الصناديق السيادية ،كيانات تحوط للازمات(3):
(الحوكمة و الادارة الرشيدة )
ا.د.حمزة محمود شمخي
في نهاية المقال الثاني(الصناديق السيادية ،كيانات تحوط للازمات)تم التاكيد على ان الادارة تعد المتغير الاهم عند التفكير بانشاء صندوق سيادي لضمان حق الاجيال القادمة في ثروة بلادهم.وما قصدنا من ذلك هو ضبط جوانب الحوكمة وممارسة الادارة الرشيدة،لادارة وتنظيم آليات الاستثمار والرقابة ومتابعة استثمارات الصندوق من اجل خلق شفافية واضحة ورقابة صارمة، والا سوف ينخره الفساد مثل ما نخر بعض القطاعات الاستثمارية.
والمعروف ان الحوكمة والإدارة الرشيدة يحملان نفس الدلالة الرقابية(إلا أن رشد الادارة هو مصطلح الممارسة العلمية للحوكمة).
يقصد بالحوكمة governance هي (النشاط الذي تقوم به الإدارة. وهي تتعلق بالقرارات التي تحدد التوقعات، أو منح السلطة، أو التحقق من الأداء)وبهذا التحديد فان الحوكمة سوف تضمن الشفافية والكفاءة، والفاعلية، والاستدامة، والأثر.
ونتيجة زيادة الفساد الإداري والمالي والتعمد في افتقار الإدارة للنزاهة والشفافية في معاملاتها، زاد اهتمام الدول بالحوكمة لمراقبة الصناديق السيادية لديها،فالحوكمة( تعتبر آلية للحد من الممارسات السلبية، وتعمل على تطوير الصناديق وتحسين أدائها) حيث تضمن الأسلوب الناجح لتشجيع الدول على( فتح افاق التعاملات في ظل وجود القوانين المتكاملة والسليمة).
اما الادارة الرشيدة (Stewardship)هي الادارة القائمة على( اخلاقيات العمل وتحمل المسؤولية تجاه الافراد والموارد المتاحة التي يجب استغلالها بشكل كفء رشيد).
وعادة ما يوظف النظام الرشيد للإدارة قوة محافظة على أموال الصندوق من الهدر والاسراف تحت المظلة القانونية والتشريعية بما يتلاءم وينسجم مع المتغيرات التي تحصل في البيئات الاقتصادية المختلفة ، وضمان حقوق المتعاملين مع مؤسسات التابعة للدولة. وهذا ما يجعل توصيتنا منصبة حول استخدام الحوكمة والادارة الرشيدة لانها ضرورة ضامنة لجعل صندوق الاجيال السيادي المتوقع انشاءه بعيدا عن التدخل السياسي وأن يتمتع بإطار تشريعي قوي وإدارة رشيدة محترفة وهو ما سيجعل اموال الصندوق تنمو بشكل مضطرد وتعظم اصوله الاستثمارية برفع قيمتها السوقية،وتكوين محافظ استثمارية مثلى، وخلق توازن بين العائد المطلوب ودرجة المخاطرة ،وهي قواعد الفكر المالي ،وبهذا نكون قد أحطنا الصندوق بشفافية مثلى،ورقابة صارمة لكي نضمن حقوق الاجيال القادمة التي انشأ الصندوق من اجلها ،وايضا ضامنا لحقوق المحافظات التي قد تنشأ صناديق ثروة سيادية خاصة بها وفق مقترحنا السابق.
ولهذا تعتبر الحوكمة نتيجة نهائية لعمليات متعددة الأوجه وطويلة الأمد يجب التخطيط لها جيدا وتنفيذها بعناية، وأن يكون هناك إيمان لدى القائمين على الصندوق بالأثر الإيجابي لتطبيق هذه المبادئ من اجل ضمان الشفافية بحيث تشمل هيكل وعناصر وعمليات يتم ربطها وترتيبها كأساسات للإدارة الرشيدة، ويتم من خلالها الاستغلال الأفضل للموارد الموجودة، وإدارتها بصورة سليمة،وفق معايير معينة،مثل(الكفاءة، الفاعلية، والاستدامة، والأثر).
ان الحوكمة والادارة الرشيدة أفضل الممارسات الدولية في مجال(شفافية المالية العامة وحوكمة إدارة الصناديق السيادية وفق مبادئ الاستثمار المسؤول، وأن تسعى الإدارة المالية العامة بالتنسيق مع السلطة التشريعية لتحقيق ذلك لتكون في مصاف الدول ذات التصنيف العالي في مؤشرات شفافية الصناديق السيادية).
ولضمان ذلك ظهرت القواعد المنظمة لادارة الصناديق السيادية والمعروفة بمبادئ سانتياغو Santiago Ptinciples لحوكمة الصناديق السيادية التي(وضعت من أجل المنفعة المتبادلة للدول المصدرة والمتلقية لرأس المال ،بالإضافة الى مؤشرات قياس وتصنيف صناديق الثروة السيادية)
ومبادئ سانتياغو توجت بصياغة-24 مبدأ توجيهيا يهدف لتعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية والادارة الاستثمارية الفضلى، مع تشجيع تبني حوار أكثر انفتاحا وتشكيل فهم أعمق لأنشطة الصناديق السيادية.
ويطلق عليها ايضا المبادئ والممارسات المتعارف عليها(وهي اجراءات ومعايير موحدة GAPPتتعلق بطبيعة عمل واهداف صناديق الثروة السيادية وتحديد اطار يعبر بدقة عن متطلبات الشفافية والافصاح والحوكمة والمسائلة وادارة المخاطر)
وتشمل الأهداف التوجيهية الناتجة عن هذه المبادئ ما يلي:
1.وجود هيكل حوكمة قوي وشفاف يوفر سيطرة تشغيلية ملائمة وإدارة للمخاطر مناسبة وتحملا للمسؤولية .
2.التأكد من تطبيق المتطلبات القانونية والتشريعية ومتطلبات الإفصاح في الدول التي تستثمر بها الصناديق السيادية.
3.التأكد من أن الصناديق السيادية تستثمر وفقا لاعتبارات اقتصادية وأهداف مرتبطة بالأخطار والعوائد المالية.
4.المساهمة في الحفاظ على نظام مالي عالمي مستقر وحرية تدفق وانتقال الأموال والاستثمارات.
والسؤال هل سينفذ الصندوق السيادي لضمان حق الاجيال القادمة في ثروة بلادهم المستنفذة؟
نتمى ذلك في ان يكون اول تشريع لمجلس النواب القادم.