أين شركاتنا من الحوكمة… ؟!!
د.جمال شحات
يشهد العالم خلال السنوات الحالية نظاما اقتصاديا عالميا جديدا مصحوباً بالتطورات الحثيثة المتسارعة في مجال تكنولوجيا المعلومات. وكغيرها من المجالات انعكست تلك التطورات على المحاسبة، ولاشك أن هذه التطورات في بيئة الأعمال كان لها انعكاساتها على المحاسبة فاثيرت التساؤلات عن مدى ملاءمة التقارير المالية بشكلها الحالي والقواعد التى تعد على أساسها, وظهرت الحاجة الى أشكال جديدة من خدمات الفحص التي يمكن أن يؤديها المحاسبون كأصحاب مهنة متمرسين في اداء عمليات الفحص. و أدى ذلك إلى ظهور نوع من الخدمات التى يمكن أن تؤدى من قبل المراجعين الخارجيين (المحاسبين القانونيين), الا وهى (Assurance Services” “خدمة إضفاء الثقة على المعلومات” ” والتى عرفها المعهد الأمريكي للمحاسبين القانونيين بأنها ” الخدمات المهنية المستقلة التى تحسن جودة المعلومات وسياقها”.
وعلى الصعيد العربي قامت الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين بإصدار معيار ” فحص التأكيدات” وذلك فى 5/3/ 1421/ ه. و الآن وبعد مرور أكثر من تسع سنوات على إصدار هذا المعيار, ومع التطورات المتلاحقة التى تشهدها سوق المال بالمملكة العربية السعودية فان هذه الدراسة تحاول معرفة واقع خدمة فحص التأكيدات وإضفاء الثقة على المعلومات في سوق المال بالمملكة العربية السعودية من خلال العبارات الخمس والعشرين التي احتوتها الاستبانة حسب المتوسط الحسابي ولانحراف المعياري لكل منها، وكذلك عن طريق قياس مدى معنوية هذا التأثر وذلك باستخدام اختبار t-test و الممارسة الفعلية للخدمات التوكيدية لمكاتب المراجعة لإضفاء الثقة على المعلومات وهل بوجد فروق معنوية (جوهرية) بين الآراء حسب الخصائص الشخصية لأفراد العينة.
وتعد ” حوكمة الشركات ” من الموضوعات المهمة التي حظيت باهتمام كبير من قبل إدارة الشركات والجهات التشريعية والرقابية على المستويين : المحلي والدولي. كما أن التطبيق السليم لحوكمة الشركات وكذلك الالتزام بمعايير الإفصاح والشفافية من العوامل التي تؤدي إلى الارتقاء بأداء الشركات والمؤسسات العامة ويعزز مساهمتها في الاقتصاد المحلي وفي المجتمعات التي تزاول فيها نشاطها بما يرقى إلى بيئة العمل العالمية ويأتي هذا المؤتمر كخطوة نحو تفعيل هذا الهدف. إذ أن مواجهة التحديات التي تفرضها العولمة والانفتاح الاقتصادي ومتطلبات اقتصاد السوق والأزمات المالية العالمية تتطلب تحسين ممارسات وتشريعات حوكمة الشركات , والاستفادة من التجارب الدولية الرائدة.
وقد عقد المؤتمر العالمى الاول لحوكمة الشركات فى رحاب جامعة الملك خالد منذ فترة وقد القيت الكلمات ووضعت الابحاث والدراسات من العديد من الباحثين والخبراء فى مجال الحوكمة .و يهدف المؤتمر إلى دراسة ومناقشة إجراءات وممارسات حوكمة الشركات على المستويين المحلي والدولي وذلك باستثارة الأبحاث ودراسة الحالات الرائدة والخلاقة في هذا المجال, وعرض التجارب والممارسات العملية الرائدة فيه. كما يهدف المؤتمر إلى توفير آلية لتنفيذ مبادئ حوكمة الشركات من خلال عقد عدد من ورشات العمل التدريبية وحلقات النقاش لتجارب رائدة في هذا المجال.
وقد سعى المؤتمر إلى استقطاب الباحثين الأكاديميين والمهنيين المهتمين بجوانب البحث المختلفة في مجال “حوكمة الشركات” . كذلك استهدف المؤتمر مشاركة المدراء التنفيذيين والإدارة العليا في القطاعين العام والخاص, بالإضافة إلى خبراء التدريب والاستشارات في الحوكمة على المستويين: المحلي والدولي ومن ثم فإن أنشطة المؤتمر لم تقتصر على عرض الأبحاث والدراسات وأوراق العمل النظرية بل شملت حلقات نقاش وورش عمل لعرض تجارب عملية في هذا المجال.
