You are currently viewing الامن الغذائي والامن المائي ثنائية بيئية متكاملة:

الامن الغذائي والامن المائي ثنائية بيئية متكاملة:

الامن الغذائي والامن المائي ثنائية بيئية متكاملة:
ا.د.حمزة محمود شمخي


من الموضوعات المثيرة لاهتمام الدول الحضارية هما الامن الغذائي والامن المائي حيث يشكلان ثنائية Binary لاستقرارها ورقيها الاجتماعي والاقتصادي. وعندما نتكلم عن هذه الثنائية فاننا نتكلم عن ثنائية(بيئية متكاملة) احدهما يكمل الاخر.فلا سبيل إلى تحقيق(الأمن الغذائي إلا جنبا إلى جنب مع الأمن المائي).
يقصد باﻷﻣﻦ اﻟﻐﺬاﺋﻲ، ﺣﺴﺐ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻷﻏﺬﻳﺔ واﻟﺰراﻋﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ FAO(ﺗﻮﻓﻴﺮ اﻟﻐﺬاء ﻟﺠﻤﻴﻊ أﻓﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻟﻜﻤﻴﺔ واﻟﻨﻮﻋﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺘﻴﻦ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺎﺣﺘﻴﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﺑﺼﻮرة ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻴﺎة ﺻﺤﻴﺔ وﻧﺸﻄﺔ).
ويتحق الأمن الغذائي(عندما يكون لجميع الناس إمكانية الوصول المادي والإقتصادي لشراء أو إنتاج أو الحصول على أو استهلاك أغذية كافية ومأمونة ومغذية، لتلبية احتياجاتهم من أجل حياة صحية ونشيطة).
والأمن الغذائي لاي دول لايخرج عن كونه مطلبا شعبيا، وانما هو جزء من المسؤولية الاخلاقية الاجتماعية والاقتصادية للدولة ومن خلاله يمكن تحصين المجتمع من المجاعة،بسبب نقص امدادات الغذاء او بسبب غلاء الاسعار،وهو ايضا يعد هدفا من اهداف التنمية المستدامة.
لقد ذكر الامن الغذائي في القران الكريم باكثر من آية،
{فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ*الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}قريش4،3.{فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ} عبس24.
وهذا يعني ان واجب الدولة شرعا أن تؤمّن الحاجات الغذائية لأفرادها وتحصينهم من المجاعة والفقر والجوع والخوف،وتكون الزراعة هي القاعدة في التحصين لانها تضمن الاطعام الدائم .
ويشكل الأمن الغذائي امام الدول مفهوما معقدا ومتشعبا لشموله على أبعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية ولهذا يعد احد اهم مسؤوليات الدولة الحضارية الحديثة.
وبعد ازمة كورونا التي هزت الاقتصاد العالمي وما تلاهى من الحرب الروسية الاوكرانية وتعقد العلاقات الدولية فقد خلقت تداعيات سلبية(أججت أسعار الغذاء في السوق الدولية بسبب تعطيل صادرات الغذاء والحبوب من الدولتين،فضلا عن تهديدات تخص نقله وما يتطلب من أمن للسفن والعاملين في الزراعة والنقل) لذلك عاد ملف الأمن الغذائي يطرح نفسه من جديد وبقوة فى ظل النقص الحاد في الخزين الاستراتيجي وباتت أزمة تهديد قاسية شبيه بأزمة الغذاء التى شهدها العالم عام 2008.
والامن الغذائي لاي دولة يقييم دوليا بمؤشر الأمن الغذائيّ العالمي (Global Food Security Index)الذي‏ يتألف من مجموعة مؤشرات فرعية.
الركن الثاني في هذه الثنائية هو الامن المائي الذي يضمن الحياة والعمل،وتقدره الأمم المتحدة بنحو 1000متر مكعب للفرد في العام،رغم ان المعدل العالمي هو 6000متر مكعب.
ولاهمية ذلك نجد ان الأمم المتحدة ومنذ عام 1992 حددت يوم 22آذار ليكون اليوم العالمي للمياه، وفي كل عام يحمل هذا اليوم جرس إنذار للدول (لتعيد ترتيب أوضاعها تجاه قضية المياه).
 لقد اثيرت في الاونة الاخيرة تحليلات عن احتمال دخول العراق في حالة الفقر المائي وارتغاع مؤشره بسبب العديد من المتغيرات منها انخفاض منسوب المياه في النهرين العظيمين بسبب مشاريع السدود في دول المنبع علما ان تركيا تزود العراق بالمياه بنسبة71%،
وإيران 6.9%وسوريا4%والباقي من الداخل،وايضا ضعف الامطار،والمتوقع(انخفاضها بنسبة 25% بحلول عام 2050 وتاثره بالتغير المناخي)الذي ادى الى تصحر الكثير من الاراضي،مع التعدي الواضح على الاراضي الزراعية وتحويلها الى اراضي سكنية.
ولاهمية المياه في حياة الناس فقد جسدها الله في كتابه المحكم 63 آية في سور مختلفة،قوله تعالى:
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} الحجر(22)آية تنبه العباد لهذه النعمة العظيمة في حياتهم.
في العراق يبلغ متوسط نصيب الفرد من المياه الصالحة(للشرب فقط) 144.9م3 سنويا، بينما المطلوب (164.3م3 ) لتكون الفجوة (19.3م3) سنويا ،وفق تقرير خطة التنمية الوطنية العراقية 2018-2022 لوزارة التخطيط.
وتشير الدراسات ان إجمالي معدل الاستهلاك لكافة الاحتياجات بنحو 53 مليارم3 سنويا،بينما تقدر كمية مياه الأنهار في المواسم الجيدة بنحو 77 مليار م3، وفي مواسم الجفاف نحو 44 مليار م3، وإن نقص واحد مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني خروج 260ألف دونم من الأراضي الزراعية من حيز الإنتاج). اذا هناك إجهاد مائي وتدني في حصة العراق ونصيب الفرد من المياه.
ان محور هذه الثنايية في العراق هو القطاع الزراعي الذي اصبح هشا ومحدود المساهمة في الناتج المحلي الاجمالي للاقتصاد بحجة الفقر المائي، وعلى الحكومة ان تدرك مخاطر إنزلاق العراق دون مؤشرخط الفقر الغذائي ومؤشرخط الفقرالمائي، وانفصال قطبي هذه الثنائية ينذر بعواقب مخيفة من الفقر والجوع والخوف.ومن هنا عليها ان تعيد الحياة للقطاع الزراعي وزيادة انتاجته باصلاح الارض والفلاح لان الزراعة كرامة المجتمع والاقتصاد.

اعداد الخبر: م. مبرمج فاطمة نادي علي حسين