سقف الدين وإحتمال كارثة اقتصادية:
بـقلـــم ا.د.حمزة محمود شمخي
من المشاكل الجديدة التي تعصف بالاقتصاد الامريكي وتسير به نحو احتمالية أكثر باتجاه الركود او تؤدي به الى كارثة اقتصادية مؤلمة تضاف الى ٱلامه الاقتصادية المرتبطة بالتضخم ورفع سعر الفائدة، هي مشكلة سقف الدين.
فالاقتصاد الامريكي يمر بحالة من عدم( اليقين المالي غير مسبوقة)، مع قرب الموعد النهائي لرفع سقف الدين الحكومي بداية شهر حزيران /يونيو القادم والذي حذرت منه وزارة الخزانة الأمريكية في بداية عام 2023.
وسقف الدين هو(المبلغ الإجمالي للأموال التي يحق للحكومة الأميركية اقتراضها للوفاء بالتزاماتها المختلفة، مثل مدفوعات الضمان الاجتماعي، واسترداد الضرائب، وفوائد الدين الحكومي، والدفاع الوطني) وغيرها من النفقات.
ومهمة سقف الدين هو معالجة العجز الذي يحصل في الموازنة الفيدرالية مما يتعذر على الحكومة الأمريكية تسديد ما عليها من مستحقات، وهنا تعمل الحكومة ضمن تقليدها المعتاد على الاقتراض لتغطية العجز ويتم ذلك من خلال اقتراض أذون خزانة وأوراق مالية وسندات حكومية بمقدار إلتزاماتها المتوقعة لتتمكن من أداء أعمالها مع الإشارة إلى (أنه قبل عام 1917 لم يكن هناك ما يسمى سقف الدين).
لقد بلغ سقف الدين حده الاعلى بداية عام 2023 وكمعالجة اتخذت وزارة الخزانة الأمريكية “إجراءات استثنائية” لضمان استمرار الحكومة في (دفع فواتيرها، وحذرت الحكومة بانها سوف تتعرض الى كارثة اقتصادية في حالة وضع العراقيل اما السماح لها بالاقتراض مجددا).
ووفقًا لتوقعات وزارة الخزانة الأمريكية فإن بداية شهر حزيران /يونيو سيكون الموعد النهائي الذي لن تتمكن فيه الحكومة الفيدرالية من تدبير احتياجاتها المالية لتسديد التزاماتها المالية اذا لم تتم الموافقة عل سقف الدين الجديد .
وتشير التقارير المالية إن الحكومة الأمريكية بلغت سقف الدين في كانون الثاني الماضي، واضطرت للتخلي عن بعض الالتزامات التي كان يجب تنفيذها، مقابل توفير المال اللازم لسداد الديون حتى لا تتخلف عن السداد.
وبلغت ديون الولايات المتحدة الأمريكية 31.4 تريليون دولار في يناير 2023 الماضي، متجاوزة سقف الدين الذي تم رفعه في عام 2021 بمقدار 2.5 تريليون دولار في ديسمبر/كانون الأول ليصل إلى 31.4 تريليون دولار.
وإذا فشلت الحكومة الأمريكية في رفع سقف الدين بحلول ذلك الوقت، ستتخلف عن سداد التزاماتها المالية، وهي سابقة تاريخية تحمل عواقب وخيمة محتملة قد تصل الى “كارثة اقتصادية” وتداعيات اقتصادية خطيرة وهو تحذير قدمه صندوق النقد الدولي.
كما حذرت الشركات المدرجة في بورصة نيويورك من تخلف الحكومة عن سداد ديونها لان ذلك سوف يقود الى حدوث صدمة في الأسواق المالية والاقتصاد الأميركي ومن المرجح أن تتشظى هذه الصدمة الى صدمات قاسية في الأسواق المالية العالمية واقتصاديات العالم، ويأتي ذلك بسبب فقدان المستثمرون الثقة بقدرة الولايات المتحدة على سداد سنداتها،( التي يُنظر إليها على أنها من بين أكثر الاستثمارات أماناً، وتعمل بمثابة لبنات بناء للنظام المالي العالمي) ، مع تزايد المخاوف من تهالك سوق الاستثمار في الاسهم في بورصة نيويورك القائدة للاستثمار المالي مما ينعكس على الاقتصاد العالمي بالشلل .
ومن غير المستبعد ان يؤدي التخلف عن السداد الى تقويض قوة الدولار الامريكي عالميا، بسبب (زعزعة الاستقرار المالي واهتزاز عرش الجدارة الائتمانية لسندات الخزانة الحكومية والتي عززت الطلب على الدولار لفترة طويلة ما ساهم في قيمته ومكانته كعملة احتياطية عالمية، وبناء على ذلك فإن أي ضربة للثقة في الاقتصاد الأميركي سواء من التخلف عن السداد او عدم اليقين المحيط بهذه العملية من شأنه دفع المستثمرين الى بيع سندات الخزانة الأميركية وبالتالي إضعاف الدولار الأمريكي ).
ان حدث سقف الدين سوف يزيد من حدوث آلام اقتصادية تضاف الى ٱلام النظام المصرفي الأمريكي والذي بدأت بعض مؤسساته بالانهيار بسبب الرفع المتتالي لسعر الفائدة لمعالجة التضخم واعتماد سياسة التشدد النقدي مع تزايد المخاوف من تهالك سوق الاستثمار في الاسهم والسندات في بورصة نيويورك القائدة للاستثمار المالي مما ينعكس على الاقتصاد العالمي بالشلل .
اكدنا قي مقالات سابق ان الفدرالي الامريكي سوف يرتكب مشاكل وٱلام اقتصادية قد تؤدي به الى الركود بسبب اعتماد سياسة نقدية متشددة واللجوء الى سعر الفائدة لمعالجة التضخم ،ومثل هذه السياسة لابد وان تنعكس في تاثيرها على بورصة نيويورك وعلى النظام المصرفي الأمريكي بشكل عام وعلى الوضع الاقتصادي باكمله .