مؤشر الأمن الصحي العالمي وموقع العراق فيه:
ا.د.حمزة محمود شمخي
يعد الامن الصحي احد المهام الانسانية والاجتماعية في حياة الدولة،حيث تسعى الدولة بناء منظومة صحية تتكامل مع منظومة الامن الغذائي والامن المائي والامن العسكري وغيرها، فهو جزء من أمن الدولة الذي تلتزم من خلاله الى حماية مواطنيها وتحصنهم ضد مخاطر إنتشار الاوبئة والجائحات،وكلما كانت منظومة الامن الصحي متكاملة كلما كان البناء الانساني والاجتماعي للدولة حضاريا.
والأمن الصحي لاي دول يخرج عن كونه مطلبا شعبيا فقط،وانما هو جزء من المسؤولية الانسانية للدولة ومن خلاله يمكن إبعاد افراد المجتمع وتحصينهم من الامراض المعدية التي يؤدي انتشارها الى الجائحات والاوبئة، التي تحصل بسبب نقص القدرة في مواجهتها او عدم توفر العلاجات والاجهزة او بسبب غلاء اسعار الادوية،وهو ايضا يعد هدفا اساسيا من اهداف التنمية المستدامة.
ومؤشر الأمن الصحي العالمي ( Global Health Security Index) هو أول تقييم شامل للأمن الصحي في العالم يغطي 195دولة، وقد ساهم في إبتكاره كل من مبادرة التهديد النووي ( Nuclear Threat Initiative)وهي منظمة امريكية غير ربحية ومركز (Johns Hopkins) للأمن الصحي بالولايات المتحدة وطور لاحقا بالتعاون مع وحدة الاستخبارات الاقتصادية في Economist Impact.
وبسبب هذه الجهات الثلاث جاء المؤشر مكتملا ومهما لتقييم الامن الصحي لاي دولة.
ويهدف المؤشر إلى إحداث تغييرات قابلة للقياس في الأمن الصحي الوطني، وتحسين القدرة الدولية على معالجة أحد أكثر المخاطر انتشارا في العالم وهو (تفشي الأمراض المعدية التي يمكن أن تؤدي إلى الأوبئة والجائحات الدولية).
يحسب مؤشر الأمن الصحي لاي دولة عن(طريق 6 مجالات و37 مؤشر فرعي و171سؤال باستخدام المعلومات المتاحة للجمهور).
والمجالات ال(6) التي يرتكز عليها المؤشر هي:
-مؤشر الوقاية من ظهور الأمراض.
-مؤشر اكتشاف الأوبئة.
-مؤشر التجاوب مع الأوبئة.
-مؤشر النظام الصحي.
-مؤشر الالتزام بالمعايير الدولية.
-مؤشر المخاطر الشاملة.
ومن خلال تقييم هذه القدرات كل(2-3)سنوات،يحفز المؤشر قيادات الدول على تحديد أولويات الاستعداد لمواجهة الأوبئة.
يتضمن مؤشر الامن الصحي العالمي لسنة2021 أسئلة جديدة مدفوعة بخبرة فريق الخبراء الدولي وتجربة فريق مشروع المؤشر من جائحة كورونا والأوبئة السابقة.
نتائج مؤشر2021 هي انعكاس(لإطار عمل منقح وجمع بيانات محدث أجريت من آب 2020 إلى حزيران 2021.حيث قام فريق مكون من أكثر من 80 باحثا ميدانيا من ذوي الخبرة من Economist Impact بجمع البيانات واتاحتها للجمهور)
نتائج مؤشر الامن الصحي العالمي لعام2021 والتي اعلن قبل اسابيع متباينة حيث جاءت امريكا في الترتيب الاول بدرجة 75.9والثاني استراليا بدرجة71.1
وأثبتت دول الخليج تفوقا في الامن الصحي رغم انخفاض درجة مؤشرها،وكان ترتيبها كلاتي:
قطر عربيا 1 49 عالميا درجة 47.7
السعودية 2 61 درجة 44.9
الاردن 3 66 42.8
الامارات 4 80 39.9
عمان 5 81 39.1
الكويت 6 88 36.8
المغرب 7 108 33.6
لبنان 8 111 33.4
تونس 9 123 31.5
السودان 10 152 28.3
مصر 11 153 28
الجزائر 12 163 26.3
موريتانيا 13 165 26.2
ليبيا 14 172 25.3
جيبوتي 15 173 25.2
جزر القمر16 175 24.9
العراق 17 177 24
سوريا 18 192 16.7
اليمن 19 193 16.1
الصومال 20 195 16
ويلاحظ من نتائج المؤشر انه لم تسجل اي دولة من 195دولة المشمولة بالتقييم درجة الحد الأقصى للامن الصحي والتأهب لمواجهة الأوبئة والجائحات.ولهذا جاءت الصورة عاتمة بعد انتشار جائحة كورونا وما سببته من انهيار لنظم صحية واقتصادية في بلدان كانت تتمتع بمنظومة صحية متميزة.
أما الدول العربية فلم تتجاوز نصف قيمة المؤشر رغم غنى بعضها.
ومن المؤسف ان يكون العراق في ذيل نتائج مؤشر الامن الصحي لعام2021 حيث حدد موقعه في المركز 17عربيا والمركز177عالميا وبدرجة 24 من 100 ضمن 195دولة شملها المؤشر،مما يعني ان الامن الصحي لم يصل الى مستوى الامن المطلوب،بل شهد تراجعا بسبب (اندثار البنى التحتية،ومحدودية توظيف الامكانات البشرية،وعدم توافر الاجهزة والمختبرات القادرة على تشخيص الأمراض الوبائية)رغم إمكانيات العراق المالية والبشرية، وهو ترتيب ضعيف وهش في الامن الصحي قياسا بدول لا تمتلك الامكانيات المادية والبشرية المتخصصة صحيا كالتي يمتلكها العراق مما يعكس هشاشة الامن الصحي ويجعل من احتمالية انتشار الامراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة وجائحات ممكن مما يزيد من حالات الوفاة.
لذلك فإن استثمار الدولة في الأمن الصحي مهم جدا لايقل عن الامن الغذائي لضمان حصانة المواطنين من الامراض.
الصحة أهم من الغذاء.