الحكومة الجديدة وريادة الاعمال:
بقلــــم ا.د.حمزة محمود شمخي
من المؤكد ان مستويات الفقر والبطالة وزيادة الطبقات الهشة في العراق قد وصلت الى مستويات غير مسبوقة،ادت الى زيادة حالات العنف الاسري والاستغلال الجنسي التي تميز بها المجتمع العراقي ،بسبب ضعف المسار الاقتصادي وفقدانه لاستراتيجية فاعلة للحد من الفقر والبطالة والاعتماد الكلي على الريع النفطي دون اي اصلاح اقتصادي آني.
لقد اعتمدت الدول المتقدمة على استراتيجيات خاصة للحد من مستويات الفقر والبطالة في مقدمتها استراتيجية(ريادة الاعمال)،حيث وجدت فيها اسلوبا اقتصاديا فاعلا كونها تضمن عملية الابداع والابتكار وتحقق ديناميكية لتكوين ثروة متزايدة ذات قيمة لها تاثيرها على رفاهية الافراد والمجتمع من خلال اقامة بنى(تحتية قادرة على الصمود امام قضايا الفقر والبطالة،اضافة الى قدرتها في استغلال الموارد المتاحة وتحويلها الى فرص اقتصادية غير مسبوقة).
وجاء هذا الاهتمام بعد ان(استفاق)الاقتصاد العالمي، وأدرك القائمون عليه أهمية إنعاشه بقطاع ريادة الأعمال باعتباره الحلقة(الأضعف والأصغر من حيث الحجم،والأقوى والأكبر من حيث العدد والتأثير) في الناتج المحلي والذي يعد معيار للرفاهية،مما يعني ان لريادة الأعمال دور كبير في(سياق التنمية الاقتصادية وتجديد النسيج الاقتصادي للدول من خلال إعادة التوازن للأسواق ورفع من مستويات الإنتاج وتشجيع الابتكار والإبداع والقضاء على البطالة)والحد من الفقر.
ان ريادة الاعمال لها دور اقتصادي ايجابي فاعل حيث ان تحققها يضمن:
- تحسين الوضع المالى
- خلق أسواق جديدة
- توفير مزيد من فرص العمل التي ترضى وتناسب القوى العاملة
- تطوير المزيد من الصناعات خاصة في المناطق الريفية التي لم تستفيد بالتطورات الاقتصادية
- التشجيع على تصنيع المواد المحلية في صورة منتجات نهائية سواء للاستهلاك المحلى أو التصدير
- التشجيع على استخدام التكنولوجيا الحديثة على مستوى الصناعات الصغيرة لزيادة الإنتاجية.
ان ريادة الأعمال ليست شيئا سهلا حيث أن معظم الشركات الجديدة غير المنظمة جيدا تفشل،ولكي تكون ريادة الاعمال منتجة وذات اثر فاعل في الاقتصاد العراقي،فان الامر يستلزم تنظيمها ورعايتها من خلال القوانين التي يجب ان تشرع،لأن ريادة الأعمال غير المنظمة قد ينتج عنها(نتائج اجتماعية غير مرغوب فيها وممارسات غير عادلة في السوق، والفساد، والأزمات المالية بل حتى ازدياد النشاط الإجرامي).
وريادة الاعمال (Entrepreneurship)
او(الاعتمار)كمعنى بديل،هو مصطلح اداري اقتصادي ظهر في الثمانينات من القرن الماضي عندما عرض الموضوع رائد الادارة المبدع Peter Druker في كتابه المميز Innovation And Entrepreneurship(الابداع وريادة الاعمال)في عام 1985،حيث اكد على مجتمع ريادة الأعمال ودورها في النمو الاقتصادي في الدول.وفسر ذلك بان ريادة الأعمال تعتمد على نظرية للاقتصاد ترى أن التغيير شيء طبيعي وصحي(وأن المهمة الرئيسة في المجتمع تقوم بفعل شيء مختلف بدلا من إعادة ما تم القيام به ولكن بشكل أفضل).
يقصد بريادة الاعمال(إنشاء مشروع اقتصادي حر يتسم بالإبداع ويتصف بالمخاطرة)او انه الاستعداد(لإدارة وتنظيم وتطوير شركات الاعمال بالتزامن مع التأثر بالمخاطر بهدف الوصول إلى الأرباح).كما ينظر لها(عملية خلق نوع جديد من الشركات التي لم يسبق القيام مثلها،أو تطوير شركة قائمة بأعمالها وتسخير الفرص المتاحة لتطوير هذه الشركة والتقدم بها).
تبنى ريادة الأعمال على ثلاث عناصر هي( الابتكار والمبادرة والعائد المادي).بمعنى ان ريادة الأعمال هي مبادرة بتاسيس عمل ابداعي عن طريق الاستفادة من(الموارد المتاحة،والعمل،ورأس المال).ولضمان نجاحها فان رائد الاعمال يجب ان يتمتع بصفات(كالإقدام والصبر والتصميم على النجاح والتعامل مع العقبات)والاهم تحمل المخاطر.
وتختلف أنشطة ريادة الأعمال بأختلاف نوع النشاط الذي تتبعه هذه الشركات الناشئة.وتتراوح ريادة الأعمال بين شركات فردية(غالبا ما يعمل فيها الرائد بمفرده) او خلق نوع جديد من الشركات التي لم يسبق القيام بمثلها، أو تطوير شركة قائمة بأعمالها وتسخير الفرص المتاحة لتطوير هذه الشركة والتقدم بها بأسلوب ابتكاري ومستحدث.
ولاهميتها وتاثيرها على الاقتصاد والفكر الإداري الاستراتيجي ،يجب على القائد الريادي الذي يكلف بادارة هذه الشركات استخدام أساسيات الإدارة عند(اختيار النمط الخاص بالسلوك القيادي)وان يكيف سلوكه القيادي وفق مميزات ريادة الاعمال.
ينتظر من الحكومة الحضارية الجديدة التوجه نحو ريادة الاعمال وذلك بطرح المشاريع التي تنطوي على(عنصر المخاطرة والخروج من دائرة التقليد إلى فضاء الإبداع من خلال تطبيق الأفكار الجديدة والعمل على تحويلها إلى مشاريع استثمارية خلاّقة ذات قيمة مضافة وربحية عالية)وفي نفس الوقت تسهم في خلق فرص الوظائف بغية الإسهام في المسؤولية الاجتماعية من خلال الريادة الاجتماعية.