You are currently viewing إدارة الاستثمار بين الاسلوبين (الخامل والنشط) 

إدارة الاستثمار بين الاسلوبين (الخامل والنشط) 

إدارة الاستثمار بين الاسلوبين (الخامل والنشط) 
بقلم طالب الدكتوراه في قسم العلوم المالية

لؤي علي محمود

    على الرغم من أن المستثمر يسعى لبناء محفظة استثمارية بقدر معقول من التنويع، إلا أنه يجد أمامه العديد من الخيارات الاستثمارية، ولكل منها خصائص معينة. على سبيل المثال، ما هو الهدف من هذا الاستثمار، هل هو النمو أم الدخل؟ محلي أم دولي؟ هل لديك تاريخ انتهاء؟

   ولكن هناك اعتبار آخر مهم: هل يتم إدارة هذا الاستثمار بشكل نشط أم خامل؟ الإجابة على هذا السؤال مهمة جدًا حقًا، لأن لكل منهما إيجابياته وسلبياته، وكلما زاد معرفة المستثمر بالنمطين، كانت قدرته أفضل على اتخاذ القرارات المناسبة بشأن خطوات الاستثمار الخاصة به.     الاستثمار النشط والفعال هما استراتيجيتان مختلفتان للاستثمار يستخدمهما المستثمرون لتحقيق أهدافهم المالية.

  الإدارة الخاملة   Passive Managementللوهلة الأولى، تتبادر إلى الذهن العديد من الخصائص السلبية التي غالبًا ما تكون غير مرغوب فيها في أي نهج استثماري، ولكن في الواقع، تهيمن إدارة الاستثمار الخاملة على أحد أهم القطاعات وأكثرها حيوية في عالم المال اليوم وهي: صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs).

يقصد بالإدارة الخاملة ان يكون الاستثمار في محفظة من الأوراق المالية التي تعكس مؤشر السوق أو فئة أصول معينة. الهدف من الاستثمار الخامل هو مطابقة أداء المؤشر الأساسي أو فئة الأصول، بدلاً من التفوق عليها. بعبارة أدق هي عملية استنساخ لمؤشر معين من مؤشرات أسواق الأسهم مثل مؤشر DJIA ومؤشر S$P500 ومؤشر Nikkei225 أي شراء أوراق مالية تكون مكوناتها مطابقة لتوليفة أسهم المؤشر المستهدف يتضمن الاستثمار الخامل عادةً رسومًا أقل ويتطلب إدارة أقل نشاطًا، حيث لا يتم تعديل المحفظة باستمرار بناءً على اتجاهات السوق. أي ان هدفهم الرئيسي ليس التفوق على السوق وانما الحصول على متوسط عائد السوق كذلك التعرض لمتوسط المخاطر، خاصة إذا ما تنبّهنا لمسألة ايمانهم المطلق بأن السوق المالي كفوء ولا توجد فرصة للتغلب عليه.

   بالمقابل الادارة النشطة Active Management تقوم على فرض معاكس وهو ان السوق المالية ليست كفؤة وهناك أوراق مالية مُساء تسعيرها وتمثل فرصة استثمارية جذابة أمام المستثمرين للتغلب على السوق وتحقيق عوائد غير طبيعية. يمكن أن يشمل ذلك إجراء البحث والتحليل على الشركات أو القطاعات الفردية، وإجراء تعديلات متكررة على المحفظة بناءً على اتجاهات السوق وظروفه. يتضمن الاستثمار النشط عادةً رسومًا أعلى ويتطلب مزيدًا من الوقت والجهد لإدارته.

   قد يكون المستثمرون النشطون المهرة قادرين على تحقيق عوائد تتفوق بشكل كبير على السوق، مما يجعله خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يرغبون في تحمل مخاطر أعلى من أجل احتمالية الحصول على مكافآت أعلى.

للمستثمرين النشطون أيضًا قرارات تكتيكية بناءً على تقلبات السوق قصيرة الأجل أو الأحداث الإخبارية أو العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على أسعار الأصول. ومع ذلك، تميل استراتيجيات الاستثمار النشطة إلى فرض رسوم وضرائب أعلى، ويتطلب مزيدًا من الوقت والجهد لإدارته، فضلاً عن مخاطر محتملة أكبر.

لكل من استراتيجيات الاستثمار الخاملة والنشطة مزاياها وعيوبها، ويعتمد الاختيار بينهما في نهاية المطاف على أهداف الاستثمار للفرد، وتحمل المخاطر، والأفق الزمني.

مزايا الاستثمار الخامل:

