مؤشر السعادة العالمي ونصيب العراق منه:
ا.د.حمزة محمود شمخي
في المقال السابق ناقشنا مؤشر الرخاء والازدهار العالمي ونصيب العراق منه قياس بالدول الخليجية والعالميةباعتباره مؤشرا يعكس نجاح الدولة في سياستها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية.
في هذا المقال نعرج الى استعراض
(مؤشر السعادة العالمي Happy Planet Index) الذي اعتمدته الامم المتحدة لتحفيز الدول على سعادة شعوبها اثناء اعتمادها لمشروع التنمية المستدامة.وفي اليوم الذي تم فيه الإعلان عن هذا المؤشر اشار الامين العام للامم المتحدة ان(العالم يحتاج إلى نموذج اقتصادي جديد يعترف بالتكافؤ بين الركائز الثلاث للتنمية المستدامة:الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي لا تنفصل أبدا ولأنها معا تحدد إجمالي السعادة الوطنية)لاي مجتمع من المجتمعات محققين الامل في القضاء على الحزن والفقر والجوع وعدم تمتع الافراد بثروات بلادهم نتيجة الاهمال وسوء الادارة ،مؤكدة إن السعادة هي(هدف إنساني أساسي).
لقد طرحت الامم المتحدة موضوع (السعادة العالمي) قبل ان تدشن اهداف التنمية المستدامة السبعة عشر والتي التزمت الدول بتحقيقها حتى عام 2030 املا في انهاء الفقر وخفض درجات التفاوت وحماية الكوكب وهذه تمثل في مجملها جوانب يمكنها أن تؤدي الى السعادة.
لقد تم الاعتماد الرسمي للمؤشر عام 2012،وجاء قرار الاحتفال بهذا اليوم لتاكد فيه الأمم المتحدة ان السعي (لتحقيق السعادة هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وتدرك الحاجة إلى نهج أكثر شمولا وإنصافا وتوازنا، لتحقيق النمو الاقتصادي الذي يعزز التنمية المستدامة والقضاء على الفقر والسعادة والصحة العامة لجميع الشعوب).
وبذلك دأبت الأمم المتحدة على إصدار مؤشر السعادة لكل الدول الاعضاء،لغرض قياس مقدار سعادة شعوبها والمساعدة في(تحديد نموذج اقتصادي جديد) يساهم في ضمان ذلك.
وللتذكير فان السعادة ليست بدعة اجتماعية اممية معاصرة انما ذكرت بالقران الكريم وفي اقوال من اكرمهم الله،فقد ذكرت السعادة في الاية الكريمة:
{يَومَ يَأتِ لا تَكَلَّمُ نَفسٌ إِلّا بِإِذنِهِ فَمِنهُم شَقِيٌّ وَسَعيدٌ}هود
{وَأَمَّا الَّذينَ سُعِدوا فَفِي الجَنَّةِ خالِدينَ فيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالأَرضُ إِلّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيرَ مَجذوذٍ}هود
وحديث قدسي عن الرسول الاكرم(ص):
{إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، وَلَمَنِ ابْتُلِيَ فَصَبَرَ فَوَاهًا}
وعن الامام علي(ع):
{هيهات من نيل السعادة السكون إلى الهوينا والبطالة}.
وهذا يعني ان السعادة هي منهج روحي اجتماعي يجب ان يتمتع بها الناس.
ويختلف مفهوم السعادة من شخص إلى آخر ومن بلد إلى آخر، لكن مفهومها وفق تعريف الأمم المتحدة مرتبط(بمدى رضا الشخص عن حياته).
وبالشكل الذي اعتمدته الامم المتحدة فان سعادة اي دولة وشعبها ماهو الا قيمة مستخدمة تأخذ في عين الاعتبار ما يصل إلى 9 أبعاد هي(الرفاهية النفسية، والصحة، واستغلال الوقت، والتعليم، والتنوع والمقاومة الثقافية، والحكم الرشيد، وحيوية المجتمع والتنوع والمرونة البيئية ومستويات المعيشة).
ويعتمد مؤشر السعادة على 6 معايير لقياسها هي (نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ومتوسط عمر الفرد، وحرية اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى جودة الخدمات الصحية والتعليمية، وانعدام الفساد، وانتشار العدل).
والملاحظ عن المعايير اعلاه انها ركائز الاقتصاد الكلي،والرفاهية الاجتماعية والسياسية،وقواعد العدل المطبقة في اي دولة.
يحسب مؤشر السعادة السنوي لكل دولة من قبل شبكة حلول للتنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة والذي يعتمد على بيانات المسح العالمية للأشخاص لحوالي 150 دولة. ويساهم معهد “غالوب” على ذلك من خلال طرح أسئلة(للسكان عن نظرتهم لمستوى سعادتهم، مع مقارنة النتائج بإجمالي الناتج المحلي في البلاد وتقويمات تتعلق بمستوى التضامن والحرية الفردية والفساد، لإعطاء علامة إجمالية لكل بلد).
تصدرت فنلندا قائمة أسعد دولة في العالم، وفقًا لمؤشر السعادة العالمي لعام 2022 وفق(متوسط الحياة الصحية المتوقع، والناتج المحلي الإجمالي للفرد، والدعم الاجتماعي في أوقات الاضطرابات، والفساد المتدني، والثقة الاجتماعية المرتفعة، والكرم في المجتمع ، والحرية في اتخاذ قرارات الحياة الرئيسية)
وتحتل الدنمارك، والنرويج، والسويد، وأيسلندا درجات متقدمة في المؤشر.
وقد تصدرت الدول الخليجية قائمة الدول العربية،واحتلت البحرين المركز الأول عربيا والمركز الـ21عالميا،وجاءت الإمارات في المركز الثاني عربيا وفي المركز الـ 24 عالميا، بينما جاءت السعودية في المركز الثالث عربياوالـ 25 عالميا.
اما العراق فقد احتل عام 2022 المركز 8 عربيا والمركز107دوليا.وفي عام 2021 كان 5 عربيا والمركز 81 عالميا.وفي عام 2020 كان مركزه 13عربيا و124 عالميا.
لنعزز سعادة شعبنا قياسا بشعوب العالم.