وقد اعجبنى بحث هام فى المؤتمر عن إشكالية المصطلح في الفكر الإداري العربي بالتطبيق على مصطلح Governance توصيف منهجي للإشكالية وإطار مقترح لعلاجها.
ينطلق هذا البحث من وجود مأزق اصطلاحي مستفحل في الفكر العربي المعاصر ومنه الفكر الإداري العربي على نحو ُيضعف من القدرة على الاستجابة لتحديات ومتطلبات مشروعنا الحضاري العربي الإسلامي، ويسعى البحث إلى الإسهام في التغلب على الإشكالية الاصطلاحية في الفكر الإداري العربي؛ عبر إيجاد توصيف منهجي لتلك الإشكالية بما في ذلك تلمس أبرز مظاهرها وتحديد أهم الانعكاسات المترتبة عليها في مجالي الفكر والسلوك الإداريين؛ في منهجية علمية تروم بلورة إطار مقترح لعلاج تلك الإشكالية، وذلك بالتطبيق على مصطلح إداري حديث ومستجلب من الفكر الإداري الغربي وهو مصطلح Governance “الحوكمة – وفق الترجمة الأشهر في الأدبيات العربية”، ويرتكز توصيف الإشكالية الاصطلاحية على استيعاب ماهية المصطلح وأهميته في بناء النظريات والنماذج وتحسين الممارسات العملية، وتحديد خصائص فعاليته وأبرز إشكاليات المصطلح في الفكر العربي، مع مناقشة معمّقة لمسألة التحيز بالتركيز على مصادر التحيز الاصطلاحي، كما تتبع البحث الأدبيات العلمية المتخصصة من أجل تفهم تشكّل وتطوّر مصطلح “الحوكمة” في الأدبيات المصنّعة له وفي الأدبيات المستهلكة له أيضاً، بغية الخلوص إلى نتيجة محددة حول مستوى فعالية ذلك المصطلح في البيئة الإدارية العربية في ضوء الخصائص التي تم استخلاصها من الأدبيات العلمية في مجال المصطلح.
وفي إطار العلاج المقترح للإشكالية الاصطلاحية، شدّد البحث على حتمية الإبداع كحل للخروج من المأزق الاصطلاحي في الفكر الإداري العربي في ضوء عناية أكبر ب “المسألة المعرفية” – الإبستمولوجية – ومسألة “فقه التحيز”، وقد خلص البحث إلى وجود فروق ملموسة بين “المجتمعات المبدعة” و”المجتمعات المقلدة” ، حيث تقوم المجتمعات المبدعة على مدخل “الحاجة- المصطلح” ، باعتبار أن الحاجة الفعلية في تلك المجتمعات هي التي تدفعهم إلى إنتاج مصطلحات تستجيب لاحتياجاتهم وتتلاءم مع إطارهم الثقافي الحضاري؛ بخلاف المجتمعات المقلدة حيث تعتمد على مدخل “المصطلح- الحاجة”، على اعتبار أن نقل أو استجلاب المصطلح من بيئة ثقافية أخرى يدفع بالعقل في المجتمعات المقلدة لاستكشاف الحاجات في نهج يفتقد للإبداع ويتأسس على النقل الميكانيكي للأفكار ويعتقد بأن الحاجات بالضرورة هي “حاجات معولمة”. ووضع البحث ثلاث خطوات عملية مقترحة من شأنها تغذية الإبداع في مجال المصطلحات في الإدارة العربية:
(1) تعزيز الممارسة البحثية الكيفية “النوعية”،
(2) تأسيس علم المصطلح الإداري “الاصطلاحية الإدارية” ،
(3) عدم الترجمة الحرفية “الإبداع الاصطلاحي”،
وقد أُختتم البحث ببعض التوصيات العملية للباحثين والمؤسسات العربية. وكل ما سبق جميل وعظيم وهذا الاهتمام المتزايد شىء رائع ولكن لى تساؤل هام . هل شركاتنا تلتزم بمبادىء الحوكمة وبمضمونها وجوهرها؟ ام تلتزم بالامور الشكلية ذرا للرماد فى العيون وحتى يتحدث الرؤساء التنفيذيين بأنهم يطبقون مبادىء الحوكمة . كما كانوا يتفاخرون بأنهم كانوا يطبقون معايير الشفافية والافصاح وهم ابعد ما يكونوا عنها وما حدث فى الازمة العالمية وما تبعها من تأثيرات اقليمية لهو خير شاهد على غياب هذه المبادىء وهذه المعايير.
انى اطرح هذا التساؤل وارجو ان تجيبونى عليه اعزائى القراء!!
اين شركاتنا من حوكمة الشركات ؟!!!