إفلاس دولة ام إفلاس البنك المركزي:
ا.د.حمزة محمود شمخي
تناولت الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية خبر افلاس دولة لبنان وبعضها ذكر افلاس بنك لبنان المركزي،وبين افلاس دولة او افلاس بنك فرق كبير.
فإفلاس دولة هو حالة استثنائية لا تنتهي بها الى الزوال والتلاشي وانما تخضع لعقوبة قانونية واجتماعية حالها حال افلاس فرد او افلاس شركة حيث تقود التي تصفيتها وحكم من كان سببا في ذلك.
وهناك عدة أسباب لإعلان الدول إفلاسها منها :
1ـ عدم قدرة الدولة دفع ديونها المحلية والأجنبية.
2ـ انهيار الدولة بسبب خسارتها لحرب ، ما قد يعرضها لاستعمار بالأساس أو لوصاية دولية ، أو انقسامها لأكثر من دولة.
3ـ انهيار النظام القائم وظهور نظام جديد لا يلتزم بديون النظام السابق.
وتشير الشواهد التاريخية ان المانيا أعلنت افلاسها 8مرات خلال مائتي عام ونصف،تلتها أمريكا بإعلان افلاسها 5مرات والصين وبريطانيا 4مرات،كما أعلنت الاكوادور عن افلاسها 10مرات،بعدها البرازيل والمكسيك،كما أعلنت روسيا افلاسها 10مرات اخرها عام 1998،واعلنت الأرجنتينين افلاسها عام 2001في حين أعلنت البرازيل عن افلاس جديد عام 2021 بسبب تردي وضعها الصحي بسبب جائحة كورونا.
ان افلاس دولة لبنان ليس مستغربا ان صح الخبر فهو نتاج عدم قدرتها على تمويل نفقاتها اليومية الجارية وغير قادرة على تسديد التزاماتها من الرواتب والأجور لانعدام النشاط الاقتصادي،وياتي ذلك بسبب انعدام إيرادات الدولة وسلبيتها بسبب تردي النشاط الاقتصادي وانهيار وركود وهشاشة قطاعاته المنتجة وانعدام الناتج المحلي الإجمالي لها كما تشير لذلك الكثير من الدراسات.
كما يأتي افلاس دولة لبنان بسبب تضخم استدانتها بشكل مفرط، وجعلها غير قادرة على تسديد قروضها الخارجية والداخلية وذلك عندما تصل مستوياتها الى مستوى مقارب من الناتج المحلي الاجمالي،وهي بهذا غير قادرة الى اللجوء الى المؤسسات التمويلية الدولية او الى المصارف المحلية او الى الدول الأخرى لغرض الحصول على جرعات مالية من القروض القصيرة والطويلة الاجل التي تحصل عليها لديمومة حياتها اليومية ومزاولة نشاطها الاقتصادي المنعدم أصلا.
هذه الأسباب هما نتاج تردي في السياسة الاقتصادية والسياسة المالية العامة للدولة وانعدام دور القطاعات الإنتاجية وجعل موازنة الدولة ذات قطب واحد محصور بالإنفاق فقط وحصر إيرادات الدولة بمصدر واحد قابل للنضوب مثل السياحة دون تنويع مصادر دخل الدولة بحيث يعجز البنك المركزي وهو بنك الدولة وحاميها وممولها من تقديم العون لها لأنه افلس هو أيضا باعتباره احد مؤسسات الدولة.
اما افلاس البنك المركزي اللبناني فهو وليد السياسة النقدية الهشة والضعيفة التي مارسها والتي يدير من خلالها موارد الدولة فقد تلقى(لبنان إشعارا من البنك الدولي يحذر فيه من التخلف عن سداد 1.1 مليون دولار خلال 45 يوما من تاريخ الاستحقاق في 15 شباط 2022. وقد رفض حاكم مصرف لبنان تسديد هذه المستحقات وسائر المستحقات لمنظمات ومؤسسات دولية ولاستشاريين ومحامين طلبت الدولة خدماتهم بقيمة مقدرة بنحو 32 مليون دولار).إضافة الى تنظيم سعر الصرف من خلال تعويم الليرة اللبنانية ،وبالتالي انهيار قيمة العملة المحلية امام العملات الاجنبية.اضافة لوجود (عجز متراكم في ميزان المدفوعات على مدى السنوات السبع الأخيرة بما يزيد على 9 مليارات دولار، كما هناك صعوبة في استقطاب الدولارات من الخارج. إذ أن نمو الودائع يكاد يوازي صفرا إذا تم احتساب النمو الناتج من الفوائد المصرفية على قاعدة الودائع، ما يجعل أولوية مصرف لبنان تصب في كيفية الحفاظ على احتياطاته بالعملة الأجنبية).
لحد الان لا يوجد أي تأكيد عن افلاس دولة لبنان كما لا يوجد تأكيد أيضا عن افلاس بنك لبنان المركزي والنظام المصرفي،انما هناك تصدع في دولة لبنان وتصدع في العمليات المصرفية للبنك المركزي بسبب حزمة من المشاكل،التنظيمية والاستراتيجية المتعلقة بالسياسة النقدية التي اعتمدها خلال الفترة السابقة.
نتمنى ان يبادر البنك المركزي العراقي لتوضيح هذه الحقيقة، ويفسر أسبابها ،فاذا ما تأكدت تكون افلاس دولة لبنان نواة وبداية لإفلاس دول او افلاس من يدير أموال الدولة وهو البنك المركزي وهي سابقة قد تحصل الا ان علاجها لم يتم بسهولة.