإيرادات غير النفطية عن المتوسط المحسوب بقرابة (3 ترليون دينار)، فان الإيرادات العامة الفعلية ستكون مطابقة للإيرادات العامة المخططة في الموازنة. ويبقى العجز المخطط (29 ترليون دينار) على حاله دون تغيير.
وتوجد احتمالات ان ينخفض حجم العجز المخطط الى دون معدل (29) ترليون دينار، اذا ما ارتفعت أسعار النفط الى اكثر من (90) دولار للبرميل او ارتفعت صادرات العراق النفطية الى اكثر من (3) مليون برميل يوميا، بسبب تخفيف قيود “أوبك+”، او تسليم الإقليم لحصة بغداد النفطية (250 الف برميل يوميا). كما يمكن ان يساهم المعدل المنخفض في تنفيذ الموازنة الاستثمارية الى هبوط العجز المخطط بشكل حاد نتيجة عدم استيعاب التخصيصات الاستثمارية للمحافظات والمشاريع العامة بشكل كامل نتيجة تأخر اطلاق الموازنة الاستثمارية من جهة، او نتيجة الروتين الحكومي وضعف الجهد الاستثماري للمؤسسات العامة اجمالا من جهة أخرى. اذ بلغ اجمالي الموازنة الاستثمارية المنفذة حتى شهر اب الماضي قرابة (1.6) ترليون دينار، في حين رصدت موازنة 2021 اكثر من (29) ترليون دينار للموازنة الاستثمارية. وهذا ما جعل العديد من الموازنات العراقية خلال السنوات الماضية تُقر بعجز مخطط وتنتهي بفائض فعلي يكون رصيد افتتاحي لموازنة العام المقبل.