  1. تعتبر استراتيجية استثمار منخفضة التكلفة. نظرًا لأن المستثمرين الخاملين يسعون إلى تكرار أداء مؤشر معين، فهم لا يحتاجون إلى الانخراط في بحث أو تحليل مكثف لتحديد الأوراق المالية الفردية التي من المحتمل أن تتفوق على السوق. هذا يعني أنه يمكنهم تجنب الرسوم المرتفعة المرتبطة بالإدارة النشطة وتمرير هذه المدخرات إلى المستثمرين.
  2. يمكن أن يساعد في تنويع محفظة المستثمر. من خلال الاستثمار في محفظة الأوراق المالية التي تتعقب مؤشرًا معينًا، يمكن للمستثمرين اكتساب التعرض لمجموعة واسعة من الشركات عبر مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية. يمكن أن يساعد ذلك في تقليل مخاطر محافظهم وتحسين عوائدهم المعدلة حسب المخاطر. بالإضافة إلى ذلك، نظرًا لأن صناديق المؤشرات وصناديق الاستثمار المتداولة عادة ما يتم تصميمها لتتبع مؤشرات السوق الواسعة، فإنها توفر للمستثمرين التعرض للسوق ككل، والذي يمكن أن يكون مفيدًا خلال أوقات تقلبات السوق.
  3. ميزة أخرى للاستثمار الخامل هي بساطته. لا يحتاج المستثمرون الخاملون إلى قضاء الوقت في البحث عن الأسهم الفردية أو إجراء تداولات متكررة، والتي يمكن أن تستغرق وقتًا طويلاً ومرهقة. بدلاً من ذلك، يمكنهم ببساطة الاستثمار في محفظة متنوعة من الأوراق المالية التي تعكس عن كثب تكوين مؤشر معين، والسماح للسوق بالقيام بالباقي.
  4. يوفر الاستثمار الخامل أيضًا للمستثمرين قدرًا أكبر من الشفافية والاتساق. نظرًا لأن الصناديق السلبية مصممة لتتبع أداء مؤشر أو معيار معين، فإن عوائدها يمكن التنبؤ بها بشكل كبير ويمكن مقارنتها بسهولة بالصناديق أو المعايير الأخرى. وهذا يسهل على المستثمرين تقييم أدائهم الاستثماري واتخاذ قرارات مستنيرة بشأن محافظهم الاستثمارية.

عيوب الاستثمار الخامل:

  1. أن المستثمرين الخاملين بحكم تعريفهم غير قادرين على التفوق في الأداء على السوق.
  2. نظرًا لأن الصناديق الخاملة مصممة لتتبع أداء مؤشر أو معيار معين، فإنها تتعرض بطبيعتها لنفس المخاطر مثل السوق الأوسع. هذا يعني أنه في حالة تعرض السوق لتراجع كبير، فقد يتعرض المستثمرون الخاملون لخسائر كبيرة.
  3. الاستثمار الخاملون قد يكون له تأثير سلبي على الأسواق المالية الأوسع. من خلال التركيز على عدد صغير نسبيًا من الأسهم المدرجة في المؤشرات الشائعة، قد يؤدي الاستثمار الخامل إلى زيادة تركيز الملكية في بعض الأسهم، مما قد يؤدي إلى تشويه تقييمات السوق وتقليل كفاءة السوق.

مزايا الاستثمار النشط:

  1. قدرته على تحقيق عوائد عالية. على عكس الاستثمار الخامل، الذي يهدف إلى تكرار أداء مؤشر أو معيار سوق معين، فإن الاستثمار النشط يتضمن البحث النشط واختيار الأوراق المالية الفردية من أجل تحديد فرص تحقيق عوائد أعلى من السوق.
  2. قدرته على التكيف مع ظروف السوق المتغيرة. على عكس الصناديق غير النشطة، المصممة عادة لتتبع أداء مؤشر أو معيار معين، يمكن للمستثمرين النشطين تعديل محافظهم استجابة لظروف السوق المتغيرة. يمكن أن يشمل ذلك بيع الأوراق المالية التي تم المبالغة في تقديرها أو انخفاض الأداء، أو إعادة تخصيص رأس المال للقطاعات أو الأوراق المالية التي من المتوقع أن يتفوق أداؤها في المستقبل.
  3. يوفر الاستثمار النشط أيضًا للمستثمرين تحكمًا أكبر في محافظهم الاستثمارية. اذ بإمكانهم اختيار الأوراق المالية التي يستثمرون فيها ومقدار تخصيصها لكل منها، مما يسمح لهم بتكييف محافظهم مع تفضيلاتهم الفردية وتحمل المخاطر.

 عيوب الاستثمار النشط:

  1. أحد العوائق الرئيسية هو ارتفاع تكلفته. نظرًا لأن الاستثمار النشط يتطلب المزيد من البحث والتحليل أكثر من الاستثمار السلبي، فإنه يأتي عادةً برسوم ونفقات أعلى. هذا يمكن أن يأكل في العوائد ويقلل من الأداء العام للمحفظة.
  2. مخاطره عالية نظرًا لأن المستثمرين النشطين يحاولون التفوق في الأداء على السوق، فإنهم يتحملون مخاطر أكبر من المستثمرين الخاملين الذين يتتبعون ببساطة أداء السوق. يمكن أن يؤدي هذا إلى تقلبات أكبر واحتمال حدوث خسائر كبيرة إذا لم يعمل السوق كما هو متوقع.

       أخيرًا، يجادل بعض النقاد بأن الاستثمار النشط قد يكون له تأثير سلبي على الأسواق المالية الأوسع. من خلال التركيز على المكاسب قصيرة الأجل والتداول الاستراتيجي، قد يساهم المستثمرون النشطون في تقلبات السوق وتقليل كفاءة السوق، وفي النهاية، يعتمد الاختيار بين الاستثمار الخامل والنشط على التفضيلات الفردية وتحمل المخاطر وأهداف الاستثمار.

المصادر:

  1. Bodie Zvi, Kane Alex, &Marcus, Alan J., 2018,” Investment”, 11th ed, MC GRAW-HILL Companies, INC., US.
  2. Reilly, Frnak C. & Brown, Keith G. Sanford J. Leeds  (2018) “Investment Analysis and Portfolio Management” 11th ed.