الحكومة الجديدة وصحة المجتمع:
ا.د. حمزة محمود شمخي
لازلنا نقدم الرؤى حول الاهداف الاجتماعية التي تقع مسؤولية النهوض بها على الحكومة الجديدة لارتباطها بحياة الشعب اولا، وبالاهداف الاممية للتنمية المستدامة السبعة عشر ثانيا،التي اقرت عام 2015 والتزمت الدول اخلاقيا بضمان تحقيقها حتى عام 2030،لما لها من أثار اجتماعية واقتصادية وسلوكية على المجتمع ولكونها الاساس للعدالة الاجتماعية التي ينتظر الشعب تحقيقها.
تشكل(الصحة)الهدف الثالث من اهداف التنمية المستدامة Sustainable Development Goals،ويؤكد هذا الهدف الاممي على (ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار).ومضمون هذا النص هو ضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار اي ان الصحة حق للجميع.
وتمثل صحة المجتمع وتطويرها إحدى أبرز دعائم الاقتصاد الوطني،فايجاد(مجتمع يتمتع بالصحة،يعد أحد أهم مدخلات الإنتاج للاقتصاد الوطني).وهو الهدف الوحيد الذي يركز على(صحة الإنسان)،وبما ان جميع الأهداف مترابطة فيما بينها لذا وبفضلها تتحقق العدالة الاجتماعية نتيجة(التنمية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي).ويتضمن هذا الهدف 13غاية و28 مؤشرًا لقياس التقدم في تحقيقه،مما يعني انه ليس هدفا هامشيا وانما هو صميم العدالة الاجتماعية.
تعتبر صحة المجتمع أحد اهم فروع الصحة العامة وترتكز على قواعد رفع مستوى وعي الأفراد ومدى(تحملهم للمسؤولية في ضوء ما توفره الدول من وسائل من أجل الوقاية من أكبر عدد ممكن من الأمراض واتباع السلوكيات الصحية والغذائية السليمة وتجنب السلوكيات الضارة).
تعرف منظمة الصحة العالمية صحة المجتمع Community health بانها(الموارد البيئية والاجتماعية والاقتصادية التي تحافظ على الصحة العاطفية والجسدية بين الناس بطرق تعزز تطلعاتهم وتلبي احتياجاتهم في بيئتهم الفريدة).
لقد صنف العراق من الدول ال(20) الأسوء صحيا، وفق مؤشر indiGo Wellness للرفاه،وهذا المؤشر واحدا من أكثر المؤشرات اعتمادا وشمولا، إذ يغطي191دولة حول العالم.ويستند المؤشر في تصنيفه على عشرة معايير(هي مستوى الحياة الصحية، وضغط الدم،ومستويات السكر في الدم (خطر الإصابة بالسكري)،والبدانة والاكتئاب والسعادة وتعاطي الكحول واستخدام التبغ والخمول والإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية)،وأرجع المؤشر التدني الص إلى عوامل متعددة مثل الخمول وانخفاض متوسط العمر،وتراجع معدلات السعادة،وارتفاع مستويات البدانة وعوامل اجتماعية وثقافية ونقص إنفاق الدولة على الصحة،وهو السبب الاكثر تاثيرا في تردي المجال الصحي في العراق.حيث بلغت حصة الأنفاق العام في العراق كنسبة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي لسنة 2015 أقل من1 % (مقارنة بـ 3.6 % في الأردن و 3.8 %في لبنان و4.1 % في إيران).كما ويعد الأنفاق الصحي للفرد الواحد في العراق مثال لأدنى مستوى في المنطقة، حيث قدر بـ 152 دولارفي عام 2015، مقارنة بـ 366 دولار في إيران و257 دولار في الأردن)
وقد بين تقرير لوزير الصحة الاسبق ان إجمالي موازنة الدولة لعام 2019 بلغت نحو( 133 تريليون دينار،إلا ان التخصيص المقدم لقطاع الصحة لا يتجاوز نسبة 2.6%) وهي نسبة متدنية مقارنة بمعظم بلدان العالم الأخرى،رغم مسعى الحكومة العراقية الى ضمان تحقيق هذا الهدف والاهداف الاخرى بخطة الاستدامة المقترحة.
وفق هذا الحال تقع على الحكومة الجديدة مهمة انسانية واجتماعية نبيلة،وهي ان تعالج التدهور الصحي وان تنهض بمفاصله المختلفة وان تعيد تصنيف العراق صحيا،من خلال ضمان التخصيصات في موازنة 2022.
ان المتابع للكثير من الدراسات والرؤى تؤكد ان
( الإنفاق الصحي هو خيار دولة وليس رهينا بتغيرات) تحصل في مواردها التقليدية مثل ايرادات النفط ومقدار ما يرد من المنافذ الحدودية والكمارك وغيرها فالانفاق المالي في العراق هو (مفتاح لصحة المجتمع وللرقي الاقتصادي والسلم الاهلي فلا تبخسوا على الشعب) رفاهه الصحي. وتؤكد منظمة الصحة العالمية،من ان (زيادة الإنفاق المحلي أمر ضروري لتحقيق التغطية الصحية الشاملة وبلوغ أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة).ولهذا تؤكد المنظمة ان الإنفاق على قطاع الصحة لا يعد من قبيل التكاليف، وانما(استثمار في سبيل الحد من الفقر، وإيجاد الوظائف، وزيادة الإنتاجية) وتحقيق نمو اقتصادي شامل، وإقامة مجتمعات تنعم بقدر أكبر من الصحة والأمان.
ان الدول تتباهى في مقدار الانفاق الذي يخصص لصحة المجتمع في الموازنة العامة ،والتاكيد
دائما من ان زيادة المخصص لقطاع الصحة لابد وان تنعكس بشكل ايجابي على المواطن من ناحية قدرته على العمل وثقافته التعليمية ولكونه احد أهم أركان النهوض الاقتصادي.وهو مسعى الدولة عندنا قررت خطة لتبني اهداف للتنمية المستدامة (2018-2022)بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظماتها المختلفة.
الشعب متطلع لما ستقوم به الحكومة الجديدة بشان صحة المجتمع واهداف التنمية المستدامة الاخرى.
الصحة خيار دولة