You are currently viewing القيادة الادارية بالحب:

القيادة الادارية بالحب:

القيادة الادارية بالحب:
ا.د.حمزة محمود شمخي


تعد(القيادة بالحب)نمطا من أنماط الفكر القيادي الاداري المعاصر،التي ظهرت واتسعت ممارستها في الكثير من منظمات الاعمال العالمية منذ عام 1998ضمن مرحلة تطورالقيادة الاخلاقية وانواعها.
ولذلك بدأ أغلب قادة منظمات الأعمال العالمية نحو ممارسة(القيادة بالحب)كنمط قيادي هدفه رفع درجة الانتماء وتعميق حب المنظمة لدى المرؤوسين من خلال تهيئة اجواء المحبة والإبداع فى بيئة العمل للوصول إلى أفضل أداء للمنظمة. 
ينسب هذا النمط القيادي الى المبدعة السلوكية Kathleen Sanford عندما اصدرت كتابها القيادة بالحب:
Leading with Love , How Women (And Men) Can Transform Their Organizations Through Maternalistic Management
والذي صدرت طبعته الاولى عام 1998فهي تشبه القيادة بالحب(كالأمومة Maternity لأنها لا تخلو من المرارة والألم. ولكن نبل الرسالة، وعظمة النتائج، تدفعان الأم إلى المزيد من التضحية وإنكار الذات).ولذلك تسمى هذه القيادة (بالقيادة بفطرة الأمومة).
و Sanford، كاتبة أمريكية سلوكية مبدعة، وشغلت رئاسة المنظمة الأمريكية للممرضين التنفيذيين (AONE) في عام 2006.
لقد عرفت بكتابها القيادة بالحب بأنها( تشبه فطرة الأمومة، والتي تركز على أهمية تعزيز الأبعاد الاجتماعية والقيم الثقافية للمنظمات من أجل صيانة رأس المال الاجتماعي).
وهنا تنطلق الكاتبة Sanford بتاكيد إن الحب هو سحر الأمومة، والإدارة بفطرة الأمومة تخضع لنفس السحر، فالحب هو الأداة الرئيسية والعصا السحرية لهذه القيادة.
وتؤكد ان القيادة بالحب تنبثق من خمسة اركان رئيسة هي: 
-حب القائد للعاملين.
-حب القائد لنفسه.
-حب القائد للمنظمة.
-حب القائد للعملاء.
-حب القائد للمجتمع
وهذه الاركان احدهما يكمل الاخر،يجب ان يستوعبها من يتحمل القيادة الادارية.
وينظر للقيادة بالحب ايضا كونها(فــن التأثير على القلوب، والتي لا  يمکن أن تتحقق إلاّ بالمحبة المتبادلة بين القائد والمرؤوسين في المنظمة،حيث أنها تجعل المرؤوسين يطيعون أوامر القائد بمحض إرادتهم وبکل طواعية وانقياد)،فالحب بمفهومه العام لايبتعد عن الاهتمام بمشاعر الآخرين، وهو(عاطفة قوية تولد المودة والتعلق الشخصي بين القائد ومرؤوسيه).
ان الحب في الادارة منهج قيم وعواطف وسلوك فهو مركز(للمشاعر النبيلة،والأداة الرئيسة للفلسفة الجديدة القائمة على أن الإدارة بالحب هي المدخل الصحيح لبناء منظمات أعمال متكاملة ومتوازنة ومرنة ذات مبادئ وأخلاق).
تؤكد الكاتبة Sanford ان فشل النظريات الادارية الحديثة وتطبيقاتها لا يعود إلى(فشل مناهجها وعدم مصداقيتها،بل يعود إلى افتقارها للقيادة بالحب وافتقارها للفطرة والحنان، فالقيادة بالحب بفطرة الأمومة تشبه الأم إلا أنها لا تخلو من ألم ولكن نُبل الرسالة،وعَظمة النتائج، تدفعان الأم إلى المزيد من التضحية وإنكار والفداء،وتفيض الأم بالدفء والعاطفة، ولا تبخل على أبنائها بالمعرفة والتعليم،وهذا السلوك يؤدي في منظمات الاعمال إلى التطوير،كما وأن عطاء الأم لا ينتظر مقابلاً،غاية ما تريده هو إعداد أبنائها لدور مستقبلي ناجح،فحب الأم غير مشروط وعطاؤها غير محدود).
ان الادارة بالحب تتطلب تحويل السلوك التنظيمي في المنظمة إلى(صورة طبق الأصل من قيم ومعتقدات الإدارة بفطرة الأمومة، ومن ثم إحداث تغيير في ثقافة المنظمة نحو الإدارة بالفطرة)وهنا ينجح القائد الاداري بادارته.
ان العيش بدون(حب)حقيقي هو حياة الظلام،وهي خلق بيئة تخنق العاطفة والإبداع والأفكار.في المقابل ،فإن أولئك الذين يعتنقون الحب والرحمة والتفاهم يجدون حياتهم تزدهر بالوفاء والوفرة).
ان الحب القيادي منهج قرآني عظيم فقد أوصى الله عزوجل رسوله المبشر
{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْـمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159]
والفظ هنا هو سيِّئ الخُلق قاسي القلب،فلو كنت قائد قاسيا لانصرف أصحابك من حولك،فعزز محبتك لهم.
إن ممارسة القيادة بالحب غرضها العطاء الذي يرتقي بالمرؤوسين،(ويهذّب سلوكهم ويزيد تفاعلهم،ولطالما أن الحب غير مشروط والعطاء غير مؤقت فإن القيادة بالحب طريق للإبداع والابتكار، والإحساس المتوازن).
لقد شوه وأساء بعض من تحملوا قيادة منظمات الاعمال للعمل الاداري وانماطه القيادية الاخلاقية ومنها القيادة بالحب ،فجعلو المنظمة جزء من أرثهم العائلي،فركزوا على هدفم المادي الذاتي وغايتهم التربح على حساب المنظمة ،ساعدهم في ذلك من كان الفشل معيار سلوكهم الاجتماعي ،ولذلك ظلموا وتعسفو وقسو وتجاوزو حدود اللياقة الاجتماعية والسلوكية في قرارتهم لمن هم اجل منهم اخلاقا وعلما ومنزلة،ولذلك تدهورت المنظمة واربكوا دورة حياتها،ومثل هؤلاء القادة انتهت حياتهم الادارية بالفشل والعقوبات.