You are currently viewing الاثار الاقتصادية للموازنة الثلاثية لعام 3023

الاثار الاقتصادية للموازنة الثلاثية لعام 3023

الاثار الاقتصادية للموازنة الثلاثية لعام 3023
بقلم طالب الدكتوراه في الاقتصاد: حيدر عنتر خلف حسين

لاشك وان الكثير يعلم بان الموازنة هي عمل متفق علية من قبل السياسيين واصحاب القرار الاقتصادية يعبر عن فلسفة الدولة لسنة مالية مقبلة فهي مرآة تعكس فلسفة الحكومة واهدافها الاقتصادية وبالتالي تعرف الموازنة بانها البرنامج التخميني المقبل للإيرادات والنفقات العامة لسنة مالية مقبلة ، وفي العراق فقد عرفها قانون اصول المحاسبات رقم 28 لسنة 1990 (بانها الجداول المتضمنة تخمين الايرادات والنفقات لسنة مالية واحدة في قانون الميزانية ) والسنة المالية للمدة التي ينفذ خلالها قانون الموازنة ، وتبدأ في 1/ كانون الثاني من كل سنة، وتنتهي في 31/ كانون الأول من السنة ذاتها. لذا الكل ينص على ان تكون الموازنة سنوية ومن القواعد والمبادئ الاولى للموازنة هو ان تكون سنوية وهذا الامر ليس اعتباطاً وانما :
1- اغلب الحسابات العامة وخاصة حسابات الدخل القومي تحدد بالسنة .
2- النفقات العامة والايرادات العامة تتفاوت وتتذبذب خلال السنة حسب الظروف الاقتصادية التي يمر بها البلد فكيف اذا بلد ريعي مثل العراق ومعتمد على النفط ففترة السنة ملائمة جداً.
3- من الصعب جداً إعداد تقديرات دقيقة للنفقات والايرادات العامة اذا كانت تزيد عن السنة .
4- مراقبة السلطة التشريعية لنفقات الموازنة وبرامج تطبيقها تضعف لو اعدت الموازنة بأكثر من سنة , وكذلك الامر هناك صعوبة لو اعدت باقل من سنة لأنها تحتاج الى تكاليف وجهد لإعدادها .
5- ان الضرائب المباشرة يتم تحصيلها بشكل سنوي ، فضلاً عن أن المشروعات العامة تضع موازناتها بشكل سنوي .
فكيف ان تضع الحكومة العراقية موازنة 2023 لثلاث سنوات متتالية .
وبحسب البيانات الاولية للموازنة فان اجمالي الموازنة العامة بلغت نحو اكثر من (197 ترليون دينار عراقي) أي بنحو( 140 مليار دولار ) ، و بعجز نحو(63 ترليون دينار ) ، وقد بلغت الموازنة التشغيلية تقريباً 76.17% أي بنحو(150 تريليون دينار) ، بينما بلغت الاستثمارية منها (23.85% ) أي بنحو (47 ترليون دينار) ، بينما بلغ إجمالي الإيرادات أكثر من(134 تريليون دينار). وتشكل الايرادات النفطية منها نحو (87.31%) اي بقدر (117 تريليون دينار) ، بينما الايرادات غير النفطية بلغت ما نسبته (14.52%) أي بقدر (17 ترليون دينار) على أساس سعر النفط بـ 70 دولاراً.

