أعضاء BRICS ومعوقات إنشاء عملة موحدة في المستقبل المنظور
بقلم طالب الدكتوراه: لؤي علي محمود
قسم العلوم المالية/جامعة كربلاء
في هذه المقالة العلمية سنسلط الضوء على النقاط التالية:
- ماهو BRICS ؟
- ماهي الأسباب التي تدعوا الدول للانضمام له؟
- ما أبرز المعوقات التي تحول دون إنشاء عملة BRICS ؟
- أمثلة وقعت في تكتلات سابقة.
بريكس BRICS هو نادي أو تكتل سياسي مكون في الوقت الحالي من خمسة أعضاء هي: الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب افريقيا. اسم BRICS مشتق من الحروف الأولى لأسماء هذه الدول الخمسة، ابتكر الاسم الاقتصادي البريطاني جيم اونيل سنة 2001 عندما كان يعمل في بنك غولدمان ساكس.
أسباب الحماس للانضمام لهذه التكتل عديدة فهي تمتلك إمكانات هائلة اذ تشكل 40% من سكان العالم، و30% من مساحة الكرة الأرضية، و18% من التجارة العالمية، و25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتمثل قوى عظمى في مجالي الغذاء والطاقة حيث ان روسيا تعتبر أكبر مصدري القمح والنفط والغاز الطبيعي، والبرازيل هي أكبر مصدري فول الصويا، والهند أكبر مصدري الرز. والسبب الآخر ان هذه الدول تقدم نفسها كبديل للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة، فهو ملاذ للدول الواقعة كضحية للنظام الحالي أو المتضررة منه.
والسبب الثالث هو الرغبة في الاستفادة من بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول بريكس سنة 2014 وهدفه تمويل مشروعات البنية التحتية في الاقتصادات الناشئة. يبلغ رأسمال البنك المصدر 100 مليار دولار، منح قروض لأكثر من 96 مشروع داخل الدول الخمسة، البنك باختصار يسعى للعب دور موازي ومنافس للبنك الدولي.
معوقات إنشاء عملة BRICS موحدة عديدة منها:
أولا: متطلبات إنشاء اتحاد نقدي Monetary Union بين عدد من الدول معناه ان هذه الدول تتخلى عن سياستها النقدية في صالح عملة موحدة تجمع بينهم، أي تتخلى عن عملتها أولا، وتتخلى عن سيطرتها على العملة الجديدة لأنها ستكون مشتركة بينهم.
ثانيا: إنشاء بنك مركزي موحد يقوم باتخاذ السياسات النقدية لكل هذه الدول أي أن تتخلى هذه الدول عن بنوكها المركزية، عندها لا يوجد يوان صيني ولا روبل روسي وكذلك لباقي عملات التكتل.
ثالثا: كل دولة من أجل التخلي عن عملتها في سبيل عملة واحدة يجب ان يحصل بينهما تنسيق في الدورات الاقتصادية. بمعنى ان الدول كلها يجب ان تقبل ان تمر بفترات ازدهار وتدخل مع بعضها بفترات ركود … لماذا؟؟ لان البنك المركزي الموحد سوف يتخذ سياسة نقدية واحدة، أي في فترات الازدهار سوف يقوم برفع أسعار الفائدة، وبفترات الركود سوف يخفض أسعار الفائدة.
ماذا لو ان بعض الدول في فترة ازدهار والبعض الآخر في فترة ركود وتجمعهم عملة واحدة؟!
لو تم رفع الفائدة لمصلحة الدول التي في فترة ازدهار فإن الدول التي في مرحلة ركود ستذهب لركود حاد.
تعقيباً على هذه النقطة تحديداً، ففي استعداد منطقة اليورو لاطلاق عملتهم الموحدة تم الاتفاق بداية التسعينيات في (معاهدة ماستريخت) حددوا عدة معايير للانضمام لعملة اليورو منها: تنسيق السياسات الاقتصادية مع بعض، وتخفيض عجز الموازنة لمستوى معين، والسيطرة على مستويات معينة للتضخم، كذلك نسبة الدين يجب ان يكون لها سقف محدد…الخ. بمعنى يجب ان نوحد سياساتنا أولا قبل الدخول في شراكة، يذكر ان بعض الدول فشلت حينها في تنسيق سياساتها الاقتصادية مع بعض الدول الأخرى في منطقة اليورو مما اضطرها للخروج من عملة اليورو مثل بريطانيا سنة 1992 قبل الخروج كليا من الاتحاد عام 2020.
لدينا مثال حي في مجلس التعاون الخليجي فهو تكتل عربي مكون من ستة دول كان أقرب للمنطق أن يحقق العملة الموحدة من خلال تجاوزه للعديد من المشاكل الاقتصادية والفنية اذ يجتمعون دينيا واجتماعيا وجغرافيا واقتصاديا، وجميعهم مثبتين عملتهم المحلية مع الدولار الأمريكي، ومع ذلك المسألة تعثرت بسبب الخلافات السياسية وخلافات من له الكلمة العليا في النظام النقدي الجديد، وأين سيكون مقر البنك المركزي الموحد،
نحن نتحدث عن تكتل عربي منذ سنة 1981 والآن سنة 2023.
أخيرا يمكننا القول ان عملة BRICS بعيدة المنال نظرا للمعوقات أعلاه، ولكنه يبقى تكتلاً لدول تجمعهم رغبة التقليل من اعتمادهم على التعامل بالدولار وكلُّ له أسبابه، وإيجاد نظام بديل لنظام سويفت.
المصادر:
- Baun, M. J. (2018). An imperfect Union: The Maastricht Treaty and the new politics of European integration. Routledge.
- Stuenkel, O. (2020). The BRICS and the future of global order. Lexington books.