وان تحديد سعر برميل النفط عند هذا المستوى في الموازنة سيعمق من نسبة العجز ويزيد من الديون الداخلية والخارجية نتيجة تذبذب اسعار النفط بفعل الازمات المالية والمصرفية التي تعصف بالعالم اليوم والتي تسبب بانخفاض اسعار النفط العالمية وبالتالي اثرها على الموازنة العراقية والاقتصاد . فإن اعتماد موازنة ثلاثية , سيفاقم الامر سوءاً اذا انخفضت اسعار النفط عن السعر المعلن ب10 دولار ، هذه الامر سيعيق عمل الحكومة حتى في تسديد مستحقات الموظفين .
فكيف اذا تم اعتماد موازنة لثلاث سنوات متتالية في ظل التقلبات والصدمات الخارجية وفي ظل عدم وجود صندوق سيادي ربما ينتشل الاقتصاد ويضعه في مساره الصحيح.
وفي المادة الثانية والاربعون من مسودة الموازنة تم فرض ضريبة مستترة تحت غطاء الرسوم
فقد تضمنت الموازنة الثلاثية في تفاصيلها:
● نسبة (5%) من عوائد مبيعات اللتر الواحد من البنزين.
● نسبة (10%) من زيت الغاز أو الكاز.
● نسبة (15%) من الوقود المستورد.
● نسبة (1% ) من مبيعات النفط الأسود.
● فرض رسم مطار (بمبلغ 25000) للشخص الواحد للمسافرين خارج العراق في جميع مطارات العراق .
ان فرض هذه الضرائب ستعمل على زيادة ايرادات الدولة الغير نفطية بشكل نسبي بالمقابل ستؤدي الى اثر كبير من خلال تخفيض الدخل المتاح للمواطن واذا لم يجري تعديل سلم الرواتب فإنها ستؤدي الى تضرر المستوى المعيشي للمواطنين فضلاً عن ان هناك ابواب اخرى غير ضرورية تفرض عليها الضريبة ، فرفع اسعار الوقود المرتبطة بقطاع النقل اكثر القطاعات ترابطاً بين القطاعات سيعمل على رفع اجور النقل وبالتالي سلسلة الاسعار وحصول بوادر تضخم .
وعند النظر الى جانب النفقات العامة نجد ان النفقات التشغيلية لها النصيب الاكبر من اجمالي النفقات العامة ، بنحو 150 تريليون دينار في موازنة 3023 وهذا يشير ان الحكومة لا تمتلك رؤية واضحة للتنمية الاقتصادية والسير صوب النمو الاقتصادي والاعتماد على القطاعات الانتاجية الاخرى من خلال تنشيطها واستثمارها وتقليل الاعتماد على المورد النفطي . وعند النظر الى الجانب الاخر للنفقات الاستثمارية نجد قيمتها قليلة فهي بلغت نحو (47 ترليون دينار) وفي الحقيقة هي لا تكفي للنهوض بالاقتصاد العراقي من خلال اعمار وانشاء البنى التحتية وانشاء القطاعات الانتاجية التي تدفع بطريق زيادة رؤوس الاموال والاصول الانتاجية .

وقد يؤدي عجز الموازنة الكبير الى حلقة مفرغة فان تحديد العجز بنحو(63 ترليون دينار) لموازنة 2023 يدخل الاقتصاد العراقي بحلقة مفرغة من خلال ما ينتج عنها من زيادة الدين العام وزيادة في مدفوعات الفائدة عن الديون السابقة وهذا الامر سيثقل كاهل الاقتصاد مستقبلاً لأنه كلما اتسع حجم العجز ازداد حجم الدين وهذا الامر له اثار وخيمة على الاقتصاد ودخوله في ازمة جديدة .
وأخيراً وليس اخراً ان التأخر في اقرار الموازنة ونحنُ على مشارف من انتهاء شهر نيسان لعام 2023 له اثار سيئة على جانب المشاريع الاستثمارية ، فان تأخر المستحقات المالية لها سيربك عملها و يؤدي الى اختلاف مدة انجازها للمشاريع ، وكذلك تأخرها لسنة مالية اخرى ، فهذا التباطؤ يعمل كذلك على تقليل الرقابة على المشاريع الاستثمارية من خلال تعاقب الحكومات واختلافها ، فإقرار الموازنة في بداية السنة المالية في بداية شهر كانون الثاني من الامور المهمة التي تقلص مده انجاز للمشاريع وكذلك عدم التشتت في بنائها .
هل ستنجح الموازنة الثلاثية لعام 2023 لانتشال الاقتصاد العراقي وجعله في المسار الصحيح هذا ما سيثبته الواقع القريب .

رابط : مسودة الموازنة الثلاثية 2023
https://www.rudawarabia.net/arabic/middleeast/iraq/180320237